تخيّل لو استطعت وصف لحن يراودك بعبارات بسيطة مثل "مطر يضرب على سطح صفيح"، ليقوم بعدها البرنامج بإنشاء مقطوعة موسيقية كاملة تحاكي ذلك المشهد!
هذا الأمر أصبح أقرب من أيّ وقت مضى بفضل شركة "ستابيليتي إيه آي" الرائدة في مجال الذكاء التوليديّ، التي كشفت النقاب عن "ستايبل أوديو أوبن" Stable Audio Open، نموذج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر قادر على تحويل النصوص إلى أصوات وأغاني.
يستمدّ "ستايبل أوديو أوبن" قوّته من ملايين العينات الموسيقية الخالية من حقوق الملكية، ليمنح المستخدمين القدرة على إنشاء إيقاعات طبول مثيرة، ومقاطع عزف ساحرة على مختلف الآلات، وحتى أصوات تضيف لمسة واقعية على أعمالهم الفنية.
لا يتوقف طموح Stable Audio Open عند هذا الحدّ، إذ يمكنه أيضاً "إعادة تلوين" مقطوعات موسيقية موجودة أو تطبيق أسلوب موسيقي محدّد (مثل الجاز) على مقطوعة أخرى مختلفة تماماً.
يتيح "ستايبل أوديو أوبن" المجال أمام صانعي الأفلام والمؤلفين الموسيقيين لاستكشاف آفاق إبداعية جديدة. فبإمكان المخرج السينمائي مثلاً أن يطلب من النموذج ابتكار مقطوعة موسيقية تصوّر "عاصفة ثلجية على سطح المريخ" ليحصل على موسيقى تصويرية فريدة تعزّز أجواء الفيلم.
واجهت شركة "ستابيليتي إيه آي" Stability AI تحدّيات في الآونة الأخيرة في تطوير منتجاتها، خصوصاً بعد استقالة نائب رئيس قسم الصوت التوليديّ، إد نيوتن ريكس، بسبب زعمه أنّ الشركة تدرّب النماذج التوليدية على أعمال محميّة بحقوق الطبع والنشر.
وتسعى الشركة من خلال هذا النموذج الجديد إلى الدفاع عن نفسها من الاتهامات الموجهة إليها في هذا الشأن، كما تهدف إلى ترويج خدماتها المتقدمة لإنتاج الأصوات بالذكاء الاصطناعي.
ومن الجدير بالذكر أنّ شركة "سوني" أرسلت خطابًا في أيّار/ مايو الماضي إلى مئات الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي تحذرها من "الاستخدام غير المصرّح به" للمواد الفنية التي أنتجها، بهدف تدريب مولّدات الصوت.
على الرغم من إمكانياته الواعدة، يقرّ مطوّرو "ستايبل أوديو أوبن" بأنّ النموذج يواجه بعض القيود الحالية. إذ لا يستطيع توليف أغانٍ كاملة أو ابتكار ألحان مميزة، على الأقلّ ليس بجودة عالية. وكذلك فإنّ دقّته تختلف بحسب الأنماط الموسيقية والخلفية الثقافية، الأمر الذي يعزوه المطوّرون إلى طبيعة البيانات التي تمّت تغذية النموذج بها.
مع انطلاق "ستايبل أوديو أوبن"، تدخل صناعة الموسيقى عصراً جديداً من التعاون بين الإنسان والآلة. ففي حين يوفّر الذكاء الاصطناعيّ للموسيقيين أدوات مبتكرة لتوليد الأفكار وتنفيذها، يظلّ الإبداع الفنّيّ واللمسة الإنسانية هما اللذان يرقيان بالأعمال إلى أعلى مستويات الجودة والتأثير.