تُنتَج صلصة التوت البري التي تصاحب أطباق الديك الرومي الموجودة تقليدياً على كل الموائد خلال عيد الشكر في الولايات المتحدة، بفضل حصاد هذه الفاكهة الحمراء الحمضية الصغيرة التي تتأثر نوعيتها وكميتها في شكل متزايد بتغير المناخ.
ففي ولاية ماساتشوستس الصغيرة في شمال شرق الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر منتج لهذه المحاصيل في البلاد بعد ويسكونسن، يتكيف المزارعون مع ظروف بيئية تزداد حدتها تدريجاً.
وتدفع زراعة التوت البري فاتورة مزدوجة جراء الجفاف وأيضاً المتساقطات الغزيرة.
لكن في شهر تشرين الأول الجاري، داخل مزرعة بيلي ماكافري في تاونتون جنوب بوسطن، كان الحصاد السنوي "مذهلاً" هذه السنة، وفق هذا المدرّس السابق البالغ 70 عاماً والذي اختار التحوّل إلى مجال الزراعة.
هذا الرجل الذي يغوص حتى مستوى الوسط داخل مستنقع من الحبات الحمراء التي يجمعها بالاستعانة بشباك كبيرة، يكاد لا يصدق عينيه.
ويقول الرجل السبعيني الذي يعمل في مزرعته مع زوجته ماري، "لماذا تتعاقب السنوات مع مواسم جيدة وأخرى سيئة؟ لا نعرف شيئاً عن سبب ذلك لكننا نأمل فقط بأن نتمكن من الاستمرار في تأمين قوتنا من هذا العمل".
وكان الزوجان ماكافري يخشيان تسجيل موسم سيء جداً في 2022، بعد عام 2021 الذي شهد أحد "أسوأ" محاصيل التوت البري في التاريخ الحديث، بحسب براين ويك المسؤول في جمعية المنتجين المحليين.
ويوضح الخبير لوكالة فرانس برس أن "الأمر ناجم بدرجة كبيرة عن الأمطار والمناخ الذي ساد في منطقة الكروم، وهي ظروف مثالية للتسبب بالاهتراء ونمو الفطريات".
هذه السنة، في المقابل، كان الربيع والصيف جافّين للغاية، ما أرغم المزارعين على استخدام آبارهم للري بالاعتماد على أنظمة مرتبطة بمستشعرات متصلة بألواح شمسية وبتطبيق رقمي على هاتف الزوجين ماكافري وكومبيوترهما.
ولا يزال من المبكر التكهن بنوعية الثمار، لكن جمعية المنتجين المحليين تعول على إنتاج كميات هائلة في ماساتشوتس.
كما أن كيث مان البالغ 54 عاماً، يبدو أكثر تنبهاً لتبعات التغير المناخي. ففي مزرعته عند خليج بازاردز، يستخدم ألواحاً شمسية وطاقة الرياح لتشغيل مضخات المياه وتوفير الطاقة.
ويقول، "لست متأكداً من أن معدل الحرارة يرتفع، لكن الأوضاع المناخية القصوى هي التي تلحق بنا الضرر".
ويضيف أننا "شهدنا على صيف جاف بالكامل أرغمنا على زيادة مستويات الري. ثم في نهاية الصيف، تسبب أمطار غزيرة بفيضانات ونمو فطريات"، لذا نعاني "ألماً مضاعفاً".
لكنّ كيث مان والزوجين ماكافري يعدون بأن أحداً لن يحتاج إلى تخزين صلصة التوت البري لاستخدامها في عيد الشكر المصنف أبرز الأعياد العائلية في الولايات المتحدة، حيث تجتمع العائلة لإحيائه في رابع يوم خميس من كل شهر تشرين الثاني.
ويتكيف المزارعون مع التغير المناخي لإنتاج أنواع جديدة من الفواكه المحولة عبر التعاونية الزراعية الضخمة "أوشن سبراي" في ماساتشوستس.
ويقول بيلي ماكافري، "نستيقظ كل صباح من أجل عيد الشكر. هذا محركنا"، لكن "سيتعين تكوير تقنياتنا الزراعية".