في مثل هذا الوقت من العام الماضي، كان أرثر منش يبلغ من العمر 30 عامًا، ولا يزال يعمل في إحدى وحدات "غوغل"، وكان الذكاء الاصطناعي قد بدأ للتوّ في الظهور في العالم باعتباره أكثر من مجرد خيال علمي.
منذ ذلك الحين، أصبح ما يسمى بالذكاء الاصطناعي التوليدي، هو أكثر التقدم التكنولوجي الذي جرى الحديث عنه منذ عقود.
وتقدر قيمة الشركة الناشئة، التي ترك منش "غوغل" لإطلاقها، والتي يبلغ عمرها الآن تسعة أشهر، بما يزيد قليلاً عن ملياري دولار. وقد يعكس هذا حالة الجنون والخوف التي تحيط بالجهود المبذولة لبناء وتسويق أنظمة الذكاء الاصطناعي المتقدمة.
تتحدى شركة منش الناشئة، والتي تسمى "Mistral AI"، الحكمة التقليدية القائلة بأن الفائزين في سباق الذكاء الاصطناعي سيخرجون من بين عمالقة صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة.
ولا يعتقد منش، الذي أسس الشركة مع اثنين من أصدقائه في كلية الهندسة، أن الولايات المتحدة سوف تهيمن بالضرورة على هذا السوق.
وقال منش، البالغ من العمر 31 عاماً: "لقد ندمت دائماً على عدم وجود شركات التكنولوجيا الكبرى في أوروبا". وتابع "أعتقد أن هذه هي فرصتنا لتكون واحدة".
هل تنجح شركة منش في ظل الشركات العملاقة؟
لا تزال شركة منش، التي جمعت ما يزيد قليلاً عن 500 مليون دولار من المستثمرين، بمن في ذلك أندريسن هورويتز، صغيرة مقارنة بالشركات العملاقة في الصناعة.
ففي هذا الإطار، تنفق شركة "OpenAI" المدعومة من "مايكروسوفت" وشركة "ألفابت" مليارات الدولارات على تدريب أحدث أنظمة الذكاء الاصطناعي، ما يزيد من وصولها إلى رقائق الكمبيوتر المتخصصة اللازمة لبناء مثل هذه الأنظمة والميزانيات الكبيرة التي تستهلكها تلك الرقائق.
أمضى منش، الذي بدأ عمله في المجال الأكاديمي، معظم حياته في محاولة لجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أكثر كفاءة.
في أوائل العام الماضي، انضم إلى المؤسسين المشاركين تيموثي لاكروا، 32 عامًا، وغيوم لامبل، 33 عامًا، اللذان كانا آنذاك يعملان في مختبر الذكاء الاصطناعي التابع لشركة "ميتا" في باريس.
ويراهن المؤسسون معًا على قدرة فريقهم الصغير على التفوق على عمالقة وادي السيليكون من خلال إيجاد طرق أكثر كفاءة لبناء ونشر أنظمة الذكاء الاصطناعي. ويريدون القيام بذلك جزئيًا من خلال التخلي عن العديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بهم كبرامج مفتوحة المصدر.
وفي التفاصيل، تخطط الشركة للإعلان عن نموذج جديد للذكاء الاصطناعي، يسمى "ميسترال لارج"، والذي قال منش إنه يمكنه أداء بعض المهام المنطقية بشكل مماثل لـ"GPT-4"، نموذج اللغة الأكثر تقدمًا في شركة "OpenAI" حتى الآن، و"Gemini Ultra"، نموذج "غوغل" الجديد.
وقال منش إن نموذجه الجديد كلف تدريبه أقل من 20 مليون يورو، أي ما يعادل 22 مليون دولار تقريبًا. على النقيض من ذلك، قال سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة "OpenAI"، العام الماضي بعد إطلاق "GPT-4" إن تدريب أكبر نماذج شركته يكلف أكثر بكثير من 50 مليون دولار إلى 100 مليون دولار.
اجتذبت "ميسترال" اهتمام العملاء من الشركات والمستثمرين بما في ذلك "مايكروسوفت"، التي تخطط للإعلان عن أنها ستضيف نموذج "ميسترال" الجديد كخيار للمطورين على خدمة "Azure" السحابية. وكجزء من الصفقة، ستحصل "مايكروسوفت" على حصة صغيرة في الشركة.
وعلّق إريك بويد، من "مايكروسوفت"، أن "ميسترال" تقدم اختبارًا مثيرًا للاهتمام لمدى قدرة الهندسة الذكية على دفع أنظمة الذكاء الاصطناعي.