النهار

جدال حول مدى التوازن في قرارات "ميتا" الأخيرة
المصدر: النهار
جدال حول مدى التوازن في قرارات "ميتا" الأخيرة
تعبيرية: قرارات جديدة من "ميتا" بخصوص قواعد النشر
A+   A-
خطأ كبير، ضرر واسع النطاق وقمع بلا داع لخطاب الملايين من المستخدمين. هكذا وجد مجلس الرقابة لشركة "ميتا" في مراجعته حول تقييد كلمة "شهيد" سابقاً . يبدو أن هذا القرار يأتي في سياق النقاش المستمر حول حرية التعبير والمحتوى على الإنترنت.
السماح باستخدام كلمة شهيد بشروط

في 2 تموز (يوليو) 2024، أعلنت الشركة عن نيتها اعتبار كلمة "شهيد" محايدة بشروط. والآن، يُسمح باستخدام هذه الكلمة على منصتي "إنستغرام" و"فيسبوك" من دون أن يؤدي ذلك غالبًا إلى إزالة المحتوى. ومن أجل الامتثال لهذا القرار، يجب أن لا ينتهك المحتوى سياسات الشركة أو يحتوي على إشارات العنف الثلاث.
 
وفي متابعة لقرارات شركة "ميتا" الأخيرة، وخلال مقابلة مع "النهار العربي"، يقول جلال أبو خاطر، مدير المُناصرة في "حملة- المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي" للحقوق الرقمية، "إن التوصية السياسية التي قدمها مجلس الرقابة في "ميتا" أشارت إلى أن حظر كلمة "شهيد" كان غير متناسب، وتسبب بالإشراف المفرط على المحتوى الفلسطيني، وانتهك حقوق الفلسطينيين الرقمية بشكل واسع. وتبني "ميتا" لرأي مجلس الرقابة بشأن إزالة الحظر الشامل على كلمة "شهيد" هو خطوة طال انتظارها، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح لمواجهة انتهاك الحقوق الرقمية الفلسطينية بالإفراط في الإشراف على المحتوى الفلسطيني".
 
وكذلك إعتبر الأستاذ الجامعي والخبير بمواقع التواصل الاجتماعي عبد الرحمن السيد، أنه "حتى إن سمحت الشركة بطلب من مجلس ادارتها استعمال كلمة "شهيد" على المحتوى المنشور على فايسبوك وانستغرام وعدم تقييده في حال استعمال الكلمة؛ إلا أن ذلك يأتي بعد حملة استقالات جماعية تعرضت لها الشركة من موظفين من أصول فلسطينية وغيرهم ممن يعتبرون الشركة منحازة بشكل شبه كامل للسردية الإسرائيلية، وحملة مطالبات للشركة بأن تتوقف عن تقييد الوصول للحسابات الفلسطينية بذريعة الحفاظ على حرية التعبير".
 
ويضيف السيد :"هنالك خصوصية لما تملكه كلمة "شهيد" من دلالات دينية وثقافية في المجتمعات العربية، وبعض المجتمعات العالمية. ولا بد من لفت النظر أن منصة "تيك توك" المنافسة لـ"ميتا"، حصدت أرقاماً عالية من حيث عدد المستخدمين وأوقات النشر. ولذلك، اعتقد أن "ميتا" باتت تواجه بصورة واقعية أن حظرها للمحتوى لا يمكن أن يمنع الحقيقة من الوصول الى المجتمع العالمي".
 
ويرى العديد من المتابعين وجود أساس فعلي للحراك والمطالبات تجاه شركة "ميتا" بإعادة النظر في بعض القيود التي تفرضها والتي تُعد تحيّزاً، ما يتنافى مع مبدأ الحياد الذي يفترض أن تنتهجه الشركات. وأشار إلى ذلك الأمر أبو خاطر الذي لفت أيضاً إلى فعالية الضغط في هذا الإطار. وذكر بان مركز حملة شارك بتقديم رأيه إلى مجلس الإشراف لشركة "ميتا"، ودعم عملية تقديم الرأي الاستشاري، ومجلس الرقابة قام بدوره في اقتراح نهج سياسي بديل لشركة "ميتا".

