النهار

الفراشات لا تكتفي برحيق الأزهار بل تستطيع تلقيحها... كهربائياً
المصدر: أ ف ب
الفراشات لا تكتفي برحيق الأزهار بل تستطيع تلقيحها... كهربائياً
فراشة - صورة تعبيرية ( Joshua J. Cotten- Unsplash).
A+   A-
لا تكتفي الفراشات بامتصاص رحيق الزهور، بل تستطيع المساعدة في تلقيحها بفضل شحنة كهربائية ساكنة تخزنها أثناء الطيران، بحسب ما أظهرت دراسة نشرت الأربعاء.

فقشريات الأجنحة، أي فراشات النهار والليل، تندرج في فئة الحشرات الملقّحة، إذ تنقل حبوب اللقاح من نبات مزهر إلى آخر، بما يساهم في تكاثر هذه الزهور.

وقللت بعض الدراسات شأن هذا الدور، فرأت في الفراشة مجرّد "طفيليّ"، واعتبرت أنها متعطشة للرحيق أكثر من أي شيء آخر، على ما أفاد عالم الأحياء سام إنغلند، من معهد ليبنيز الألماني لعلم التطور والتنوع الحيوي.

والدراسة التي أعدّها ونشرتها مجلة "إنترفايس" الصادرة عن منظمة "رويال سوسايتي" البريطانية هي الأولى التي تقيس قدرة الفراشات على التلقيح باستخدام الكهرباء التي تخزّنها أثناء طيرانها.

وكان معروفاً منذ زمن طويل أن الملقحات الرئيسية كالنحلة الطنانة أو النحلة، تجمع حبوب اللقاح وتفلتها من خلال الاحتكاك بالأعضاء التناسلية للزهور.

ولكن اعتباراً من ثمانينات القرن العشرين فقط، افترض علماء الأحياء أن القوى الكهروستاتيكية يمكن أن تؤدي أيضاً دوراً في هذه العملية التي تُعدُّ ضرورية للتكاثر الجنسي للنباتات المزهرة.

وقال سام إنغلند لوكالة فرانس برس إنه "جانب لم يُدرَس بالتفصيل من الناحية البيئية".

وتكمن الفكرة في أنّ شحنة كهربائية موجبة تتراكم في جسم الحشرة خلال طيرانها، تنتج عن احتكاك أجنحتها بالهواء. ومع ذلك، فإن "نسبة جيدة من حبوب لقاح الزهور مشحونة سلباً"، بحسب عالم الأحياء.

وبما أن شحنات متضادة ينجذب بعضها إلى بعض، من الطبيعي أن تتجه حبوب اللقاح نحو بطن الحشرة الملقحة، ثم تتلقى شحنة موجبة أثناء نقلها إلى زهرة أخرى، حيث من الطبيعي أن تنجذب إلى المجال الكهربائي السالب لهذه الزهرة.

- التلقيح "من دون تَلامُس" -
وقال "لقد أظهرنا أن النحل يراكم شحنات كهربائية كبيرة بهذه الطريقة"، لكنّه أشار إلى أن "أحداً لم يقِس ذلك بالنسبة للفراشات".

في دراسته المأخوذة من أطروحة الدكتوراه التي أعدّها في جامعة بريستول البريطانية، تولى سام إنغلند قياس الشحنة الكهربائية الصافية لأحد عشر نوعاً من الفراشات، موطنها خمس قارات، واستخدم لذلك خصوصاً جهاز بيكوامتر لقياس الشحنات الكهربائية الصغيرة، وضعَه عند مخرج نفق طارت فيه كل فراشة لمدة 30 ثانية على الأقل.

وتبيّن بالنتيجة أن "شحنة كهربائية موجبة تراكمت لدى معظم قشريات الأجنحة"، وفقاً للباحث، الذي استخدم بعد ذلك برنامج محاكاة رقمية لنمذجة المجال الكهربائي الموجود بين الحشرة والزهرة، بالإضافة إلى تأثيره على حبوب اللقاح.

وخلصت الدراسة إلى أن الشحنة الكهربائية للحشرة توفّر في المتوسط قوة إلكتروستاتيكية كافية لرفع نحو مئة حبة حبوب لقاح بارتفاع ستة مليمترات في أقل من ثانية، حتى بطن الفراشة.

وكل هذا يؤدي إلى التلقيح "من دون تَلامُس" بين الزهرة والحشرة. ووجدت الدراسة أن قدرة الشحن لدى الفراشات تختلف بشكل ملحوظ بين الأنواع. ويفترض الباحث أن لهذا صلة بضغط التطور. وقال "هذه مجرد تكهنات في هذه المرحلة، ولكن ثمة ارتباطات مع عوامل بيئية مختلفة"، وفقا لسام إنغلند.

واضاف أن "بعض الحيوانات قد تستفيد من كونها ملقحات جيدة،" تتمتع بشحنة كهربائية عالية، "لأن ذلك يعني أنها ستتمكن من التغذي على المزيد من النباتات".

في المقابل، قد تستفيد فراشات من حمل شحنة كهربائية أضعف، لأن تراكم حبوب اللقاح يمكن أن يبطئها، ويجعلها أكثر عرضة لهجمات الحيوانات المفترسة.

وقال "لقد اكتشفنا أخيراً أيضاً أن بعض الحيوانات تستطيع اكتشاف حيوانات أخرى بفضل الشحنة الكهربائية التي تحملها"، كما هي الحال مع اليرقات التي تشعر بوجود دبور قريب.

ويتخيل الباحث أن الهدف سيكون جعل بعض الحشرات "غير مرئية أو مموهة كهربائياً".
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium