يبرز النقص المزمن في المهندسين في فيتنام كتحدٍّ كبير لنمو صناعة أشباه الموصلات وخطط الولايات المتحدة لتسريع تحويل الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا إلى مركز للرقائق، للتحوّط من مخاطر العرض المرتبطة بالصين.
ومن المتوقع أن تكون أشباه الموصلات نقطة محورية عندما يزور الرئيس الأميركي جو بايدن هانوي اعتباراً من 10 أيلول بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين.
وفي هذا الإطار، قال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن بايدن سيقدم الدعم لفيتنام لتعزيز إنتاج الرقائق.
وكانت صناعة أشباه الموصلات أحد حوافز واشنطن الرئيسية لإقناع القادة الشيوعيين في فيتنام بالموافقة على تحسين العلاقات رسمياً. وكانت هانوي مترددة في البداية بشأن هذه الخطوة بسبب مخاوف من رد فعل سلبي من الصين.
ومن الممكن أن يجلب تعزيز العلاقات الرسمية مليارات الدولارات من الاستثمارات الخاصة الجديدة لصناعة أشباه الموصلات في فيتنام. لكن مسؤولي الصناعة والمحللين والمستثمرين قالوا إن قلة الخبراء ستكون عقبة حاسمة أمام التطور السريع لصناعة الرقائق.
وأعلن فو تو ثانه، رئيس مكتب الولايات المتحدة في فيتنام: "أن عدد المهندسين المتاحين أقل بكثير مما هو مطلوب لدعم استثمارات بمليارات الدولارات"، أي نحو عُشر الطلب المتوقع على مدى السنوات العشر المقبلة.
وأضاف ثانه، نقلاً عن تقديرات من الشركات والمهندسين، أن الدولة التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة لديها ما بين 5000 إلى 6000 مهندس فقط من مهندسي الأجهزة المدربين لقطاع الرقائق، مقابل الطلب المتوقع البالغ 20000 مهندس في خمس سنوات و50000 في عقد من الزمن.
وقال هونغ نجوين، من جامعة "RMIT" في فيتنام، إن هناك أيضاً خطراً من عدم كفاية عدد مهندسي برمجيات الرقائق.
ولم ترد الوزارات الفيتنامية المسؤولة عن العمل والتعليم والمعلومات والتكنولوجيا والشؤون الخارجية على طلبات التعليق لـ"رويترز".
40 في المئة من التصنيع العالمي في الصين
تركز صناعة أشباه الموصلات في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي تبلغ قيمة صادراتها إلى الولايات المتحدة أكثر من نصف مليار دولار سنوياً، وفقاً لأرقام الحكومة الفيتنامية، حالياً على مرحلة التصنيع لسلسلة التوريد.
ولم يحدد البيت الأبيض أيَّ قطاع من قطاعات صناعة الرقائق في فيتنام سيحظى بالأولوية.
وقد لعبت الصين دوراً مهماً في هذه الاعتبارات. إذ ما يقارب 40 في المئة من التصنيع العالمي كان في الصين في عام 2019، وفقاً لمجموعة بوسطن الاستشارية، مقابل 2 في المئة فقط في الولايات المتحدة. و27 في المئة كانت في تايوان، التي كثفت الصين نشاطها العسكري حولها، ما أثار المخاوف من نشوب صراع بين البلدين.
ويجعل هذا الأمر قطاع التجميع واحداً من أكثر القطاعات أهمية في الصناعة، بعد صناعة الرقائق. ولم تتمتع بيجينيغ بمثل هذا المنصب القيادي في أي قطاع آخر، وفقاً لـ"رويترز".
ويأتي ذلك على الرغم من أن شركة "إنتل" تعمل في جنوب فيتنام منذ نحو 15 عاماً في أكبر مصنع لها في العالم لتجميع وتعبئة واختبار الرقائق.
وفي وقت سابق، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين خلال زيارة لهانوي، إن شركة "أمكور" المنافسة تقوم ببناء "مصنع ضخم على أحدث طراز لتجميع واختبار أشباه الموصلات" بالقرب من هانوي.
ومن الممكن أن تأتي المزيد من الاستثمارات الخاصة، خاصةً إذا انتهى الأمر بحصة كبيرة من مبلغ 500 مليون دولار المتاح بموجب قانون الرقائق الأميركي لسلاسل توريد أشباه الموصلات العالمية في فيتنام.
وقال هونغ من جامعة "RMIT" في فيتنام إن الولايات المتحدة قد تكون مهتمة أيضاً بتعزيز إمدادات فيتنام من المواد الخام اللازمة لصناعة الرقائق، وخاصة العناصر النادرة، والتي يقدر أن البلاد تمتلك ثاني أكبر رواسب منها في العالم بعد الصين. وتجتذب فيتنام أيضاً اهتمام الشركات المصنعة لآلات صنع الرقائق.
النقص في العمالة الماهرة
يمكن أن تظل طموحات أشباه الموصلات مجرد أحلام إذا لم تتم معالجة النقص في العمالة الماهرة بشكل صحيح، ما يجعل فيتنام أكثر عرضةً للمنافسين الإقليميين مثل ماليزيا والهند.
وقال مسؤولون إن شركة "إنتل" حثت السلطات مراراً وتكراراً على توسيع نطاق العمال في هذا المجال.
وصرحت مصادر في وقت سابق من هذا العام أن الشركة فكرت في مضاعفة عملياتها البالغة 1.5 مليار دولار تقريباً في فيتنام، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه هي الخطة بعد أن أعلنت عن استثمارات ضخمة في أوروبا. ولم ترد "إنتل" على طلب للتعليق بهذا الخصوص.
وقال ثانه إن الحل قد يكون تخفيف قواعد فيتنام لإصدار تصاريح العمل للمهندسين الأجانب، والتي "يصعب للغاية الحصول عليها بسرعة" في الوقت الحالي، إلى أن يتم تعزيز القوى العاملة الماهرة المحلية بشكل كافٍ.
ولكن هذا يتطلب تغييرات تشريعية وإجراءات إدارية أسرع، وهو ليس بالأمر السهل، وفقاً للعديد من الدبلوماسيين ورجال الأعمال المقيمين في فيتنام.
وذكر البيت الأبيض في بيان أن بايدن يعتزم مناقشة برامج تطوير القوى العاملة مع قادة فيتنام، والتي يمكن أن توسع مبادرات التدريب الحالية.