قيود على استخدام كلمة "صهيوني" بشكل سلبي
بعد قرارها السابق حول كلمة "شهيد" وفي 10 تموز (يوليو) 2024، أعلنت شركة "ميتا" قرارًا بحظر استخدام كلمة "صهيوني" على منصاتها، إذا جاءت ضمن خطاب يحرض ضد اليهود والإسرائيليين. جاء القرار بعد استشارات استمرت لأشهر حول غايات وطبيعة استخدام هذا المصطلح. وبحسب الشركة يكمن الهدف بمنع استخدامه الكلمة كوسيلة للترويج للكراهية ضد الأفراد. وسيتم حذف أي منشور يحتوي على كلمة "صهيوني" عندما يكون المقصود بها الإشارة إلى يهود أو إسرائيليين بشكل سلبي، وعندما يحتوي على كلام يحطّ من إنسانيتهم أو يشتمل على أفكار نمطية معادية للسامية. 
 
سيتم تصفية المحتوى المخالف تلقائيًا من خلال خوارزميات المنصات، وتعتبر الشركة أن قرارها هذا يهدف إلى تحسين تجربة المستخدم والحفاظ على بيئة إيجابية.
 
وفي سياق سؤاله عن هذا القرار يعتبر السيد: "بعد رفعها التقييد عن كلمة شهيد وفي محاولة منها لإرضاء من يتهمها بتقييد حرية التعبير، سايرت شركة "ميتا" اللوبي الصهيوني الذي ضغط عليها برأي الكثيرين لتقييد المحتوى الفلسطيني، وسارعت لكسب رضاه بمنعها استخدام كلمة صهاينة وتقييد المحتوى الذي يعادي السامية، اذ اعتبرت الشركة ان استخدام هذا المصطلح يدل على كراهية اليهود".
 
ويضيف السيد :"بيد أنه [مصطلح صهيوني] فعلياً يصف الحركة السياسية التي أسسها ثيودور هرتزل من أجل اقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين، وحيث إن مصطلح الصهيونية بات يستعمله الكثير من الناشطين حول العالم للتفريق بين المؤيدين لإجرام إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني منذ العام 1948، وبين اتباع الطوائف اليهودية التي تناهض اسرائيل ككيان مغتصب للأرض الفلسطينية".
 
في المقابل، اعتبر أبو خاطر أن هذا القرار خطير، لأن الخلط بين الأيديولوجية الصهيونية واليهودية يخاطر بقمع الخطاب النقدي للصهيونية وسياسات إسرائيل. ورأى أنه يجب حماية جميع الجنسيات من خطاب الكراهية، ويجب على "ميتا" أن تبذل المزيد لحماية الفلسطينيين من الكمية غير المسبوقة من خطاب الكراهية والتحريض التي تستهدف الفلسطينيين واليهود وغيرهم من الجنسيات على منصاتها، بدلاً من إنشاء سياسة تقمع الخطاب الشرعي المتقد للأيديولوجية السياسية المعروفة بالصهيونية.
 
ويضيف السيد: "حاولت شركة "ميتا" اطهار التوازن بين القرارين، ولكنها فعلياً انصاعت لضغوط اللوبي الصهيوني وكل من يؤيد الإبادة الجماعية الحاصلة في غزّة منذ أكثر من 9 أشهر ومحاربة المحتوى الغربي الذي ينشط بالدفاع عن فلسطين".
 
إتهامات بالتحيّز ضد المحتوى الفلسطيني
تتعرّض شركة "ميتا" لاتهامات متزايدة بالتحيز ضد المحتوى الفلسطيني على منصاتها، خلال الحرب الإسرائيلية على غزة. في عام 2021، تم حذف وتعطيل العديد من الحسابات التي دعمت القضية الفلسطينية. 
 
ومنذ ذلك الحين، استمرت الانتقادات وتصاعدت مع الأحداث الأخيرة في المنطقة. وأشارت صحف غربية مثل "غارديان" إلى نهج "ميتا" في إدارة المحتوى المتعلق بالشرق الأوسط، واتهمتها بقمع المحتوى الداعم لفلسطين على منصاتها. وكذلك أجرت الشركة نفسها دراسة في عام 2021 أظهرت حدوث تأثير سلبي على حقوق الإنسان للمستخدمين الناطقين بالعربية، بما في ذلك الفلسطينيون.

اقرأ في النهار Premium