تُحدث منصّات الذكاء الاصطناعي التوليدية (generative AI) ثورة في صناعة العلاقات العامة من خلال أتمتة المهام الأكثر تعقيداً للوظيفة، ممّا يسمح لمتخصّصي العلاقات العامة بالعمل بكفاءة وفاعلية أكبر. وطالما يتمّ الإشراف عليه من قِبل البشر، يمكن أن يؤدّي تطبيق الذكاء الاصطناعي إلى حملات علاقات عامة أكثر إقناعاً، فهو يؤدّي غالبية العمل، ويضيف البشر اللمسات النهائيّة لتحقيق أفضل النتائج.
في مقال للمؤسِّس المشارِك والرئيس التنفيذي لشركة Propel PRM (منصة لإدارة العلاقات العامة)، زاك كاتلر الذي كان له التأثير التحويلي للتكنولوجيا التي يقودها الذكاء الاصطناعي على صناعة العلاقات العامة، أوضح أنّ ظهور منصات الذكاء الاصطناعي التوليدية التي تمكّن محترفي العلاقات العامة من العمل بكفاءة وفعالية أكبر، شكّل أحد أكثر التطورات إثارة في الأشهر القليلة الماضية. ويتكيّف الأشخاص في مجال الاتصالات بسرعة مع استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، إذ يبدو أنّ التكنولوجيا هذه تنذر بتحوّل كبير في كيفية إجراء اتصالات الشركة في المستقبل. وقال:" أنا متحمّس للفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأعتقد أنّ من خلال تبنّي هذه التكنولوجيا، يمكننا إنشاء المزيد من حملات العلاقات العامة الناجحة التي تفيد عملائنا ومجتمعنا".
ماذا تعمل؟ أو ماذا تفعل؟
المقال الذي نشره موقع Entrpreneur حول رؤية كاتلر لهذه الصناعة، أشار إلى أنّ الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكّن خوارزميات التعلّم الآلي من إنشاء محتوى جديد بناءً على مجموعات البيانات الموجودة. في العلاقات العامة، هذا يعني أنّ الذكاء الاصطناعي يتمّ استخدامه لإنشاء المسوّدات الأولى للبيانات الصحافية والعروض التقديمية، والأهم من ذلك بالنسبة إلى الأشخاص في مجال الاتصالات وبناء قائمة وسائل الإعلام الذي يتطلّب معرفة معمَّقة بالمشهد الصحافي.
كيف يتمّ استخدامه اليوم؟
تختلف مجموعات البيانات التي تتمّ الاستفادة منها لتمكين الذكاء الاصطناعي التوليدي من تخفيف عمل محترفي العلاقات العامة اعتماداً على احتياجات حملة العلاقات العامة. على سبيل المثال، قد يحلّل الذكاء الاصطناعي بيانات وسائل التواصل الاجتماعي لتحديد الموضوعات الشائعة وإنشاء محتوى مخصَّص، والبحث في المقالات السابقة لفهم ما يكتبه الصحافيّ على الأرجح.
بالطبع، كما هو الحال مع أيّ تقنية جديدة، هناك مخاوف بشأن كيف ستغيّر هذه الخوارزميات صناعة العلاقات العامة. أحدها أنّ المحتوى الذي يتمّ إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي قد يفتقر إلى الإبداع والفوارق الدقيقة في المحتوى الذي أنشأه البشر، أو يرتكب أخطاء، أو ينشئ محتوى غير لائق أو مسيء. وفي حين أنّ هذه مخاوف صحيحة، يمكن التخفيف من حدّتها من خلال ضمان تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل كافٍ على مجموعات بيانات جيدة، والأهمّ من ذلك، أنّ النتائج يتمّ تنسيقها وتحريرها بواسطة متخصّصين في العلاقات العامة البشرية الحية والمتنفّسين.
الناس لديهم السلطة
واحدة من أفضل الطرق للعمل مع الذكاء الاصطناعي والتأكّد من حصول متخصِّص الاتصالات على أفضل النتائج، هي التعامل مع أيّ مخرَجات تمّ إنشاؤها كمسوّدة أولى. ويجب على أيّ شخص يستخدم هذه التقنية أن يفهم مخاطر استخدامها، وبالتالي يحتاج إلى تعديل أيّ مادة يتلقّاها من الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، على الرغم من هذه الحاجة إلى التعديل، لا يزال الذكاء الاصطناعيّ بإمكانه إنجاز 70 في المئة من العمل القانوني عندما يتعلق الأمر بإنشاء المحتوى. ومع ذلك، فإنّ نسبة 30 في المئة المتبقية التي يحرّكها الإنسان، تحوّل المسوّدة الأولى الجيدة إلى منتَج نهائيّ قويّ ومقنع.
مصدر قلق آخر هو أنّ الذكاء الاصطناعي قد يحلّ مكان متخصصي العلاقات العامة البشريين تماماً. ففي حين أنّه يمكن للتكنولوجيا أتمتة العديد من المهام العادية في مجال الاتصالات، إلّا أنّ البشر سيظلون دائماً مطلوبين للعمل الاستراتيجي وبناء العلاقات المتأصلة في الوظيفة. لذلك، الخبرة البشرية والحدس سيكونان دائماً ضروريين في صناعة العلاقات العامة، لكنّ الذكاء الاصطناعي سيمكّن متخصّصي العلاقات العامة من العمل بكفاءة وفعالية أكبر.
في النهاية، سيعتمد الدمج الناجح للذكاء الاصطناعي التوليدي في سير عمل محترف العلاقات العامة، بشكل كبير، على التعاون والشراكة بين خبراء الاتصالات البشرية وخوارزميات الذكاء الاصطناعي. وفقط من خلال العمل معاً يمكن لأفراد العلاقات العامة الاستفادة من قوة الذكاء الاصطناعيّ لتحقيق أهدافهم، مع ضمان أن يكون المحتوى الذي ينشئونه أخلاقياً وعملياً ومتوافقاً مع قيمهم وأهدافهم.