قد تكون الحرب المفتوحة بين المليادير الأميركي إيلون ماسك، مالك "تسلا" و"سبيس أكس" و"تويتر"، ورجل الأعمال مارك زوكربيرغ، مؤسس شركة "ميتا" ورئيسها التنفيذي طويلة الأجل، ولن تنتهي بسرعة.
فبعد أن غرّد ماسك أخيراً بأنّه سيكون على استعداد لخوض معركة في قفص مع زوكربيرغ، ردّ عليه الأخير بعبارة "أرسل لي الموقع"، ليُعرب عن جاهزيّته للمواجهة.
وترتفع إمكانية اشتعال هذه الحرب القائمة بين زوكربيرغ وماسك أكثر بعد الإعلان الأخير الذي أطلقه رئيس "ميتا" بشأن "قاتل تويتر"، وفق ما وصف به "ثريدز".
تبرز "ثريدز" و"تويتر" منصّتين رائدتين في عالم التواصل الاجتماعي. ولكن ما الذي يُميز "تويتر"، وما الذي يُسقطه؟ وما هي نقاط القوة التي ارتكز عليها زوكربرغ في منصته الجديدة، وماذا غاب عنه؟
تُعتبر "تويتر" منصة للمحتوى المصغّر، حيث يمكن للمستخدمين المشاركة بسرعة وسهولة المنشورات والأخبار والصور والفيديوات.
وتتميّز التغريدة على "تويتر" بإمكانية تعديل الحسابات الموثوقة للتغريدات وهو ما تفتقر إليه "ثريدز".
يلفت خبير التحوّل الرقميّ بول سمعان إلى خاصيّة الـ"تريندز"، التي تنفرد بها "تويتر"، بالإضافة إلى الحرية التي يُتيحها ماسك في تعبير المستخدمين عن آرائهم على المنصّة. ولا ننسى إمكانية التسويق على "تويتر" باستراتيجيّة معيّنة واستهداف بلدان محدّدة.
وتعمل "تويتر" أخيراً على إضافة خاصتي المكالمة الهاتفيّة ومكالمة الفيديو على المنصّة.
أما من جانب آخر، فتعد "ثريدز" منصّة تواصل اجتماعيّ، وهدفها تقديم تجربة تفاعليّة وعميقة للمستخدمين.
وتتميّز "ثريدز" بنمطها الفريد الذي يتيح للمستخدمين إنشاء سلاسل من التغريدات المترابطة تحت مظلّة واحدة، ما يمكّنهم من توفير محتوى اعتبره البعض أكثر غنى وشموليّة.
أما عنصر قوة "ثريدز" فهو - بحسب سمعان - انطلاقها من قاعدة بيانات واسعة ومن منصة "إنستغرام"، وهو ما ساهم في انتشارها السريع في وقت قصير من الإعلان عنها.
بالإضافة إلى عدم وجود حدّ للتصفّح على "ثريدز "كما هو الحال على "تويتر"، يمكن للمستخدم نشر مشاركات نصيّة حتى 500 حرف، مع إمكانية إرفاقها بصور وروابط ومقاطع فيديو وصور متحرّكة. ويمكن للآخرين التفاعل مع المشاركات على غرار "تويتر" تماماً، بما في ذلك إعادة النشر أو إبداء الإعجاب أو الرد.
وبرأي سمعان، فإن المستخدمين اليوم سيهتمون بإنشاء حساب على "ثريدز" للحصول على تفاعل أكثر ووصول أكبر على مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصةً فئة صنّاع المحتوى وذلك في ظل انضمام عدد كبير من المؤثرين والمشاهير.
"ميتا" تحظر وصول الأوروبيّين إلى "ثريدز"
أكّدت شركة "ميتا" أنّها تمنع مستخدمي الاتحاد الأوروبي من الاشتراك في تطبيقها الجديد "ثريدز" حتى مع استخدام شبكة افتراضيّة خاصّة (VPN)، وفقاً لما أفاد به موقع "إن غادجت".
وأوضح خبير مواقع التواصل الاجتماعي مات نافارا في تغريدة على "تويتر" أنّه لن يتمّ تحميل المحتوى والإشعارات والملفات الشخصية بشكل صحيح في دول الاتحاد الأوروبي، فيما يقول بعض المستخدمين إن بإمكانهم استخدام "ثريدز" من دون "VPN" إذا كانوا قد سجّلوا مسبقاً باستخدام الشبكة.
وصرّحت "ميتا"، في بيان، بأنّها تتّخذ "مزيداً من الإجراءات" لمنع الأشخاص من الوصول إلى التطبيق في البلدان الأوروبية التي لا يُتاح فيها التطبيق. ومع ذلك، تعتبر الشركة أنّ أوروبا تظلّ "سوقاً مهمّة للغاية"، وأنّها تأمل في أن يُتاح التطبيق هناك في المستقبل.
سر الانتشار السريع لـ"ثريدز" بين المنصات التي قلّدت "تويتر"
عند سؤال سمعان عن الذي ميّز "ثريدز" من المنصات الأخرى، التي حاولت تقليد "تويتر"، أكّد أن قوة "ثريدز" جاءت من قوة "ميتا" وترويجها لمنصّتها الجديدة، بالإضافة إلى انطلاقها من "إنستغرام"، وانضمام الكثير من المؤثرين والمشاهير إليها.
"ثريدز" يواجه بعض الحقائق القاسية… هل كان قرار زوكربيرغ صائباً؟
على الرغم من انطلاقته السريعة، ووفقاً لتقرير صادر عن الـ"سي أن بي سي"، يشهد "ثريدز" انخفاضاً في أعداد المستخدمين اليومية. وكذلك الوقت الذي يقضيه المستخدمون على التطبيق آخذ في الانخفاض أيضاً.
وتكشف البيانات الواردة من شركة الاستخبارات التسويقية "Sensor Tower" أنّ المستخدمين النشطين والوقت الذي يقضونه قد انخفض، ففي 11 و12 من شهر تموز الحالي انخفض عدد المستخدمين النشطين يومياً بنحو 20 في المئة مقارنةً بـ9 تموز.
وينطبق الشيء نفسه على الوقت الذي يقضيه المستخدمون حيث انخفض من 20 دقيقة إلى 10 دقائق، ما يشير إلى انخفاض بنسبة 50 في المئة.
وفي هذا السياق، قال أنتوني بارتولاتشي، المدير الإداري لشركة "Sensor Tower" للشبكة: "تشير هذه الانخفاضات المبكرة إلى أنه على الرغم من الضجة أثناء إطلاق منصة "ثريدز"، إلّا أنّه سيظلّ الصعود صعباً بالنسبة إليها للحصول على مساحة في روتين معظم المستخدمين على الشبكات الاجتماعيّة".
وأفادت شركة "Similarweb" لتحليل البيانات، أنّ المستخدمين النشطين يومياً انخفضوا بنسبة 25 في المئة على "ثريدز" في اليومين الماضيين.
وكذلك انخفض مقدار الوقت المستغرق من قبل المستخدمين على المنصّة، وفقاً للبيانات، من 20 دقيقة إلى 8 دقائق.
وفي حين أن "ثريدز" هو تطبيق "إنستغرام"، كما هو مذكور في متجر تطبيقات "أبل"، والاثنان مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، إذ لا يمكنك الانضمام إلى "ثريدز" من دون حساب "إنستغرام". كذلك لا يمكنك تغيير اسمك أو اسم المستخدم الخاص بك على أحدهما دون تغيير الآخر. وهذا الأمر، الدمج الإجباري، قد يكون غير مريح لأولئك الذين عزلوا "إنستغرام" للأصدقاء والعائلة، و"تويتر" للمشاركات العملية.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، علق إريك سيوفيرت، المحلل الذي يراقب شركة "ميتا" على ذلك بالقول: "إذا قمت بإطلاق تطبيق ينسخ تطبيقاً آخر أو إطلاقه قبل اكتماله، فقد يؤدي ذلك إلى نتائج عكسية ويمكن أن ترى الكثير من الأشخاص يتخلون عن التطبيق".
وفي هذا الإطار، هل سيتمكن زوكربيرغ من جعل "ثريدز" مثالاً على نجاح منصة أسست على شعبية منصة آخرى، أما أن ربط "إنستغرام " بـ"ثريدز" لم يكن قراراً صائباً؟
ما يفتقده "ثريدز"
لكي يستعيد "ثريدز" توهّجه مع ما يزيد عن 100 مليون مستخدم، يحتاج التطبيق الجديد إلى الاستفادة مما جعل "تويتر" مميزاً.
وأوردت "وورل ستريت جورنال" بعض الأمثلة في هذا السياق: يعاني "ثريدز" على الويب، من عدم إمكانية مشاهدة سوى أحدث المنشورات لحساب ما، وذلك فقط إذا كان لديك الرابط الصحيح. كذلك لا يمكنك البحث أو النشر أو حتى الاطلاع على الصفحة الرئيسية الخاصة بك على المتصفّح.
ومن ناحية آخرى، فعلى "تويتر" يمكنك إنشاء قوائم من الحسابات التي تتابعها لمعرفة ما يحدث في موضوع معين. أما على "ثريدز" فما تراه حالياً هو مجموعة منشورات غير مفلترة، وقد تكون مربكة للبعض.
كذلك لا يتيح لك "ثريدز" العرض بالترتيب الزمني، أو إمكانية مشاهدة المشاركات فقط من الأشخاص الذين تتابعهم، وهي ميزات شائعة في "تويتر".
وأما بالنسبة لخاصية "التريندز" التي تسلط الضوء على أبرز ما يتحدث عنه المغردون على "تويتر"، فهي غير متوفرة على "ثريدز"، على الرغم من أهميتها في متابعة الأخبار مثلاً عند حدوث حدث عالمي ما.
ويُذكر أن "ثريدز" يسمح بـ500 حرف في كل مشاركة، لكنها تفتقر إلى عداد يوضح مدى قربك من هذا الحد.
ويتيح "إنستغرام" للمستخدمين تغيير أسماء المستخدمين مرتين فقط كل 14 يوماً، بينما يتيح لك "تويتر" القيام بذلك وقتما تشاء.
وأخيراً، تنشأ التحدّيات بين "ثريدز" و"تويتر" من الرّغبة المتزايدة للمستخدمين في العثور على المنصّة التي تُلبّي احتياجاتهم الفردية. فبينما يرغب البعض في السرعة والتفاعل الفوري اللذين يوفرهما "تويتر"، يعتبر آخرون أن "ثريدز" توفر مرونة أكبر في المحتوى.
وأنتم هل انضممتم إلى "ثريدز"؟