في ربيع عام 2022، فكّر "تويتر" في إجراء تغيير جذري على المنصّة. فبعد سنوات من السماح بهدوء بمحتوى للبالغين على التطبيق، ستعمل الشركة على تحقيق الدخل من هذا المحتوى، من خلال اقتراحٍ لمنح منشئي المحتوى البالغين القدرة على البدء في بيع اشتراكات مدفوعة على غرار "OnlyFans"، مع احتفاظ "تويتر" بحصة من الإيرادات.
"OnlyFans" عبارة عن منصّة وتطبيق عبر الإنترنت تم إنشاؤه في عام 2016، يمكن للأشخاص الدفع مقابل المحتوى (الصور ومقاطع الفيديو والبث المباشر) من خلال عضويّة شهرية. يتم إنشاء المحتوى بشكل أساسي بواسطة مستخدمي "يوتيوب" ومدرّبي اللياقة البدنية ومنشئي المحتوى والشخصيات العامة من أجل تحقيق الدخل من مهنتهم.
لو تمت الموافقة على مشروع "تويتر"، لكان قد تلقّى ردّ فعل عنيفاً من المعلنين، الذين يولّدون الغالبية العظمى من عائدات الشركة، ولكن كان من الممكن أيضاً أن تولّد الخدمة عائدات كافية لتعويض الخسائر. تتوقع "OnlyFans"، وهي أشهر مواقع منشئي المحتوى البالغين، حوالي 2.5 ملياري دولار من الأرباح هذا العام، أي حوالي نصف إيرادات "تويتر" لعام 2021.
يعتقد بعض المديرين التنفيذيين أن "تويتر" يمكن أن يبدأ بسهولة في الحصول على حصة من هذا المال، لأن "تويتر" هو بالفعل قناة التسويق الأساسية لمعظم منشئي "OnlyFans"، وهكذا تم اقتراح مشروع جديد يسمّى "تحقيق الدخل من محتوى للبالغين".
قبل الموافقة النهائية على إطلاقه، استدعى موقع تويتر 84 موظفاً لتشكيل ما أطلق عليه "الفريق الأحمر". كان الهدف هو "اختبار قرار السماح لمنشئي المحتوى البالغين بتحقيق الدخل على المنصة، من خلال التركيز على مناقشة الشكل الذي سيبدو عليه "تويتر" للقيام بذلك بأمان ومسؤولية"، وفقاً للوثائق التي حصلت عليها "ذا فيرج".
ما اكتشفه الفريق الأحمر أدى إلى خروج المشروع عن مساره؛ لم يتمكن تويتر من السماح للمبدعين البالغين ببيع الاشتراكات بأمان لأن الشركة لم تكن، ولا تزال، تراقب المحتوى الجنسي الضارّ على المنصة بفعاليّة.
خلص الفريق الأحمر في نيسان 2022 إلى أن "تويتر لا يستطيع الكشف بدقة عن الاستغلال الجنسي للأطفال والعُري غير التوافقي على نطاق واسع"، كما أن الشركة تفتقر إلى أدوات للتحقق من أن منشئي المحتوى البالغين ومستهلكي التطبيق كانوا في سن قانونية. نتيجة لذلك، أجّلت الشركة المشروع في أيار - بعد أسابيع من موافقة إيلون ماسك على شراء الشركة مقابل 44 مليار دولار - إلى أجل غير مسمّى. وإذا لم يتمكن "تويتر" أساساً من إزالة المحتوى الاستغلالي للأطفال جنسيّاً على المنصّة اليوم، فكيف سيبدأ في تحقيق الدخل من المواد الإباحية؟
وجد الفريق أن إطلاق المشروع سيزيد المشكلة سوءاً، حيث إنّ السماح لمنشئي المحتوى في وضع المحتوى الخاص بهم خلف نظام اشتراك يعني أن المزيد من المواد غير القانونية ستشق طريقها إلى "تويتر".
