النهار

كيف أصبحت 2022 سنة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة حول العالم؟
المصدر: "النهار"
كيف أصبحت 2022 سنة الجفاف وارتفاع درجات الحرارة حول العالم؟
تعبيرية.
A+   A-
يقول علماء إن العالم يشهد هذه السنة واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشاراً منذ عقود، وتُحطم الأرقام القياسية في بعض المناطق. كما أصبحت حالات الجفاف "المفاجئة" أكثر شيوعاً.

يقول بنجامين كوك، وهو أحد كبار العلماء بوكالة الناسا وباحث في مجال الجفاف: "هذه سنة لافتة للأنظار بالنسبة إلى الجفاف في نصف الكرة الشمالي، مع حالات جفاف حارة قياسية أو شبه قياسية تؤثر في وقت واحد على أميركا الشمالية وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والصين".

لكن خبراء يقولون إن مناطق أخرى تضررت بشدة، بما في ذلك شرق إفريقيا وأميركا الجنوبية، ومناطق عدة في آسيا، وبعض أجزاء من أستراليا.

وتعد منطقة القرن الإفريقي من بين المناطق الأكثر تضرراً، حيث تسبب عدم سقوط الأمطار لأربعة مواسم متتالية في ما وصفه نور محمود شيخ، المتحدث باسم الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد)، أنه "أسوأ جفاف منذ 40 عاما"، مشيراً إلى أن هذا كانت له تداعيات على الأمن الغذائي لنحو 50 مليون شخص.
 
 
وتعاني إفريقيا من الجفاف أكثر من أي قارة أخرى، وفقا لتقرير صادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. ومن بين 134 حالة جفاف في القارة بين عامي 2000 و2019، كانت هناك 70 حالة في منطقة شرق إفريقيا، حسب التقرير.

كما أعلنت الصين حالة طوارئ بسبب الجفاف هذه السنة، حيث تسببت درجات الحرارة الشديدة في جفاف بعض الأنهار، بما في ذلك أجزاء من نهر اليانغتسي، ثالث أطول نهر في العالم. وتأثر أكثر من مليوني هكتار من الأراضي الزراعية في ست مقاطعات.

وكُسرت الأرقام القياسية المتعلقة بأدنى مستويات لهطول الأمطار في غرب أوروبا، وفقا لخدمة كوبرنيكوس لمراقبة التغير المناخي، في حين أن دول آسيا الوسطى مثل أفغانستان وإيران تعاني من ظروف جفاف قاسية منذ أكثر من عام الآن.

وفي نصف الكرة الجنوبي، تضررت أميركا الجنوبية بشدة في السنوات الأخيرة.
 
 
وأدى الجفاف إلى انخفاض إنتاج الحبوب في 2020-2021 بنسبة تصل إلى نحو ثلاثة في المئة، في حين عانى وسط تشيلي من 13 عاما من "الجفاف الشديد" - وهي أطول فترة جفاف في المنطقة منذ ألف عام، وفقا لتقرير للأمم المتحدة.

يقول التقرير: "إضافة إلى ذلك، فإن الجفاف الذي استمر لسنوات في حوض بارانا لا بلاتا، وهو الأسوأ منذ عام 1944، يؤثر على وسط وجنوب البرازيل وأجزاء من باراغواي وبوليفيا".

يقول علماء إن حالات الجفاف في الماضي كانت عادة تستغرق مواسم عدة أو سنوات حتى تتطور، لكن هذا الأمر يتغير الآن في العديد من الأماكن.

ويجتمع انخفاض هطول الأمطار مع الحرارة الشديدة لإحداث موجات جفاف سريعة الظهور، كما رأينا في بعض المناطق هذا الصيف في نصف الكرة الشمالي.

يقول روجر بولوارتي، وهو عالم بارز في الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي إن "ما نراه الآن هو ما نطلق عليه حالات الجفاف المفاجئة".

ويضيف، "يمكن أن تستمر هذه الموجات لفترة تتراوح بين شهر وثلاثة أشهر فقط، لكنها قد تكون مدمرة إذا حدثت خلال موسم ذروة المحاصيل، أو مخاطر حرائق الغابات".

ويقول بولوارتي إن البقع الساخنة المعرضة للجفاف المفاجئ موجودة في البرازيل، والساحل الإفريقي، والوادي المتصدع الكبير، والهند، ووسط الولايات المتحدة، وجنوب غربي روسيا، وشمال شرقي الصين.

ومع بقاء أربعة أشهر قبل نهاية السنة، يقول علماء إنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت 2022 ستكون أسوأ بالنسبة للجفاف مقارنة بـ 2012، وهو أسوأ عام في التاريخ الحديث.

لكن سجلات وأرقام القرن العشرين غير كاملة أيضا، لذلك من الصعب تحديد ترتيب أي من هذين العامين بالضبط بين سنوات الجفاف طويل الأجل، لكن علماء يقولون إن هذه السنة شهدت واحدة من أكثر حالات الجفاف انتشارا منذ عقود.

ويبدو المستقبل قاتماً. لطالما قال علماء المناخ إن الاحترار العالمي سيزيد من مخاطر الجفاف في المناطق المعرضة للخطر، نتيجة لانخفاض هطول الأمطار، وانخفاض رطوبة الهواء والتربة - ويتوقعون أن يصبح الجفاف أكثر حدة، وكذلك أكثر تواتراً.

وإذا وصل الاحترار العالمي إلى ثلاث درجات مئوية بحلول 2100 - كما هو متوقع، إذا لم تنخفض مستويات الانبعاثات الحالية - فإن تكلفة تلف المحاصيل والعواقب الاقتصادية الأخرى للجفاف يمكن أن تكون أعلى بخمس مرات مما هي عليه اليوم، وفقا لتقرير "الجفاف بالأرقام" الصادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر في وقت سابق من هذا العام.

ويقول بنجامين كوك، من الناسا: "بغض النظر عن كيفية تأثير تغير المناخ على حالات الجفاف المحددة هذه السنة، فهذه هي أنواع الأحداث التي يجب أن نستعد لها بينما نواصل التحرك نحو مستقبل أكثر ارتفاعا في درجات الحرارة".


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium