النهار

الذكاء الاصطناعي التوليدي وعوائد الاستثمار: تجارب واقعية من "شركات التبنّي المبكر"
المصدر: النهار
الذكاء الاصطناعي التوليدي وعوائد الاستثمار: تجارب واقعية من "شركات التبنّي المبكر"
النهار - تصميم ديما قصاص
A+   A-
أنيس حجار
 
مع تزايد الاهتمام بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، التي احتلت مكاناً مهماً في أجندة الرؤساء التنفيذيين، تتجه الشركات، على اختلاف حجمها وتاريخها، إلى دمج الذكاء الاصطناعي في عملياتها اليومية. إدراكاً لهذا المشهد المتطوّر، نظّم مركز خرّيجي Paris HEC الرقمي في باريس بالتعاون مع مركز خرّيجي HEC Paris في لبنان وCMA CGM وBerytech وSmartESA مؤتمراً هاماً ركز على التطبيق العملي للذكاء الاصطناعي والعوائد الملموسة التي يمكن أن يحققها.

ضمّ المؤتمر نخبة من المتحدثين من مختلف القطاعات والشركات الرائدة كممثلي شركات ماكنزي، ميتا، ألستوم وايف، المتخصّصة في تحرير الفيديو، وEI Technologies، المتخصّصة في حلول .Salesforce

ينقل المؤتمر الإمكانيات الواعدة للذكاء الاصطناعي على لسان ممثلي أهم الشركات العالمية العاملة في هذا المجال، في وقت تحوّل فيه الذكاء الاصطناعي إلى ركيزة أساسية في العمليات التجارية والإدارية اليومية للشركات الكبرى حتى الصغيرة.

ماكينزي: توسيع حدود الإنتاجية مع جيل الـAI

افتُتح المؤتمر بعرض قدّمه إيريك هازان، ممثلاً شركة ماكينزي، حيث ركز على تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على مختلف الأبعاد، مثل بعد إضافة القيمة العملية أو بعد تسارع الأحداث الزمنية. أكد أنه بدءاً من منظور القيمة المضافة، يمكن أن نلاحظ أنّ تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على الإنتاجية ليس بسيطاً. تطابق كلام هازان مع تقرير الشركة الفصلي الذي يلفت الى قدرة الذكاء الاصطناعي على إضافة ما بين 2.6 و4.4 تريليون دولار أميركي سنوياً من حيث القيمة الاقتصادية المضافة من خلال تحليل 63 حالة واقعية. لمعرفة ضخامة هذا الرقم على سبيل المقارنة، بلغ الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا 2.958 تريليون دولار أميركي في عام 2021 وفقاً للبنك الدولي. يؤثر الذكاء الاصطناعي التوليدي في جميع القطاعات، لكن تؤكد ماكينزي باقتصار 75٪ من القيمة التي يمكن أن يقدّمها على أربعة مجالات:

• قطاع العمليات للعملاء
• التسويق والمبيعات
• هندسة البرمجيات
• البحث والتطوير
بالإضافة إلى ذلك، ومن منظور زمني، يمكن ملاحظة ترجيح تسارع وتيرة تحوّل القوى العاملة عبر الذكاء الصناعي، بحيث يمكن إتمام نصف أنشطة العمل الحالية التي تشكل الاقتصاد العالمي في غضون أكثر من 10 سنوات، أي قبل عقد من الزمان تقريباً من التقديرات السابقة للشركة - بحسب هازان وتقرير ماكينزي الفصلي.


ألستوم: قيمة تجارية حقيقية وعائد استثمار فعّال مع الذكاء الاصطناعي التوليدي

أما محمد حبيب مزوني، مدير قسم الذكاء الاصطناعي في شركة ألستوم، الرائدة في تصنيع وتشغيل القطارات، فقد أكد أن الشركة شرعت باستخدام الذكاء الاصطناعي لأغراض المحاكاة، حتى تتمكن من تحسين تصميم وتشغيل قطاراتها.
بشكل أكثر دقة، استخدمت إدارة الخدمات الهندسية الذكيّة في ألستوم (ISES)، التي أُنشئت في عام 2020، الذكاء الاصطناعي لتأمين تحسين مسار القطارات.

