النهار

الحلول الرقمية لمشكلات التربية والتعليم... أيّ إمكانيات لتقنيات الواقع المعزّز؟
المصدر: "النهار"
الحلول الرقمية لمشكلات التربية والتعليم... أيّ إمكانيات لتقنيات الواقع المعزّز؟
تعبيرية
A+   A-
ميرنا سرور
 
يساهم التطور التكنولوجيّ المتسارع في تغيير الكثير من نواحي الحياة البشرية، فيجعل معظم المتطلّبات اليوميّة متاحةً وأكثر يسرًا، ويُسهّل الوصول إلى الخدمات الأساسيّة والكماليّة على حدّ سواء.
 
في الأثناء، وبالرغم من كلّ هذا التطوّر الحاصل، لا يزال حصول الكثير من الأفراد على مستوًى جيّد من التربية والتعليم محدوداً لأسباب متعدّدة، سواءٌ أكانت اقتصاديّة أم اجتماعيّة أم حتّى سياسيّة؛ فلِمَ لا تكون التكنولوجيا حلاً ممكناً لهذه المعضلة أيضاً؟

يبدو أن الأمر ممكن، إذ بمقدور التقنيات الحديثة أن تسهّل وصول الأفراد إلى خدمات التربية والتعليم، كما أنّها تجعل عمليّة التعليم أكثر سلاسة وفاعليّة. وهنا نتحدّث بشكل خاصّ عن تقنية الواقع المعزّز Augmented Reality ذات المزايا العديدة، التي أدّت إلى إبراز أهمّيتها، وبرّرت الحاجة إليها في المؤسّسات التربويّة.

يتمّ اعتماد الواقع المعزّز بشكل متزايد في البيئات التعليميّة، خصوصاً لصالح الطلاب في الموضوعات المعقّدة. على سبيل المثال: يُمكن للطلاب الذين يواجهون صعوبات مع الرياضيّات الجيومتريّة (الهندسيّة) استخدام الواقع المعزّز لرؤية الأشكال الهندسيّة ثلاثيّة الأبعاد ومعالجتها.

إلى ذلك، يُتيح الواقع المعزّز في التعليم تدريس وجهات النظر العالميّة من خلال الرحلات الميدانيّة الافتراضيّة، ممّا يُتيح للطلاب الاتصال بشكل تفاعليّ مع الثقافات الأخرى.

وتتعدّد فوائد استثمار تقنيات الواقع المعزّز في مجال التربية والتعليم، حيث يُمكنها إثارة حماس الطلاب وتقديم المادة التعليمية بطريقة جذابة ومشوّقة، وبشكل يتلاءم مع تطلّعات الجيل الجديد وأسلوب حياته، عبر إشراك المتعلّم بأساليب لم تكن ممكنة من خلال تفعيل الحواسّ.

كذلك، تُتيح التقنية إمكانية تقديم الخبرات التعليميّة بوساطة نماذج ثلاثيّة الأبعاد، حيث يتمكّن المتعلّم من مشاهدة وتحليل الموضوعات من جوانب مختلفة، ويحصّل فهماً أعمق للموضوعات، ويحصل على صورة ذهنيّة صحيحة وشاملة للخبرات التعليميّة.

ويسمح الواقع المعزّز بانخراط الطلاب في الممارسات الأصليّة مهما كانت صعوبة تحقيقها في العالم الحقيقي، والتعامل مع الموادّ الخطرة من دون التعرّض للأذى، مثل التفاعلات النوويّة أو الكيميائيّة.

ويمكن لهذه التقنية أن تكون حلاًّ لندرة الموارد الماليّة في بعض البيئات، بالرغم من الزعم في أغلب الأحيان أن معدات الواقع المعزّز ذات تكاليف باهظة. فانتشار الهواتف الذكيّة بين الشباب بشكل مضطرد، واستخدامها الكثيف، وهي المجهّزة بالفعل بالأجهزة اللازمة لتشغيل تطبيقات الواقع المعزّز، يجعل تطبيق الواقع المعزّز في التعليم أكثر فاعليّة من جهة التكلفة.
بالإضافة إلى ذلك، يُمكن للواقع المعزّز خفض التكاليف التعليمية عن طريق استبدال الكتب المدرسيّة باهظة الثمن بالأدوات التكنولوجية متعدّدة الاستعمالات.

وفي لبنان، ظهرت أخيراً شركة لبنانيّة ناشئة، سلّطت الضوء على هذه القضية. EduBolt شركة لبنانية ناشئة ذات أهداف تربويّة، وتواكب متطلّبات التطور التكنولوجي. وفي حديث لـ"النهار"، قال مؤسّسها براين يوسف: "يشوب المناهج التربوية في لبنان الكثير من الثغرات، وقد باتت قديمةً وتقليدية، لذلك أسّسنا شركتنا، التي من خلالها نعمل على اختيار طرائق التدريس التي تتلاءم مع القدرات الفرديّة لكل تلميذ، سواء أكانت هذه الطريقة بصريّة أم سمعيّة، حتى يكتسب المعلومات التي يحتاجها، وبهذا يكون أسلوب التعليم أكثر تفاعليّة عبر دمج الطلاب فيها".

وعن تقنية الواقع المعزّز، يقول براين: "الجميل في هذه التقنية أنها تنقلنا من رؤية الموادّ بشكل ثنائيّ الأبعاد إلى الرؤية الثلاثيّة الأبعاد. وعلى سبيل المثال، فإن تلميذاً يدرس تاريخ الحرب العالمية مثلأ لن يقرأ عنها فقط، إنما سيعيشها بطريقة تفاعليّة، ليكون جنديّاً فيها، حيث سيلتقي الجنرال ديغول أو هتلر شخصيّاً مثلاً؛ والأمر مماثل في الموادّ الأخرى كالفيزياء والجغرافيا والكيمياء وسواها".

يُضيف براين: "بهذا تصبح العمليّة التعليميّة ممتعة، وتكون أشبه بلعبة (gamification of education)".

وعن فاعلية هذه التقنية من حيث التكلفة، يرى براين أنه بالرغم من تكلفة الأدوات التقنيّة التي نحتاجها، والتي قد تكون مرتفعة نسبيّاً، فإنها ستُشترى لمرة واحدة، الأمر الذي يوفر كثيراً من الأعباء والمصاريف على المدى الطويل، ويجعل الولوج إلى التعليم ممكنًا لجميع الفئات.

وعليه، يمكن أن تكون التكنولوجيا إذن حلاً لمشكلات التربية والتعليم تمامًا كما كانت حلاً في ميادين أخرى.
لكن السؤال يبقى إن كان التحول نحو تبنّي التقنية والحداثة في عالم التربية والتعليم سيكون سريعاً وسلساً أم أننا سنكون أمام مماطلة لا طائل منها سوى إضاعة الوقت؟
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium