تلقّى الرئيس الأميركيّ الأسبق دونالد ترمب جرعة دعمٍ من الرئيس التنفيذيّ لـ"تسلا" إيلون ماسك خلال اجتماع مساهمي الشركة. إذ وصفه بـ"اللطيف جداً". وذكر ماسك أنّ ترمب يتصل به من دون أيّ سبب، وأضاف: "لا أعرف لماذا، لكنّه يفعل ذلك".
يأتي هذا قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركيّة، وبعد أن أعرب الملياردير المثير للجدل عن عدم إعجابه ببايدن وأنه "لا يميل لدعمه" في آذار الماضي. جاء ذلك بعد لقاء "مصادفة" مع ترمب في "بالم بيتش" في فلوريدا، حينما تناول الفطور لدى أحد أصدقائه، ومرّ ترمب في المكان "بشكل غير مخطّط له".
يُذكر أنّ إيلون ماسك كشف في وقتٍ سابق أنّه صوّت لبايدن في انتخابات العام 2020.
ماسك "المستشار"
ألمح تقرير نشرته "وول ستريت جورنال" إلى إمكانيّة تعيين ماسك في منصب استشاريّ إذا فاز ترمب بالانتخابات الرئاسية. ونقل أشخاص مطّلعون على المحادثات إلى الصحيفة إنّ الدور لم يتبلور بشكل كامل، وإنّ الأمر قد لا يحدث. وفي المقابل، ناقش الرجلان طرق منح ماسك صفةً رسمية وتأثيرًا على السياسات المتعلّقة بأمن الحدود والاقتصاد، وكلتاهما قضيّتان تناولهما ماسك بشكل صاخب في الفترة الماضية.
وبحسب التقرير، ناقش الرجلان هذا الدور الاستشاري المحتمل خلال لقاء في "بالم بيتش"، مع مجموعة من الأصدقاء الأثرياء والنافذين. بينما كان الضيوف يتناولون وجبة الفطور صباح يوم الأحد الماضي، وقد تكونت من البيض ولحم الخنزير المقدد والفواكه الطازجة، تحدث ترامب وماسك عن انتخابات نوفمبر (تشرين ثاني)، وانتقدوا إدارة بايدن للبلاد، وفق مطلعين على ذلك النقاش.
ويرجح أن تأتي الوظيفة الاستشارية الإدارية المحتملة لماسك مشابهةً للدور الذي شغله في الماضي، إسحاق بيرلماتر، الرئيس السابق لشركة "مارفل" للأعمال السينمائية. وقد عين بيرلماتر خلال رئاسة ترامب في وزارة شؤون المحاربين القدامى بصفة استشارية.
كذلك يُذكر أن ماسك عمل في المجموعات الاستشارية للأعمال بالبيت الأبيض خلال فترة رئاسة ترمب، لكنه استقال منها في العام 2017 بعد معارضته قرار ترمب سحب الولايات المتحدة من "اتفاق باريس للمناخ".
لماذا يدعم ماسك ترمب؟
إلى جانب ترجيح أن تخدم سياسات ترمب الاقتصادية والتشريعية مصالح الشركات الأميركية وأصحابها، يملك ماسك هدفاً آخر وراء دعمه لترمب. إذ تستمر هيئة الأوراق المالية والبورصات، التي يديرها غاري غينسلر، أحد المعينين من قبل بايدن، في ملاحقة المالك الشهير لمنصة "إكس" (تويتر سابقاً).
أمضت "هيئة الأوراق المالية والبورصات" العامين الماضيين في التحقيق بشراء ماسك لـ"تويتر" والطريقة التي أفصح بها أو أخفى حقيقة أنه دأب على شراء أسهم "تويتر" قبل تملّكها في عام 2022. والآن، تشير صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن الهيئة تقترب من تقديم قضية رسمية. وتطرح فكرة أن ذلك قد يكلف ماسك دوره كرئيس تنفيذي لشركة "تسلا"، وكذلك كمدير فني في منصة "إكس".
لم تتخذ "هيئة الأوراق المالية والبورصة" أي إجراء تنفيذي حتى الآن ضد ماسك، فيما أشار مسؤولون سابقون إلى إنه إذا قدمت "هيئة الأوراق المالية والبورصة" شكوى رسمية ضد ماسك بتهمة الاحتيال، فمن المرجح أن يطلب المنظمون مرة أخرى من المحكمة منعه من العمل كمسؤول أو مدير لشركة عامة، ما يعرضه لإمكانية عزله من "تسلا".
وفي الإطار نفسه، سبق لـ"هيئة الأوراق المالية والبورصات" أن لاحقت ماسك. وفي عام 2018، رفعت دعوى قضائية ضده واتهمته بأنه أدلى بتصريحات كاذبة حول تحويل شركة "تسلا" إلى شركة خاصة. بعد ذلك، توصل ماسك إلى تسوية مع تلك الهيئة جاءت بمثابة صفعة خفيفة للغاية على معصم أحد أغنى الرجال في العالم.
وإذا صحَّ ذلك، فيمكن تخيُّل أن ماسك لديه حافز ضخم لدعم ترمب. وكذلك فإنه يأمل في أن وصول ترمب إلى الرئاسة سيليه في وقت ما تعيين رئيس جديد لـ"هيئة الأوراق المالية والبورصات" الذي سيوقف أو يغير تصرفات تلك الهيئة حيال ماسك.
وفي ملمح مغاير، جاءت المرة الأخيرة التي طاردت فيها "هيئة الأوراق المالية والبورصات" ماسك، أثناء ولاية ترامب في البيت الأبيض. وآنذاك، كان أحد المعينين من قبل ترمب، جاي كلايتون، يدير "هيئة الأوراق المالية والبورصات"، لذا فإن فوز ترمب لا يضمن نجاة ماسك من ملاحقات تلك المؤسسة.
وفي المقابل، أكد خبراء قانونيون صعوبة فوز "هيئة الأوراق المالية والبورصة" في قضيتها ضد ماسك. إن انتهاك روح قواعد الإفصاح عن السلوكيات الخاصة المتعلقة بالاستثمار والأموال، التي تتبعها "هيئة الأوراق المالية والبورصة"، [وهي تتعلق في هذه الحالة بإخفاء ماسك استثمار أمواله في "تويتر"] لا يعني ارتكاب الاحتيال الصريح. ومن ناحية اخرى، من المؤكد أن ماسك لا يفضل الاضطرار إلى الذهاب إلى المحكمة للتثبت من ذلك.
إنها ليست المرة الأولى التي يخوض فيها ماسك وحول السياسة، إذ سبق أن أقحم نفسه في سجالات حول حرب روسيا – أوكرانيا وحرب غزة، وكذلك تشكّل علاقاته مع الصين محط تساؤلات كبرى.
وعلى أي حال، يتوجب أن يتنبّه ماسك إلى أن رهانه على سباق البيت الأبيض مقامرة، وأن الرياح قد تجري بما لا تشتهي سفنه، حتى إن فاز مرشحه "اللطيف جداً".