النهار

التغير المناخي ليس السبب الوحيد لموجات الهجرة الجماعيّة
المصدر: "النهار"
التغير المناخي ليس السبب الوحيد لموجات الهجرة الجماعيّة
هجرة جماعية.
A+   A-
رأى خبراء فرنسيون أن التغيّر المناخيّ لن يدفع حتماً نحو حركة هجرة جماعيّة خلال السنوات المقبلة، لكنه سيزيد من حدّة الأزمات والصراعات التي تولّد في الأصل حركة نزوحٍ داخليّ في بلدان الجنوب.

يأتي هذا الخطاب في اتجاه معاكسٍ لما يقوله خبراء المناخ في الأمم المتحدة أو في منظمات مثل البنك الدولي الذي يقدّر أنّ أكثر من مليون شخصٍ سيضطرون إلى الهجرة بسبب تداعيات الاحتباس الحراري والجفاف والأعاصير.

لكنّ هذا الرقم "مزيّف" بالنسبة إلى الاختصاصي في علم السكان فرنسوا هيران الذي يدير البحوث حول الهجرة في معهد "كوليج دو فرانس". وأضاف خلال طاولة مستديرة مخصّصة لمناقشة قضيّة "مهاجري المناخ" عقدت الإثنين في باريس، "القول إن التدهور المناخي وارتفاع مستويات المياه سيتسبّبان حتما بحركة هجرة دوليّة هو فكرة تبسيطيّة غير مثبتة على الإطلاق".

وتابع الباحث الذي درس التقاطعات بين النزوح وصور الأقمار الاصطناعيّة الشاهدة على التغيرات المناخيّة، أنّ "هناك أسبابا أخرى سياسيّة واقتصاديّة واجتماعيّة تتفاعل" مع التغيّر المناخي لتوليد هجرة "متعددة العوامل".

وبالتالي، من بين قرابة 60 مليون نازح داخليّ أحصاهم المركز الدولي لرصد النزوح (IDMC)، كم منهم يرتبط مباشرة بالتغير المناخي؟.

عام 2022، نزح 33,7 مليون شخص بسبب كوارث طبيعيّة، ويشمل هذا العدد المدفوعين بعوامل جيو- فيزيائيّة موجودة منذ أقدم العصور مثل ثوران البراكين وانزلاقات التربة، والزلازل... وإذا حصرنا العوامل بالعواصف والفيضانات والجفاف، يصبح العدد 22 مليوناً.

بالنسبة إلى أستاذة الهجرة الدوليّة في معهد العلوم السياسيّة في باريس إيلين تيوليه، "يصعب عزل العامل المتعلّق بالمناخ وهو خاضع للتغيّر، كما يحصل بالنسبة إلى عامل النزاعات". وتوضح، "في كثير من الأحيان، يمكن أن تتشكّل موجة هجرة بسبب تقاطع الكارثة المناخيّة والنزاعات الأمنيّة، أو التقاء التغيّر المناخي مع انعدام الأمن أو القمع السياسيّ".

وتعتقد تيوليه أنّ عدم إيلاء أهمية لهذا الاختلاف ينبع من "النوايا الحسنة" لعلماء مناخ "ركزوا على الهجرة لتظهير مخاطر مبالغ بها للتغير المناخي ... في سبيل نشر الوعي البيئي".

ويرى خبراء أنّ الرابط بين التغّير المناخي والنزوح بديهيّ في بعض المناطق.

وتؤثّر هذه الظاهرة على بلدان جنوب-غرب آسيا بدءاً ببنغلادش، وقد تؤدّي الى اختفاء جزر من المحيط الهادئ مثل توفالو وكيريباتي التي اشترت جزيرة في فيدجي لنقل سكّانها إليها في حال ارتفاع منسوب المياه.

وكان أحد سكّان كيريباتي أوّل شخصٍ يقدّم طلب لجوء إلى نيوزيلندا عام 2013 بسبب الاحترار المناخي.

إلا أنّ النازحين بسبب عوامل مناخيّة لا يتحرّكون بعيداً ومعظمهم ينزحون داخلياً أو إلى دولٍ قريبة في الجنوب، والأمر لا يشبه الصراعات السياسيّة والعرقيّة، بحسب الباحثة كاترين ويتول دو-وندن من المعهد الوطني للبحوث العلميّة في فرنسا.

وتقول تيوليه إن "الفرق بين النازح (بسبب المناخ) واللاجئ أنّ الأخير لم يبق له خيار إلاّ المغادرة، إلا أنّ الكوارث الطبيعيّة تخلق أيضا عاملاً من الإكراه".

وتشرح قائلة إن "التصحّر عاملٌ حاسمُ في دفع الناس نحو اتخاذ قرار الهجرة، لكن على أرض الواقع لا أحد يوجّه مسدساً إلى رأسهم لإجبارهم على الرحيل".


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium