النهار

ارتفاعات قياسيّة لحرارة المحيطات تثير قلق العلماء
المصدر: "النهار"
ارتفاعات قياسيّة لحرارة المحيطات تثير قلق العلماء
تعبيرية
A+   A-
أثار الارتفاع المتسارع في درجات حرارة المحيطات حول العالم مؤخّراً قلق العلماء، خوفاً من أن يزيد ذلك من آثار الاحتباس الحراري. ويعتقد الخبراء أنّه من المتوقع أن يشهد العالم خلال الأشهر المقبلة آثار ظاهرة النينو المناخيّة، وفقاً لما أفادت شبكة الـ"بي بي سي".
 
وسجّل المؤشر العالمي لقياس درجة حرارة سطح البحر أرقاماً قياسية جديدة هذا الشهر، حيث لم تصل حرارة مياه البحر إلى هذه السخونة من قبل بهذا التسارع خاصةً أنّ العلماء لا يملكون تفسيرات كافية حول أسباب هذا الارتفاع الملحوظ.
 
وفي هذا السياق، يقلق العلماء من أن تصل درجة حرارة العالم إلى مستويات جديدة في حلول نهاية العام المقبل، نتيجة هذا التسارع في ارتفاع درجات الحرارة بالإضافة إلى إمكانية حدوث ظواهر جوية أخرى.
 
 
 
ماذا إن زادت حرارة المحيطات؟
 
يمكن أن تؤدي زيادة حرارة المحيطات إلى قتل الحياة البحرية فيها، وأن يصبح الطقس فيها أكثر قسوة.
 
كما يمكن أن تتسبّب في ارتفاع مستويات سطح البحر، وتصبح مياهها أقلّ كفاءة في امتصاص الغازات المسببة للاحتباس الحراريّ. 
 
وعلى مدار الخمسة عشر عاماً الماضية، زادت الحرارة المتراكمة على الأرض بنسبة 50 في المئة، مع توجّه معظم هذه الحرارة نحو المحيطات، وهو ما يؤدّي إلى عواقب واسعة عالمياً.
 
كما لا تقتصر فقط على الأرقام القياسية الجديدة المسجّلة، بل شهدت مناطق أخرى في العالم تباينات واختلافات في الحرارة أيضاً بشكل قياسيّ.
 
وفي آذار، كانت درجات حرارة سطح البحر قبالة الساحل الشرقي لأميركا الشمالية وصلت إلى 13.8 درجة مئوية مرتفعة بذلك عن المتوسط الذي تمّ تسجيله في الفترة بين أعوام 1981-2011.
 
وصرحت كارينا فون شكمان، المعدّة الرئيسية للدراسة الجديدة وعالمة المحيطات في مجموعة الأبحاث ميركاتور أوشن إنترناشونال، إنّه حتى الآن لم يتمّ إثبات سبب حدوث هذا التغيير السريع والهائل في درجات الحرارة.
 
وتابعت "لقد تضاعفت الحرارة في النظام المناخي خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، لا أودّ أن أقول إنّ هذا تغيّر مناخي، أو إنّه تقلّب طبيعي أو مزيج من الاثنين معاً، نحن لا نعرف حتى الآن. لكن بإمكاننا أن نرى آثار هذا التحوّل".
 
ارتفع متوسط درجة حرارة سطح البحار في العالم بحوالي 0.9 درجة مئوية مقارنة بمستويات ما قبل المرحلة الصناعية، فيما ارتفع المتوسط 0.6 درجة مئوية في الأربعين سنة الماضية وحدها.
 
وتعتبر هذه الأرقام أقلّ من الارتفاعات التي طرأت على درجات حرارة الهواء فوق الأرض، إذ ازدادت الحرارة بأكثر من 1.5 درجة مئوية عن مرحلة ما قبل المرحلة الصناعية، ويعود هذا إلى أن تسخين المياه يحتاج إلى طاقة أكبر بكثير من الأرض، ولأنّ المحيطات تمتصّ الحرارة بعيداً عن سطحها.
 
 
 
الظاهرة المناخيّة "تذبذب النينو الجنوبيّ"
 
عامل آخر يثير قلق العلماء، وهو الظاهرة المناخية المعروفة باسم تذبذب النينو الجنوبيّ "El Niño Southern Oscillation".
 
فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، كانت هذه الظاهرة الطبيعية تحدث عبر مراحل أكثر برودة، وتسمّى النينيا، وساعدت في إبقاء درجات الحرارة العالمية تحت السيطرة.
 
لكنّ الباحثين يعتقدون الآن أنّ ظاهرة النينيو القوية، والأكثر سخونة تتشكّل حالياً وستكون لها آثار كبيرة على العالم.

وأشار هيو ماكدويل الموظف في الأرصاد الأسترالية إلى أنّ "كلّ النماذج المناخية تشير إلى أنّنا نتجه إلى حدث قويّ عبر هذه الظاهرة المناخية".

لقد نشأت ظاهرة النينيو الساحلية بالفعل قبالة شواطئ بيرو والإكوادور، ويعتقد الخبراء أنّ حدثاً مكتمل التكوين ستتبعه تداعيات على درجات الحرارة العالمية.

وصرّح الدكتور جوزيف لوديشر، من معهد بوتسدام لأبحاث المناخ: "إذا ظهرت ظاهرة النينيو الجديدة، فمن المحتمل أن نشهد ارتفاعاً إضافياً في درجات الحرارة العالمية بمقدار 0.2-0.25 درجة مئوية"

ويضيف لوديشر "سيخفّ التأثير على درجة الحرارة بعد أشهر قليلة من ذروة أيّ ظاهرة نينيو، ولهذا السبب من المحتمل أن يكون عام 2024 هو الأكثر دفئاً على الإطلاق، لكن قد نكون قريبين من 1.5 درجة مئوية يوماً لمرحلة مؤقّتة".

ومن المحتمل أن تؤدّي ظاهرة النينيو إلى اضطراب أنماط الطقس في جميع أنحاء العالم، وإضعاف الرياح الموسمية والتهديد بالمزيد من حرائق الغابات في أستراليا.

ولكن هناك مخاوف أساسية أكثر، إذ من المتوقع أنّه مع دخول المزيد من الحرارة إلى المحيط، قد تكون المياه أقلّ قدرة على تخزين الطاقة الزائدة. بالإضافة إلى مخاوف من أنّ الحرارة الموجودة في المحيطات لن تبقى هناك.

ووفقاً لكارينا فون شكمان، هناك بعض الأمل في هذا السيناريو بأن تنخفض درجات الحرارة مرّة أخرى بعد انحسار ظاهرة النينيو. وقالت في حديث لـ"بي بي سي نيوز": "لا تزال لدينا نافذة يمكننا من خلالها التصرّف، وعلينا استخدامها لتقليل العواقب".

اقرأ في النهار Premium