في خطوة تعبر عن أهمية المحتوى الصحافي لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التوليدي، عقدت صفقة قيمتها ربع مليار دولار بين مجموعة إعلامية أميركية وبين شركة "أوبن إيه آي" الصانعة الشهيرة لروبوت الدردشة "تشات جي بي تي".
وفي التفاصيل، أن مجموعة "نيوز كورب" الإعلامية المملوكة من عائلة الملياردير روبرت موردوك، أبرمت أمس صفقة مع شركة "أوبن إيه آي"، تتضمن توفير وصول تلك الشركة إلى المحتوى الصحافي الذي تملكه مجموعة "نيوز كروب" التي تملك "نيويورك بوست" المحافظة، و"وول ستريت جورنال" في أميركا، و"ذي صن" و"تايمز" و"صنداي تايمز" في المملكة المتحدة، بالإضافة إلى "ذي أوستراليان" الأوسترالية.
وجاءت الصفقة في وقت يدور فيه صراع حاد حول حقوق الملكية الفكرية بين مروحة واسعة من صُنّاع المحتوى بأنواعه المختلفة التي تشمل النصوص المكتوبة والمواد المرئية المسموعة وغيرها، وبين شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ووفق تلك الصفقة، نال روبوت الدردشة "جي بي تي" الحق بـتقديم المحتوى الذي تملكه مجموعة مردوخ الإعلامية حينما يقدم ردوده على أسئلة الجمهور، وفق توضيح من الطرفين.
واستكمالاً، لم يُعلن صراحة عن التفاصيل المالية للصفقة. ولكن صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مصادر مطلعة أن البعد المالي للصفقة قد يتجاوز 250 مليون دولار على مدى خمس سنوات. وقد يُدفع جزء من تلك الأموال على شكل اعتمادات لاستخدام تكنولوجيا "أوبن إيه آي".
وفي الأشهر الأخيرة، وجّه عدد كبير من المؤلفين والفنانين ومواقع المعلومات اتهامات إلى الشركات المتنافسة في صناعة روبوتات الدردشة كـ"تشات جي بي تي" ومنافسيه، بانتهاك حقوق الملكية الفكرية. وأشار صُنّاع المحتوى إلى استيلاء تلك التقنية على إنتاجاتهم يأتي ضمن التنافس بين شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي. وتذكيراً، تتميز تلك التقنية عما سبقها من التكنولوجيات الذكية، بقدرتها على إنتاج محتوى بأشكال مختلفة بينها نصوص وصور، وتقديمه كإجابات عن الأسئلة التي يطرحها الجمهور باستخدام اللغة العادية اليومية. وإذ تتطلب تلك الآليات الاستعانة بكميات هائلة من البيانات، ترتفع أهمية المحتوى بالنسبة لتكنولوجيا الذكاء التوليدي.
ومثلاً، قبيل انقضاء العام 2023، رفعت صحيفة "نيويورك تايمز" دعاوى قضائية تتعلق بحقوق الملكية الفكرية ضد شركتي "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت"، مع الإشارة إلى أن الأخيرة باتت من الممولين الرئيسيين لـ"تشات جي بي تي". وعلى نحوٍ مماثل، قدمت ثماني صحف أميركية محلية شكوى مشابهة في ربيع السنة الجارية.
وتذكيراً، إنها ليست المرة الأولى التي تبرم فيها شركة "أوبن إيه آي" صفقة تتعلق بالمحتوى الإعلامي مع صُنّاعه. إذ عقدت تلك الشركة مجموعة صفقات مماثلة في الأشهر الأخيرة، مع مؤسسات إعلامية، من بينها وكالة "ايه بي" للأنباء ومجموعة "أكسل سبرينغر" الألمانية (ناشرة صحيفة "بيلد")، وصحيفة "لوموند" الفرنسية، ومجموعة "بريسا ميديا" الإسبانية وغيرها.