نشرت وكالة "ناسا" العام الماضي فيديو للمركبة الجوّالة على المرّيخ "بيرسفيرنس" وهي تهبط بالمظلّة بعد رحلة 505 ملايين كيلومتر. لكن الذي لم تخبرنا به "ناسا" هو أنّه في الوقت الذي كانت المركبة الفضائية الخاصّة بها تهبط بأمان على الكوكب الأحمر، كانت ترمي الدروع الحراريّة، المظلّات، الشبكات، وغيرها من "فضلات الفضاء" في جميع أنحاء منطقة قاع النهر القديم.
في الوقت الحالي، تستمرّ "بيرسفيرنس" وطائرة الهليكوبتر "إنجنيويتي" في العثور على "تذكارات" دائمة للهبوط على سطح المريخ، وهي ليست أوّل مركبة جوّالة ترمي نفاياتها بهذا الشكل، حيث تمرّ "كيوريوسيتي" التابعة لـ"ناسا" أيضاً على أجزاء من القمامة الخاصّة بها على أرضيّة فوّهة "غيل".
هل يجب أن ننثر قمامتنا على كوكب المريخ؟
يقول العلماء إنّه "يجب علينا ذلك، وسيحترم البشر في المستقبل "فضلات الفضاء"، باعتبارها الخطوات الأولى لاستكشاف الكوكب"، بحسب "فوربس".
وقالت الدكتورة بيثاني إيلمان، أستاذة علوم الكواكب في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا وعالِمة مركبات المريخ: "عندما ندرس الحضارات القديمة على الأرض، فإننا ننظر من خلال أكوام القمامة الخاصّة بها. لكن هذه ليست مجرّد أكوام قمامة، إنّها قطع أثرية لخطواتنا الأولى على المريخ".
باختصار، ستكون نفاياتنا على الكواكب كنزاً لعلماء آثار الفضاء في المستقبل القريب.
وأضافت إيلمان: "ستكون مناطق الهبوط لهذه المركبات الجوّالة يوماً ما حدائق وطنيّة عندما يهبط البشر في النهاية على المريخ، وستُصبح أجزاء أنظمة الهبوط والرّغوة التي ربّما تكون قد خرجت عند هبوط العربة الجوّالة علامات تاريخيّة".
تجدر الإشارة إلى أنّ النفايات الحالية لن تكون وحدها "قطعاً أثريّة" في المستقبل، إذ إنّ مركبة "ناسا" نفسها ستتوقّف عن العمل على الأرجح في غضون عقد تقريباً، ومن المحتمل أن يكون ذلك بسبب عاصفة ترابيّة، وقد تلقى العربة الجوّالة "زورونغ" الصينيّة مصيراً مماثلاً، والتي تستكشف الآن مدينة "يوتيوبيا بلانيتيا".
في المقابل، توقّفت مركبات "Sojourner" و"سبيريت" و"أوبورتونيتي" التابعة لـ"ناسا" عن العمل منذ سنوات.
إذن، باستثناء مهمة مروحية المريخ التابعة لوكالة "ناسا" ووكالة الفضاء الأوروبية، فإنّ كل شيء يذهب إلى المريخ يموت على سطح المريخ.
معرض مستقبلي في متحف مستقبلي على كوكب المريخ؟
معظم تاريخ المريخ الثمين هذا مغطّى بالغبار، وحُوّل ذلك إلى فيلم هوليووديّ "The Martian" في العام 2015، الذي يحكي قصّة رائد الفضاء مارك واتني الذي يعلق على الكوكب الأحمر لمدّة شهر، ويسافر عبر المريخ لاستخراج بقايا مركبة الهبوط "باثفايندر" التابعة لناسا من العام 1987 لاستخدام كاميراتها للتواصل مع الأرض.
نظراً لأنّ البشر لم يهبطوا على سطح المريخ بعد، فمن الصّعب تخيّل وجود متنزهات وآثار وطنية محميّة على الكوكب الأحمر لتوثيق لخطوات الأولى للبشر على هذا الكوكب. ومع ذلك، فإنّ وجود مشاريع مماثلة على القمر لا يبدو بعيد المنال، لأن الكوكب مليء بالقمامة. وتشير التقديرات إلى أن هناك نحو 500 ألف رطل من القمامة على القمر من العلب والكابلات والكاميرات والمطارق والملاقط وأكياس النفايات البشرية، معظمها من بعثات "أبولو".
ويحتوي مكتب التاريخ التابع لـ"ناسا" على قائمة كاملة بالقطع الأثرية التي تُركت على القمر، وذلك لسبب وجيه "أنّ القمر أصبح متاحاً بشكل أكبر لكلّ من برامج الفضاء الوطنية والمؤسّسات الخاصّة، فمن المهم أن نحمي القطع الأثرية القمريّة لقيمتها التاريخية والعلمية على حد سواء"، بحسب ما جاء في شرح القائمة.
ونظراً لعدم وجود غلاف جويّ محيط بالقمر، ستُحفظ آثار المركبات الفضائيّة القمريّة الأولى لآلاف السنين.