لم تستفد أيّ شركة أخرى من ازدهار الذكاء الاصطناعي بقدر ما استفادت منه شركة "إنفيديا". فمنذ كانون الثاني 2023، ارتفع سعر سهم شركة تصنيع الرقائق بنسبة 450 في المئة تقريبًا، مستفيدة من الطلب على رقائقها الذي جعل شركة وادي السيليكون رائدة في مجال الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ.
ومع اقتراب القيمة الإجمالية لأسهمها من 2 تريليون دولار، أصبحت "إنفيديا" الآن ثالث أكبر شركة من حيث القيمة في أميركا، بعد "أبل" و"مايكروسوفت".
وقفزت الشركة في قيمتها السوقية من تريليون دولار إلى 2 تريليون دولار في حوالي ثمانية أشهر، وهو أسرع معدّل بين الشركات الأميركية، وأقل من نصف الوقت الذي استغرقه عملاق التكنولوجيا "أبل".
وبلغت إيراداتها في الربع الأخير 22 مليار دولار، ارتفاعاً من 6 مليارات دولار في الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لـ"economist".
ويتوقّع معظم المحللين أن تستمرّ شركة "إنفيديا"، التي تسيطر على أكثر من 95 في المئة من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي، في النموّ بوتيرة سريعة في المستقبل المنظور.
وفي هذا الإطار، تصنع "إنفيديا" رقائق تعمل على توليد الذكاء الاصطناعي، الذكاء الاصطناعي الذي يمكنه إنشاء محتوى جديد، مثل النصوص والصور، استجابةً لطلبات المستخدمين، هذا النوع من الذكاء الاصطناعي وراء برامج الدردشة والعديد من تقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة الأخرى.
ما الذي يجعل رقائق "إنفيديا" مميزة؟
تمّ تصميم شرائح الذكاء الاصطناعي من "إنفيديا"، والمعروفة أيضًا باسم وحدات معالج الرسومات (gpus)، في البداية لألعاب الفيديو.
وتعتمد الشركة المعالجة المتوازية، حيث يقومون بتقسيم كل عملية حسابية إلى أجزاء أصغر، ثم توزيعها بين "النوى" المتعددة في الشريحة. وهذا يعني أن وحدة معالجة الرسومات يمكنها تشغيل العمليات الحسابية بشكل أسرع بكثير مما لو كانت قد أكملت المهام بشكل تسلسلي.
تعمل "إنفيديا" على تحديث منتجاتها وتطوير برمجيات تدعم أجهزتها. وأعدت الشركة أيضاً أنظمة متنوعة بمجموعة من المنتجات التي تساعد العملاء على شراء شرائح "H100"واستخدامها سريعاً. هذه الشريحة التي أُعدت لمعالجة كمية هائلة من البيانات، وإجراء العمليات عليها بسرعة فائقة، لتتناسب مع تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى كمية هائلة من الطاقة.
دور رقائق "إنفيديا" في الصراع الأميركيّ - الصينيّ
تمكنت مؤسسات صينية، من بينها هيئات عسكرية ومعاهد أبحاث للذكاء الاصطناعي وجامعات، من شراء دفعات صغيرة من أشباه الموصلات من شركة "إنفيديا" خلال العام الماضي، رغم الحظر الذي فرضته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على تصدير أشباه الموصلات إلى الصين.
وتُظهر وثائق المناقصة المتاحة للجمهور أنّ العشرات من الكيانات الصينية قد اشترت واستلمت أشباه الموصلات من "إنفيديا" منذ فرض القيود.
كان من بين المشترين جامعات النخبة بالإضافة إلى كيانين يخضعان لقيود التصدير الأميركية، معهد هاربين للتكنولوجيا وجامعة العلوم والتكنولوجيا الإلكترونية في الصين، اللتان اتُهمتا بالتورط في شؤون عسكرية أو الانتساب إلى هيئة عسكرية تتعارض مع المصلحة الوطنية للولايات المتحدة.
ولم تكن "إنفيديا" ولا تجار التجزئة المعتمدون من قبل الشركة من بين الموردين الذين تمّ تحديدهم. ولم يكن من الواضح كيف قام الموردون بشراء شرائح "إنفيديا" الخاصّة بهم.
ولكن في أعقاب القيود التي فرضتها الولايات المتحدة، ظهرت سوق سرية لمثل هذه الرقائق في الصين.
من جانبها، قالت "إنفيديا" إنّها تمتثل لجميع قوانين مراقبة الصادرات المعمول بها وتطلب من عملائها أن يفعلوا الشيء نفسه. وذكر متحدث باسم الشركة أنه "إذا علمنا أنّ أحد العملاء قام بإعادة بيع غير قانوني لأطراف ثالثة، فسنتخذ الإجراء الفوري والمناسب".
بدورها، تصرّ السلطات الأميركية على سد الثغرات في قيود التصدير وعلى الحد من وصول وحدات الشركات الصينية الموجودة خارج الصين إلى الرقائق.