النهار

مكافحة الاحتكار سلاح أميركا للوقاية من مخاطر الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ
المصدر: "النهار"
في خضم مسار متشابك عن مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي وصل إلى حدود سلطات الدول الكبرى، يواجه بعض أضخم صُنّاع تلك التكنولوجيا، تحديداً "مايكروسوفت" و"انفيديا" "و"أوبن إيه أي "، احتمال إجراء تحقيق لمكافحة الاحتكار.
مكافحة الاحتكار سلاح أميركا للوقاية من مخاطر الذكاء الاصطناعيّ التوليديّ
مخاطر الذكاء الاصطناعيّ قد تلجمها قوانين مكافحة الاحتكار (أحمد مغربي)
A+   A-
راغب ملّي
 
في خضم مسار متشابك عن مخاطر الذكاء الاصطناعي التوليدي وصل إلى حدود سلطات الدول الكبرى، يواجه بعض أضخم صُنّاع تلك التكنولوجيا، تحديداً "مايكروسوفت" و"انفيديا" "و"أوبن إيه آي"، احتمال إجراء تحقيق لمكافحة الاحتكار. وبعد اتفاق جهات تشريعية وهيئات قانونية معنية بمكافحة الاحتكار، صدرت قرارات من وزارة العدل الأميركية، أزالت العوائق أمام رفع دعاوى بتلك التهمة ضد الشركات الثلاث.
 
وفقاً لتقارير وسائل إعلامية غربية، اتفقت وزارة العدل الأميركية و"لجنة التجارة الفيديرالية" على مشاركة تحقيقات عن مكافحة الاحتكار في صناعة الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقد أبرمت الصفقة خلال الأسبوع الماضي. ويُتوقع إنهاؤها في الأيام المقبلة، فيما بقيت المناقشات سرّية ولم يُسمح حتى بالإعلان عنها. ويُعدّ الحدث أقوى علامة على شدّة القلق حيال مخاطر الذكاء التوليدي، وكيفية تصاعد التدقيق التنظيمي في التقنيات القوية.
 
 
ثلاثية مايكروسوفت و"إنفيديا" و"أوبن إيه آي"
 
ضمن ذلك السياق، تستعدّ وزارة العدل للتحقيق في شركة "إنفيديا" الرائدة في صناعة أشباه الموصلات والرقاقات المتطورة التي تدعم حوسبة الذكاء الاصطناعي. وكذلك ستحقق "لجنة التجارة الفيديرالية" في مدى تمتع "مايكروسوفت" وشريكتها "أوبن إيه آي"، صانعة روبوت الدردشة "شات جي بي تي"، بمزايا غير عادلة بالنسبة إلى الشركات المنافسة لها في حقل التطور التكنولوجي السريع، خصوصاً التكنولوجيا المستخدمة في صنع النماذج اللغوية الكبيرة.
 
 
وتتشارك وزراة العدل ولجنة التجارة في تطبيق إجراءات مكافحة الاحتكار الأميركية. وعليهما التدقيق في أي تحقيق مع الهيئات النظيرة لهما في مؤسسات الدولة الأميركية، قبل شروعهما في أي تحقيق جديد.
 
وفي العادة، تسير تلك الآلية بصورة روتينية، وتجري مع مراعاة لمصالح الصناعة، بهدف "ألا يخنق التشريع الابتكار"، وفق شعار أميركي شائع. وفي المقابل، ليس من وضوح في خطوط المصالح في صناعة التكنولوجيا وأسواقها.
 
وتحتل الوكالتان كلتاهما مكانة متقدمة في جهود إدارة بايدن لكبح جماح قوة كبريات شركات التكنولوجيا. وقد عملتا على صفقة مماثلة في عام 2019، حينما حققت الحكومة مع شركات "غوغل" و"أبل" و"أمازون" و"ميتا". ومنذ ذلك الحين، رُفعت دعاوى قضائية ضد كل تلك الشركات وغيرها بدعوى انتهاكها قوانين مكافحة الاحتكار.
 
 
وخلال السنوات الماضية، نجت شركات "مايكروسوفت" و"إنفيديا "و"أوبن إيه آي" إلى حد كبير من وطأة التدقيق التنظيمي لإدارة بايدن. ولكن المشهد تغيّر مع تصاعد ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي، في أواخر عام 2022 الذي خلق حالة من الجنون في التنافس بين أطراف تلك الصناعة.
 
ابحث عن ... الأموال!
 
لقد استثمرت "مايكروسوفت" مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية الأخيرة. وتستخدم شركة "أوبن إيه آي" موارد الحوسبة الهائلة لدى مايكروسوفت في تطوير تقنيتها. وفي المقابل، تعمل شركة البرمجيات العملاقة على دمج خدمات "أوبن إيه آي" في أعمالها الأساسية، بما في ذلك محرك البحث "بينغ" Bing. دفعت هذه السياسات والعوامل المنظمين حول العالم إلى الشعور بالقلق من أن الاستثمار نُظّم بطرق تضمن تجنّب مراجعات الاندماج القانونية، وأن الشراكة ستمنح الشركتين ميزة غير عادلة على المنافسين.
 
 
وكذلك ارتفعت أرباح "إنفيديا" بنسبة كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية. وقد تجاوز حجمها ثلاثة تريليونات دولار عشية القرار المشار القانوني المشار إليه أعلاه. وقد كيّفت "إنفيديا" رقائقها الإلكترونية، المستخدمة تقليدياً لرسوم الكمبيوتر، كي تتناسب مع أعباء الأعمال الحاسوبية الثقيلة للذكاء الاصطناعي التوليدي. تشير التقديرات إلى أن الشركة تمتلك ما يصل إلى 90% من سوق رقائق الذكاء الاصطناعي المتطوّرة، التي غالباً ما يصعب الحصول عليها. وكذلك ذكرت تقارير صحافية أن الوكالة الفرنسية لمكافحة الاحتكار تحقق بالفعل مع "إنفيديا". وفي سياق متصل، واجهت تلك الشركة انتقادات من العملاء والمنافسين بسبب أساليبها في المبيعات التي يقول بعض منافسيها إنها تقيّدهم. وينطبق وصف مماثل على أساليب "إنفيديا" في تجميع البرامج الأساسية المتعلقة بالرقائق المتطورة.
 
المخازن التراكمية للذكاء الاصطناعي
 
تجري "لجنة التجارة الفيديرالية" دراسات عن سوق تقنية "حوسبة السحاب" Cloud Computing واستثمارات الذكاء الاصطناعي في "مايكروسوفت" و"أمازون" و"غوغل"، يدور النقاش حول ما يسمّى المخزن التراكمي للذكاء الاصطناعي. ويتجمع في ذلك المخزن أشباه الموصلات العالية الأداء، وموارد الحوسبة السحابية الضخمة، والبيانات اللازمة لتدريب النماذج اللغوية الكبيرة، والبرمجيات اللازمة لدمج تلك المكونات، والتطبيقات الموجّهة إلى المستهلك مثل "شات جي بي تي".
 
ومع ذلك، لا تزال الولايات المتحدة متخلفة عن أوروبا في تنظيم الذكاء الاصطناعي التوليدي. في العام الماضي، اتفق مسؤولو الاتحاد الأوروبي على قواعد تاريخية للتحكّم بالتكنولوجيات السريعة التطوّر، مع التركيز على الطرق الأكثر خطورة في استخدامها. وخلال الشهر الماضي، أصدرت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ توصيات تشريعية للذكاء الاصطناعي، داعين إلى إنفاق 32 مليار دولار سنوياً بغية تعزيز الموقع القيادي لأميركا في التكنولوجيا، لكنهم أحجموا عن طلب لوائح جديدة محدّدة.
 

اقرأ في النهار Premium