يُتوقع أن توفّر شركة "أبل" برنامجها للذكاء الاصطناعي التوليدي، "أبل إنتليجنس" Apple Intelligence، على هواتف "أيفون" خلال هذا العام، كجزء من تحديث نظام تشغيل تلك الهواتف، وفق ما أُعلنه في مؤتمر مطوّريها العالميين قبل بضعة أسابيع.
يأتي هذا الإعلان بعد أشهر من وضع "سامسونغ" برنامجها للذكاء التوليدي "غالاكسي إيه آي" Galaxy AI على هواتفها. فكيف يمكننا مقارنة هذين "الذكاءين"؟
التشابه والاختلاف في مشروعين للذكاء التوليدي
يستند عمل المشروعين المذكورين الخاصين بالذكاء التوليدي إلى ما يُعرف بـ"النماذج اللغوية الكبيرة"، كتلك التي تدعم البرنامج الشهير "شات جي بي تي". وثمة مواصفات مشتركة بينهما تشمل القدرة على إزالة مكوّنات من الصور مع ملء الفراغات بذكاء، وكذلك القدرة على إعادة كتابة أجزاء من نصّ ما بالكامل، لتبدو أكثر احترافاً وبساطة. وهنالك خيار في "غالاكسي إيه أي" لإعطاء النصّ المكتوب طابعاً شكسبيريًا إلى حدٍّ ما.
ويوفّر "الذكاءان" إمكانية تسجيل المكالمات الصوتيّة ثمّ تحويلها إلى نصّ مكتوب، وكذلك تلخيصها، ممّا يسهّل على أجزاء محدّدة من المكالمات المسجّلة أو إزالة الاقتباسات منها. وحاضراً، يعتمد البعض على تطبيقات الـ"تراسنسكرايبشن" Transcription كـ"أوتر.إي أو" Otter.io.
الرموز التعبيرية المخصّصة Genmoji
لطالما أظهرت "أبل" اهتماماً جدّياً بالرموز التعبيرية وتجديدها المستمر، ومن بينها "ميموجي" Memoji، الذي يستخدم تقنية المسح الضوئي للتعرف على وجه المستخدم، ثمّ استخدامه لنمذجة تعبيرات الوجه بشكل أساسي على مجموعة من الرموز التعبيرية المتحرّكة. شكَّل ذلك بديلاً ممتعاً للملاحظات الصوتيّة، ويتيح إضافة المزيد من التعبير إلى الأسلوب.
ولكن مشروع "أبل إنتليجنس" أخذ تلك الرموز إلى المستوى التالي مع "جِنموجي" Genmoji، الذي يستخدم الذكاء التوليدي لإنشاء رمز تعبيريّ مخصّص، يمكنك إرساله إلى الأصدقاء والعائلة للمساعدة في التعبير عن مشاعرك بشكل أفضل. هل تريد رمزاً لشخص يتصفّح الإنترنت وهو يحمل شريحة بيتزا؟ هذا ممكن. وماذا عن رمز تعبيريّ لكلب يطير فوق السحاب؟ نعم، ذلك ممكن أيضاً!
ولن يُرسل كرمز تعبيري فعليّ، بل كملصق أو صورة حسب التطبيق، لكنه لا يزال إضافة رائعة.
ترجمة فورية للمكالمات
يقدّم مشروعا الذكاء التوليدي في "أبل انتليجنس" و"غلاكسي إيه آي" خدمة الترجمة في الوقت الفعلي. لكن الأخيرة تنفرد بتقديمه أثناء المكالمات الهاتفية، ممّا يسمح للهاتف بالتحدّث نيابة عنك في المكالمات وترجمة ما يقوله الشخص الآخر. ويجري كلّ ذلك من دون اتصال بالإنترنت.
قد يبدو الأمر كميزة متخصّصة، وإنها كذلك بصدق، فإن كنت تحجز في مطعم أو تتّصل بفنادق في الخارج، فهي أداة لا تقدّر بثمن.
التكامل مع نماذج لغوية أخرى
يقدّم "أبل إنتليجنس" إمكانية التكامل مع النماذج اللغوية الكبيرة، ابتداءً من أشهرها حاليًا، "شات جي بي تي 4 أو "ChatGPT 4o"، ممّا يطور عمل المساعد الرقمي "سيري" Siri المألوف لدى جمهور هواتف "أيفون"، الذي سيصبح قادراً على استخدام النماذج اللغوية لتقديم معلومات محدثة من الويب. وفي حالة ChatGPT، سيتاح لـ"أيفون" تقديم ميزة تحليل الصور والاستجابة بحسب ذلك، ممّا يتيح لك مثلاً تصوير غرفة ما، ثمّ الطلب من "ٍسيري" تقديم نصيحة عن اللون الذي تريد وضعه على جدرانها.
وهنالك توجّه لتوسيع تعامل "أبل انتليجنس" مع عدد من النماذج اللغوية الكبرى. وفي المقابل، قد يوضع "غالاكسي إيه آي" على عدد من أجهزة "سامسونغ".
مشكلة الأجهزة المدعومة
ثمة جانب سلبي في "أبل إنتليجنس" يتمثل بدعم الأجهزة، بما فيها مجموعة هواتف "أيفون 15"، وهي الأحدث ضمن نوعها، والتي ستصل إلى السوق في أيلول (سبتمبر) المقبل، ولن تقدر على الوصول إلى ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
لكن "أبل" تدّعي بأن تقنيتها في الذكاء التوليدي تعمل برقاقة "إيه 17 برو" A17 Pro التي لا تتوافر إلّا على هاتفي "15 برو" 15 Pro و"15 برو ماكس" 15 Pro Max من خلويات "أيفون".
الخصوصية
تعطي "أبل" الأولوية لخصوصية المستخدم في منصتها الذكية، وذلك عن طريق معالجة البيانات بشكل أساسي على الجهاز نفسه، واستخدام التشفير الشامل، والحدّ من جمع البيانات. على النقيض من ذلك، تعتمد تقنية الذكاء الاصطناعي من "سامسونغ" بشكل كبير على المعالجة السحابية، مما يتطلّب نقل مزيد من البيانات إلى قواعد البيانات الموجودة في تلك السُحب. وبالتالي، تحتفظ "أبل" بتفوق واضح على "سامسونغ" في منحى تعزيز الخصوصية.
في النهاية، فإن اختيار المنصة الأفضل يعتمد على التفضيلات والأولويات الفردية. قد يميل إلى "أبل" أولئك الذين يقدرون تجربة متماسكة، في حين قد يجد من يبحثون عن مساعد ذكاء اصطناعي متعدّد الاستخدامات مع مجموعة أوسع من الوظائف، أن عروض "سامسونغ" أكثر جاذبية.
ومع استمرار تطوّر التكنولوجيا، يبقى من المرجّح أن تشتدّ المنافسة بين عمالقتها، ممّا يعِد بميزاتٍ وقدراتٍ أكثر ابتكارًا في المستقبل.