النهار

سيليكون فالي: إيلون ماسك يقود معقل التكنولوجيا الأميركي إلى اليمين
المصدر: أ ف ب
سيليكون فالي: إيلون ماسك يقود معقل التكنولوجيا الأميركي إلى اليمين
ماسك يحضر ندوة حول "معاداة السامية عبر الإنترنت" خلال مؤتمر الجمعية اليهودية الأوروبية في كراكوف (22 ك2 2024، أ ف ب).
A+   A-
منذ استحواذه على موقع تويتر، انعطف إيلون ماسك سياسيا بشكل واضح نحو اليمين، ليكسر الفكرة النمطية السائدة بأن سيليكون فالي، معقل صناعة التكنولوجيا في الولايات المتحدة، هو حصن لليبراليين الأثرياء المدينين بالفضل للديموقراطيين.

وبعدما بقيت توجهات ماسك لفترة طويلة غير قابلة للتعريف وفق القاموس السياسي التقليدي، باتت الآن يمينية متشددة بشكل لا لبس فيه، إذ يستخدم منصته "إكس" (تويتر سابقا) لإثارة قضايا تحتل الأولوية لدى شبكة "فوكس نيوز" المحافظة والحركات اليمينية المتطرفة في مختلف أنحاء دول الغرب.

في أحدث مثال على ذلك وتكرارا لنظرية مؤامرة تردد صداها في غرف الدردشة اليمينية المتطرفة، كتب ماسك الأسبوع الماضي أن الرئيس الأميركي جو بايدن يستقدم المهاجرين للحصول على أصواتهم، مما يؤسس "لأمر أسوأ بكثير من (اعتداءات) 11 أيلول".

لكن بمعزل عن المنشورات على منصات التواصل، يتساءل كثر ما إذا كان ثاني أثرى أثرياء العالم سيسخّر ثقله وثروته لدعم محاولة الرئيس السابق دونالد ترامب العودة إلى البيت الأبيض.

وتعززت الشائعات بهذا الشأن بعدما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الرجلين التقيا مع مانحين جمهوريين آخرين في فلوريدا الأسبوع الماضي.

ويتقدم الرئيس الديموقراطي جو بايدن بفارق كبير على ترامب في جمع الأموال لحملته، على رغم أن الأخير يمضي دون منافسة لحصد ترشيح الحزب الجمهوري لمنصب رئيس الولايات المتحدة. ويمكن لماسك أن يغطي الفارق المالي بمفرده.

لكن الأخير كتب على منصة إكس "لكي أكون واضحا جدا، أنا لا أتبرع بالمال لأي من المرشحَين لمنصب رئيس الولايات المتحدة".

لكن تمويل الانتخابات الأميركية غامض ومعقد، ويخشى مؤيدو بايدن من أن يغيّر ماسك رأيه أو يموّل اللجان السياسية التي تموّل بدورها ترامب، أو يجد طرقا أخرى لمساعدة الجمهوريين.

- ليس الوحيد -
ماسك ليس بمفرده في الميدان، اذ يضمّ سيليكون فالي شخصيات أخرى تدافع أيضا عن قضايا محافظة وتُسمع أصواتها في مكان يبقى معقلا ليبراليا انتخابيا.

وفي 2020، كانت حصة ترامب من الأصوات في سيليكون فالي أقل من 25 بالمئة.

ويسعى بعض كبار رجال الأعمال إلى إنشاء حركة سياسية تتبنى القضايا المحافظة والعملات المشفرة وتتعارض مع التوجه التقليدي لولاية كاليفورنيا، وإن لم تدعم ترامب بشكل مباشر.

أحد أبرز الأصوات في هذا التحول هو مارك أندريسن، وهو من أقطاب الإنترنت الأوائل ومؤسس شركة "نتسكيب"، ويشارك حاليا في إدارة أندريسن هورويتز، إحدى شركات رأس المال الاستثماري.

