النهار

هل تحفظ التكنولوجيا الذاكرة اللغوية للبشرية من التآكل؟ ​
المصدر: "النهار"
طوّر باحثون في معهد "ماساتشوستس" Massachusetts للتكنولوجيا، روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث يُمكّن الروبوت المُطوّر المستخدمين من إشراكهم في محادثات مع ذواتهم المستقبلية، وذلك بهدف تعزيز اتخاذ قرارات مدروسة بشأن الصحة والمالية والمسارات المهنية. ومن خلال محاكاة الذات الأكبر سناً للفرد والاستفادة من الذكريات الاصطناعية، يشجع برنامج "Future You" المستخدمين على النظر في تطلعاتهم الطويلة المدى واتخاذ خيارات مستنيرة في حاضرهم.
هل تحفظ التكنولوجيا الذاكرة اللغوية للبشرية من التآكل؟ 

​
تصميم الذكاء الاصطناعي.
A+   A-

هل تصبح تقنيات الذكاء الاصطناعي حصناً وملاذاً ليحمي اللغات الأصلية المهددة بالانقراض؟ هل يؤدي الانتشار المتوسع للتقنيات المتطورة إلى إعطاء المجموعات التي تنطق بتلك اللغات، سلاحاً يمتزج الوجود الافتراضي للغات مع واقعها الفعلي بما يؤول إلى حفظ الذاكرة اللغوية للبشرية من التآكل؟ 

 
ومجدداً، غدت تلك الأسئلة وغيرها موضع تفكير فعلي، حيث أبدت شركات كبرى في المعلوماتية والاتصالات المتطورة اهتمامها باستعمال التقنيات الذكية في حماية اللغات الأصلية، خصوصاً تلك التي تنطق بها مجموعات سكانية أصلية في إحدى مناطق إيطاليا. 
 

واستكمالاً، أكدت "موتورولا Motorola" و"لينوفو Lenovoالتزامهما بتوسيع مبادرة دعم اللغات الأصلية. إذ أعلنت "موتورولا" عن إضافة اللغة اللادنية المعروفة في منطقة الدولوميت (جنوب تيرول)، إلى قائمة أكثر من 90 لغة مدعومة في هواتفها الذكية.

 

وتُعتبر اللغات الأصلية جوهر الثقافات والتاريخ والتقاليد للشعوب الأصلية حول العالم. لكن تواجه مجموعة منها خطر الانقراض بسبب العولمة، والهيمنة اللغوية، والسياسات الحكومية وغيرها.

 
 

3,000 لغة فريدة مهددة بالانقراض

 

تُقدِّر "منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة" أن لغة واحدة من لغات السكان الأصليين تختفي كل أسبوعين، ما يؤدي إلى فقدان محتمل لنحو 3,000 لغة فريدة بحلول نهاية القرن.

 

ولهذا السبب على مدى السنوات الثلاث الماضية، ومع التركيز على أوروبا في المرحلة الأخيرة من مبادرة دعم لغات السكان الأصليين، أجرت "موتورولا" بحثاً لتحديد لغات الأقليات واللغات المهددة بالانقراض. ومن بين اللغات التي أُخِذت بالحسبان، برزت اللغة اللادنية من بين اللغات المهمة، كونها واحدة من 12 لغة أقلية معترفاً بها رسمياً في إيطاليا وواحدة من اللغات الثلاث التي ليس لديها سكان ناطقون بها في الإقليم، أو كيان قريب فيه مجموعات من الناطقين بها. ومع وجود 30 ألف متحدث بها، تصنف "يونسكو" اللغة اللادنية على أنها لغة مهددة بالانقراض.

 
 

إضافة اللادنية إلى واجهة الهاتف الذكي

 

في هذا الصدد، تعاونت "موتورولا" و"لينوفو" مع عديد من المترجمين والمراجعين من "معهد لادن، ميكورا دي رو"، بقيادة البروفسور بول فيديسوت، أستاذ فقه اللغة الرومانسية في جامعة بوزن-بولزانو الحرة. وقد اعتبر الأخير أن هذه الخطوة ستساعد ”لغة لادن ولغات الأقليات الأخرى على أن تكون أكثر وضوحاً"، مضيفاً أن "الهواتف الذكية تشبه قلم الرصاص في القرن الحادي والعشرين، كما أن وجود لغات الأقليات، بما في ذلك لغة لادن، في سلسلة motorola edge 50، له الأهمية نفسها لوجود لغة في كتاب".

 

وفي السياق عينه، فإن اللادنية هي الأحدث من بين عدد من اللغات المهددة بالانقراض التي أضافتها "موتورولا" إلى واجهة هواتفها الذكية، بما في ذلك كوفي وكانغري (المستخدمة في مناطق الهند)، وشيروكي (المستخدمة في الولايات المتحدة)، وكاينجانج (المستخدمة في البرازيل)، ونهينجاتو (المستخدمة في الأمازون).

 

وتؤكد "موتورولا" أنها ملتزمة بالمهمة المتمثلة في الشمول والحفاظ على الثقافة، والاستفادة من التكنولوجيا لسد الفجوات اللغوية وتعزيز عالم أكثر تنوعاً وترابطاً.

 
 

اللغات الأصلية وخطر الانقراض

 

تُعد اللغات الأصلية جزءاً لا يتجزأ من التراث، وللحفاظ على هذه اللغات المهددة بالانقراض، يبذل اللغويون والمجتمعات الناطقة بها جهوداً لتوثيقها وتعليمها للأجيال الجديدة. إذ تُعتبر اللغات الأصلية مهمة لأنها تحمل معلومات عن تاريخ الشعوب وثقافتها، كما تحتوي على معارف متعلقة بالبيئة والطب الشعبي والممارسات الزراعية المستدامة، والتي يمكن أن تقدم حلولاً لتحديات معاصرة مثل تغير المناخ.

 

ومن الناحية التقنية على وجه الخصوص، هناك طرق عدة للحفاظ على اللغات المهددة بالانقراض، مثل إنشاء معاجم رقمية، أي استخدام التكنولوجيا لإنشاء قواميس ومعاجم رقمية تساعد في توثيق اللغات وتسهيل تعلمها. ويتطلب الأمر تطوير تطبيقات للهواتف الذكية والأجهزة اللوحية تساعد في تعلم هذه اللغات وممارستها. وبالطبع، يشكّل استخدام الذكاء الاصطناعي إحدى أهم الطرق من خلال تطوير نماذج تتعرف على اللغات وتساعد في ترجمتها وتعلمها.


اقرأ في النهار Premium