وقالت المتحدثة باسم تويتر كاتي روزبورو إن تقرير الفريق الأحمر "كان جزءاً من مناقشة أدت بهم في النهاية إلى إيقاف مسار العمل مؤقتاً للأسباب الصحيحة".
إيقاف المشروع لم يمنع المخالفات
لم يؤدّ توقيف المشروع إلى حلّ أيّ من المشاكل التي يحذر منها الموظفون من جميع أنحاء الشركة منذ أكثر من عام، وفقاً لمقابلات مع موظفين حاليين وسابقين، بالإضافة إلى 58 صفحة من المستندات الداخلية التي حصلت عليها "ذا فيرج"، فلا يزال "تويتر" يواجه مشكلة في المحتوى الذي يستغل الأطفال جنسيّاً. وعلى ما يبدو أن المديرين التنفيذيين مطّلعون جيّداً على المشكلة، ولكنّ الشركة لا تفعل سوى القليل لإصلاحها.
وقالت روزبورو من "تويتر": "تويتر لا يتسامح مطلقاً مع الاستغلال الجنسي للأطفال. نحن نحارب بشدّة الاعتداء الجنسي على الأطفال عبر الإنترنت واستثمرنا بشكل كبير في التكنولوجيا والأدوات لفرض سياستنا".
جزء من المشكلة هو الحجم، إذ أنّ "تويتر" هو وسيلة للتواصل العالمي مع 229 مليون مستخدم يومياً، فتواجه تحديات إدارة المحتوى التي تأتي مع تشغيل أي مساحة كبيرة على الإنترنت والصراع الإضافي المتمثل في التدقيق الضخم من قبل السياسيين ووسائل الإعلام.
ولكن على عكس أقرانه الكبار، بما في ذلك "غوغل" و"فايسبوك"، فقد عانى "تويتر" من تاريخ من سوء الإدارة ومن عمل ضعيف بشكل عام وفشل في تحقيق ربح لمدة ثماني سنوات من السنوات العشر الماضية. نتيجة لذلك، استثمرت الشركة أقل بكثير في الإشراف على المحتوى وسلامة المستخدم مقارنة بمنافسيها. في عام 2019، تفاخر مارك زوكربيرغ بأن المبلغ الذي تنفقه "فايسبوك" على ميزات الأمان يتجاوز إجمالي الإيرادات السنوية لـ"تويتر".
في غضون ذلك، بدأ النظام الذي اعتمد عليه "تويتر" بشدة لاكتشاف المحتوى الضار للأطفال في الانهيار. ووجد تقرير عام 2021 أن العمليات التي يستخدمها "تويتر" لتحديد وإزالة المحتوى غير كافية على الإطلاق.
وأفاد التقرير بأن البرنامج في "تويتر" هو "أداة قديمة غير مدعومة" تسمى "RedPanda". قال أحد المهندسين في التقرير: "RedPanda هي إلى حد بعيد واحدة من أكثر الأدوات هشاشة، وهي غير كفؤة.
ووجد التقرير أيضاً أن أدوات التعلم الآلي التي يمتلكها "تويتر" غير قادرة في الغالب على تحديد حالات جديدة من الصور الإباحية في التغريدات أو الفيديو المباشر، وحتى شباط 2022، لم تكن هناك طريقة للمستخدمين للإبلاغ عن المحتوى على أنه أي شيء أكثر من "الوسائط الحساسة" - وهي فئة واسعة تعني أن بعض أسوأ المواد على المنصة لم يتم منحها الأولوية للإشراف في كثير من الأحيان.
يعكس هذا قلق موظفي تويتر، الذين كتبوا في تقرير شباط أن الشركة، جنباً إلى جنب مع المنصات التقنية الأخرى، "سرّعت وتيرة إنشاء المحتوى الحساس وتوزيعه إلى نقطة حيث لم يعد الاكتشاف اليدوي والمراجعة والتحقيقات نافعة".