سبق لأندريسن أن كان أحد أقطاب التكنولوجيا المحسوبين على يسار الوسط، وكانت تربطه علاقات وثيقة بنائب الرئيس السابق آل غور. لكنه يحارب الآن بشدة ضد أولويات اليسار، ولا سيما ما يسمى اعتبارات "اليقظة" (ووكيسم) بشأن المساواة أو الشمولية في مكان العمل.

وقد طرح العام الماضي في "بيان متفائل بمستقبل التكنولوجيا" يقع في 5200 كلمة، رؤية تكنولوجية فاضلة للمستقبل، صنّفت مفاهيم الحكومة المختارة والتنظيم والمخاوف من التمييز أو المساواة كأعداء.

ومثل عدد كبير من زملائه المستثمرين اليمينيين، تستثمر شركة أندريسن بكثافة في العملات المشفرة. وأطلقت العام الماضي صندوقا مخصصا لشنّ حملات تثير مشاكل للمشرّعين الديموقراطيين والجمهوريين الذين يريدون فرض رقابة أكبر على هذا القطاع الناشئ.

وتعتبر المحللة في قطاع التكنولوجيا كارولاينا ميلانيسي إن الصراحة الناشئة قد لا تتعلق بتقليد ماسك بقدر ما تتعلق بقلق الحرس القديم من تلاشي الوضع القائم.

وتوضح "بينما يتحدث الناس عن اليقظة في قضايا التنوع والمساواة والشمول، أو عن الاستدامة، فإن كل هذه الأمور تشكل في الأساس تهديدًا للوضع الراهن".

هذا السخط هو ما دفع إلى إطلاق برنامج حواري إذاعي (بودكاست) ناجح يسمى "أول إن" (All-In) ويتحدث فيه أربعة من كبار الشخصيات في مجال التكنولوجيا، وبعض أصدقاء ماسك، عن العالم وآخر التطورات التقنية.

ومن الضيوف ديفيد ساكس، أحد أعضاء "مافيا باي بال" (PayPal)، وهي مجموعة من الأفراد بينهم ماسك، الذين عملوا في هذه الشركة الناشئة في أواخر التسعينات، وأصبحوا منذ ذلك الحين ممثّلين للحلقة الصغيرة لكن المتنامية، لذوي التوجهات اليمينية في سيليكون فالي.

أحد المستثمرين المخضرمين الآخرين في "باي بال" هو بيتر ثيل المحافظ المولود في ألمانيا، والذي تقرّب من ترامب عند وصوله الى البيت الأبيض.

لكن بعد هجوم أنصار ترامب على الكابيتول (مبنى الكونغرس) في 2021، قال ثيل إنه سيبقى بعيدًا عن السياسة، وأصبح أشبه بكبير مفكّري الجناح اليميني في سيليكون فالي.

- كارثة الذكاء الاصطناعي -
بدأت قوة الحرس الجديد تظهر مع تراجع شركات التكنولوجيا التي تنادي بالتنوع بسبب الانتقادات الموجهة إلى سان فرانسيسكو على خلفية انتشار المخدرات والجريمة، أو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يبالغ في الدفاع عن هذه المفاهيم.

وواجه رئيس مجلس إدارة غوغل سوندار بيتشاي الشهر الماضي انتقادات وخسرت أسهم شركته بعضا من قيمتها، بعدما تبيّن أن تطبيق "جيميني ايه آي" الذي أُطلقته مؤخرا أنتج صورًا لقوات نازية متنوعة عرقيًا في الحرب العالمية الثانية وغيرها من الأخطاء المخالفة للتاريخ.

وفي مؤشر إلى تزايد النفوذ المحافظ، وصف بيتشاي فوضى الذكاء الاصطناعي بأنها "غير مقبولة على الإطلاق".

وقال أحد مؤسسي غوغل سيرغي برين "أخطأنا بالتأكيد" في توليد مثل هذه الصور "اليسارية المتطرفة".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium