النهار

الذكاء الاصطناعي يتصدر أولمبياد باريس ويتفرّد بتوأمة رقمية ورقابة مباشرة للسوشيال ميديا
لهواة تعبير "للمرة الأولى"، تحمل "أجندة الذكاء الاصطناعي" AI Agenda، التي أقرتها "اللجنة الأولمبية الدولية"، اختصاراً "آي أو سي" IOC التي تدير "دورة باريس للألعاب الصيفية الأولمبية والبارالمبية 2024"، الكثير من الأشياء. وكبداية، إنها المرة الأولى في وضع أجندة ذكاء اصطناعي للأولمبياد. وقد أُعلِن عنها في نيسان (إبريل) الماضي، ثم سارت بسرعة لتتصدر مشهدية ذلك الحدث الباريسي.
الذكاء الاصطناعي يتصدر أولمبياد باريس ويتفرّد بتوأمة رقمية ورقابة مباشرة للسوشيال ميديا
مشهدية عن أولمبياد باريس 2024 (موقع الأولمبياد)
A+   A-

لهواة تعبير "للمرة الأولى"، تحمل "أجندة الذكاء الاصطناعي"  AI Agenda، التي أقرتها "اللجنة الأولمبية الدولية" اختصاراً "آي أو سي" IOC، والتي تدير "دورة باريس للألعاب الصيفية الأولمبية والبارالمبية 2024"، الكثير من الأشياء. وكبداية، إنها المرة الأولى لوضع أجندة ذكاء اصطناعيّ للأولمبياد، وقد أُعلِن عنها في نيسان (إبريل) الماضي، ثمّ سارت بسرعة لتتصدّر مشهديّة ذلك الحدث الباريسي.

قبل المضي بتعداد مفرادت "المرة الأولى" في التقدّم التكنولوجي، فقد يتحرك في الأذهان أن الأولمبياد، الذي شهد وتفاخر بالمرات الأولى في التكنولوجيا، لم يكن سوى "أولمبياد برلين 1936"، الذي قدّمه الزعيم النازي أدولف هتلر كبرهان على نظريّاته العنصريّة. ليست مقارنة للتشبيه، ولا تعني السلبية حيال التقدم، بل مجرّد تنبيه إلى عدم الانبهار الفائض والاستلاب حيال التكنولوجيا، وكذلك ضرورة التنبه إلى التفكير في علاقتها بالأبعاد الاجتماعية والثقافية والتاريخية التي تتحقق بها.

قبل المضي في تعداد أشياء "المرة الأولى" لهذا الحدث الباريسي، يلفت أن من بينها نظاماً ذكيّاً متعدّد اللغات للرقابة في الزمن الحيّ على تفاعل الجمهور عبر السوشيال ميديا مع اللاعبين، توخّياً لوقايتهم من التأثيرات النفسيّة والحياتيّة المضرّة.

مرّة أخرى، يبرز لظاهرة التواصل الاجتماعيّ بُعدٌ سلبي مؤثّر على العيش الإنساني. ويذكر ذلك بسلسلة مشابهة، شملت التجنيد الإرهابي والتخطيط للعمليات، البثّ المباشر لمقتلات إرهابيّة، ونشر خطاب الكراهية، وبثّ الفيديوهات الزائفة، ونشر المعلومات المضلّلة وغيرها.

 

مناحٍ إيجابية لتقنيات الأخوّة الرياضية

 

في المنحى الشديد الإيجابية، يبرز أنه للمرة الأولى يطبق نظام لاكتشاف المواهب الرياضية بين مجاميع اللاعبين وصولاً إلى أفراد الجمهور، ويتوقع أن يعزّز ذلك تساوي الفرص للتألق الرياضي بين هواة الرياضة في المجتمعات كلها، خصوصاً مع برامج للذكاء الاصطناعي في تدريب اللاعبين بصورة إفرادية على أنواع الألعاب كلها.

قبل سرد قائمة تألّق الذكاء الاصطناعيّ في "أولمبياد باريس"، يرد إلى الذهن أن أنظمته كلّها، تركّز على التعامل مع الجسد والعقل والنفس، باعتبارها من أساسيات الأخوة المشتركة بين أبناء البشرية كلّها. أليس ذلك هو القلب في الشعار الأولمبي عن "الأسرع، الأعلى، الأقوى" بين أفراد الإنسانية جميعها؟

 

التوأمة الرقمية ورقابة السوشيال ميديا

 

لن نخذل أحباب "المرة الأولى". وفي ما يأتي مسرد عمّا يرغبون في السماع عنه، مع ملاحظة أن التطور يشكل القلب الفعلي في مسار العلوم والتكنولوجيا. وخلف كل "أولى" هناك مرّات لا تحصى من الإخفاق والنجاح والبناء بصبر، ذرّة تلو أخرى، وخطوة بعد سابقة عليها، للمضي في طريق التطوّر المفتوح.

إذن، لنعدّد...

  • تكراراً، للمرة الأولى، يُكرّس البُعد الرقمي في الأولمبياد عبر "أجندة الذكاء الاصطناعي"، التي تعتبر امتداداً لمبادرة "غيِّر وإلا ستُغَيَّر" Change or be changed للعام 2014.
  • للمرة الأولى، تُعتمد تقنية "التوأمة الرقمية" Digital Twining، مستندة إلى تقنية حوسبة السحاب. يعني ذلك صنع نماذج محاكاة مُطابِقة Replica Simulation لمواقع الحدث الأولمبي كلها، كالملاعب والمدرجات وأروقة الاستاد وغرف اللاعبين، ومحطات الإمداد بالطاقة، ومسارات المركبات، وممرات سير الجمهور والمنشآت الملحقة بالمركز الأولمبي وغيرها. توضع تلك التوائم الرقمية الافتراضية على سُحب الحوسبة الرقمية، وتغني عن ضرورة التواجد المباشر في المواقع، وتيسِّر سُبُل التدخل بسرعة لإصلاح أي خلل أو اضطراب، ولتنظيم عمليات المواصلات وتنقلات المجاميع البشرية وغيرها، إضافة إلى تخفيض ضخم في استهلاك الطاقة، مما يضيف قيمة بيئية إلى الأولمبياد. تُعتبر التجربة الباريسيّة تمهيداً لتغيير عميق في تنظيم دورات الألعاب الأولمبيّة.
  • للمرة الأولى، يوضع نظام للرقابة بالزمن الحيّ وبلغات متعددة لمراقبة تفاعلات الجمهور على السوشيال ميديا. ويتعامل نظام "أثليت 365" Athlete 365 (من "إنتل") مع نصف مليار تفاعل، ويحذف كلّ المحتوى المسيء والمحرّض على الكراهية والعنصرية.
  • للمرة الأولى، لكنّها مستندة إلى تجارب قريبة منها في كرة القدم، يُطبّق نظام للذكاء الاصطناعي لتقصي واكتشاف المواهب الرياضية، يستند إلى برامج تدريب مطبقة في كرة القدم، لكنها تشمل الألعاب كلها، وتتسم بالدقة في ملاحقة تفاصيل الحركات الجسدية. سيشكل ذلك بداية لموجة من برامج التدريب الرياضي الذكي، ومن برامج لعلاج الإصابات الرياضية. ولعلّ الألعاب البارالمبية ستكون أكثر المستفيدين منها، سواء في تدريب أصحاب الإعاقات أو في علاج إصاباتهم.
  • للمرة الأولى، يُنقل الحدث الافتتاحي التاريخي لعبور المراكب نهر السين على هواتف الجمهور العالمي كلها، بالتحديد عبر شاشات هاتف "غلاكسي 24 آلترا" من شركة "سامسونغ" Samsung.
  • للمرة الأولى، تتعمق تجربة المشاهدة الرقمية للألعاب وصولاً إلى الهواتف الفردية لهواة الرياضة. لعلّ الأبرز هو صنع أشرطة قصيرة تصوّر بتقنيات ذكيّة، فتُظهر تفاصيل الإداء الرياضي، ممّا يمكن الجمهور، للمرة الأولى، من معرفة سبب المفاضلة بين اللاعبين المُتألقين في الجمباز والغوص مثلاً، بالتعاون مع ساعات "أوميغا"، بعد أن كان ذلك متعذّراً. وسجّلت شركة "علي بابا" Ali Baba رقماً قياسياً بصنع نظام ذكيّ مكوّن من كاميرات منتشرة في الأولمبياد وأمكنته كلّها، ترسل المحتوى إلى سحابة معلوماتية، حيث يُعاد تنظيمها، ويستولد الذكاء الاصطناعي منها أشرطة فيديو قصيرة تُبثّ إلى الجمهور مباشرة.

ومن المفارقة أن بحثاً نمساوياً جديداً بيَّن أن الجمهور يثق بالمحتوى الذكي عن الرياضة بأضعاف ثقتة بما ينتجه الذكاء الاصطناعي في السياسة!

يذكر أن الشريك التكنولوجي لـ"اللجنة الأولمبية الدولية"، شركة "آتوس" Atos، وبالتعاون مع 15 شريكاً من شركات المعلوماتية والاتصالات الكبرى، خصّص فريقاً من ألفي خبير للتعامل مع كافة المناحي الرقمية لـ"دورة باريس للألعاب الصيفية الأولمبية والبارالمبية 2024".

   

 

 

 

 

اقرأ في النهار Premium