بناءً على تجربة ألستوم، يؤكد مزوني أن بالإمكان تحديد الدروس الرئيسية المستفادة وعوامل النجاح في استخدام الذكاء الاصطناعي في الأعمال التجارية والتي يمكن تلخيصها على النحو التالي:

• متطلبات المشروع المصوغة بشكل غير ممنهج هي عامل رئيسي في تدهور نجاح التحوّل في مشروع تكنولوجيا المعلومات. يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يؤدّي دوراً مهماً في توضيح متطلبات العملاء لتجنب إهدار وقت العمل.
• قيادة استراتيجية تحت عنوان "فكّر على المدى الطويل واعمل على المدى القصير" لتقديم قيمة تجارية حقيقية وتحقيق أقصى قدر من الربحية.
• إنشاء نموذج تشغيل دقيق ومحدد مع تنظيم إداري عمودي كمكان مشترك لأبطال القبعات المزدوجة في مجال الذكاء الاصطناعي والأعمال التجارية هو ضرورة.
• تطوير والحفاظ على مجموعة مهارات داخلية للشركة في مجال الذكاء الاصطناعي والبيانات والتقنيات الناشئة.
• حشد وإحصاء أبطال الذكاء الاصطناعي في البرامج والمشاريع التشغيلية في مرحلة مبكرة.

ميتا والذكاء الاصطناعي: من البحث إلى المنتج النهائي

تحدثت كذلك فيكتوار مين، المسؤولة عن الاستثمارات في الشركات الناشئة لشركة "ميتا" فرنسا، عن رحلة "ميتا" مع الذكاء الاصطناعي. بدأت هذه الرحلة عام 2006 عندما قدّمت "Newsfeed" يعمل بالذكاء الاصطناعي، تحت مظلة فايسبوك آنذاك. تم تمرير الشعلة بعدها إلى يان لوكون، كبير العلماء في الذكاء الاصطناعي لدى "ميتا"، الذي شارك في إطلاق بحث أساسي في الذكاء الاصطناعي في عام 2013.

بحسب مين كذلك، تواصل "ميتا" اليوم مساعيها في مجال الذكاء الاصطناعي، وتتمتع بنموذج اللغة الكبيرة والصلبة LLaMA، الذي تم إطلاقه هذا العام.

تؤكد الأخيرة أن استثمارات "ميتا" تتنوّع في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تركّز على:
• تعزيز محرك الاكتشاف، كما يتضح من توصيات فايسبوك وإنستغرام المحسّنة.
• اكتشاف المحتوى الضار وتخفيفه.
• مساعدة المستخدمين في مهامهم الإدارية من خلال روبوت الدردشة.
• تطوير البيئات الثلاثية الأبعاد الديناميكية والتفاعلية.
تشير كذلك إلى أن الإصدار القادم من "ميتا"، ميتا AI، سيعمل كمساعد شخصي عبر جميع تطبيقات الشركة، بما في ذلك Whatsapp و.Instagram Direct سيجري تدريب هذا الذكاء الاصطناعي باستمرار على البيانات الحديثة لتعزيز إنتاجية المستخدمين.
بالإضافة إلى ذلك، تقدم "ميتا" 28 شخصية ذكاء اصطناعي، تشمل الرياضيين والموسيقيين مثل توم برادي وسنوب دوج. ستتمكن شخصيات الذكاء الاصطناعي هذه من التفاعل مع المستخدمين بطريقة أكثر طبيعية وجذابة، وتوفر لهم محتوى وتجارب مخصّصة.
أخيراً عرضت مين المخطّط أدناه لتأثير الذكاء الاصطناعي على مختلف جوانب تحسين الأعمال، سواء كان ذلك في البيانات والقياسات أو الإبداع والتسويق.



تعرّض شركتا Aive وEI Technologies للذكاء الاصطناعي:

أما جوني زريبي، مدير فرع لبنان لشركة EI Technologies في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فقد تحدّث عمّا يحققه الذكاء الاصطناعي التوليدي من اختراقات كبيرة في منصّات إدارة علاقات العملاء (CRM)، حيث أطلقت شركة Salesforce تطبيق Einstein GPT ومجموعة من التطبيقات المدعومة بـGPT، بما في ذلك Sales GPT وService GPT وCommerce GPT وSlack GPT وAI Cloud.

هذه التقديمات تشير إلى تحوّل في مشهد إدارة علاقات العملاء حيث يحتل الذكاء الاصطناعي مركز الصدارة.

أيضاً استفادت شركة Aive من الذكاء الاصطناعي لتبسيط وتسريع تحرير الفيديو، مما يوفر للمصممين مجموعة أوسع من الخيارات مع توجيه طاقتهم الإبداعية نحو صياغة مقاطع فيديو متطورة.

في المحصلة، يعبر قطار الذكاء الاصطناعي التوليدي بسرعة من جانبنا، فلا بد من الصعود في هذا القطار للوصول إلى العائدات الاستثمارية المرجوّة وزيادة الإنتاجية. أما على صعيد الموظفين والتلاميذ، فلا بد من الغوص في تعلم التعامل مع هذه التكنولوجيا الجديدة للمساهمة في بناء الاقتصاد الرقمي.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium