في ذروة العصر الرقمي، حيث تتشابك التكنولوجيا والأمن بشكل معقّد، أثار الرئيس التنفيذي لشركة "إكس" إيلون ماسك زوبعة في الأوساط التكنولوجية، وسط ادعاءات بأن المنصة باتت تحت رئاسته فضاء رئيسياً لمقاطع فيديو حركة "حماس".
ونشرت صحيفة "تايمز" أن منتدى الإنترنت العالمي لمكافحة الإرهاب عبّر عن قلقه بشأن المحتوى الذي تنشره "حماس" على "إكس"، ويشعر بالقلق بشأن عضوية المنصة في مجلس إدارته.
يُعرف المنتدى العالمي للإنترنت لمكافحة الإرهاب GIFCT بأنه تحالف يجمع عمالقة التكنولوجيا مثل "غوغل" و"إكس" و"ميتا" و"مايكروسوفت" في سعيهم المشترك للقضاء على "المحتوى الإرهابي" عبر الإنترنت. وكانت "تويتر"، التي تُعرف الآن باسم "إكس" من الأعضاء المؤسسّين لهذا التحالف، ولها مقعد في مجلس إدارته.
انتقادات لتساهل المنصّة مع التطرّف
منذ تسلم ماسك إدارة "إكس" وتخفيفه لسياسات تعديل المحتوى، باتت عضوية الشركة في GIFCT موضوعاً للنقاش ومصدراً للقلق بين الأعضاء، ما أدّى إلى توترات استثنائية داخل المنظمة.
سمح ماسك لمتطرّفين محظورين بالعودة إلى "إكس"، وأتاح لأي شخص أن يدفع ثمن علامة التحقق، وطرد جزءاً كبيراً من فريق تعديل المحتوى. كان هذا جزءاً من استراتيجية الملياردير لتحويل "إكس" إلى منصة لـ"حرّية التعبير".
تحوّلت المنصة أخيراً إلى الوجهة المفضّلة للبحث عن مقاطع فيديو حركة "حماس"، حسبما ذكرت مؤسسة Community Security Trust (CST)، وهي منظمة تعمل ضدّ التطرّف والعداء للسامية.
وأفادت مصادر من GIFCT بأن بقاء "إكس" ضمن أعضاء مجلس الإدارة يُهدّد بتقويض سمعة المنظمة، وهو ما أكّدته صحيفة "التايمز". وأعربت اللجنة الاستشارية المستقلة للمنظمة، والتي تشمل وزارة الداخلية البريطانية، في أحدث تقاريرها السنوية عن مخاوف متزايدة بشأن تراجع الثقة في الإنترنت وإجراءات الأمان لدى بعض المنصات، وتناقص الاهتمام بالمسألة، ما يؤثر سلباً على قدرة الشركات على مكافحة المحتوى المتطرّف على الإنترنت. وأشارت مصادر GIFCT إلى أن هذه التعليقات كانت تستهدف "إكس" بشكل خاص.
وتدعو شخصيات بارزة في مجال مكافحة الإرهاب "إكس" إلى مغادرة المجلس وحتى المنظمة بأكملها. ومع ذلك، فإن إجبار الشركة على الخروج سيكون صعباً لأنها عضو مؤسس، وقد تضطر المنظمة إلى تعديل دستورها. وقالت مصادر GIFCT إن "إكس" فشلت أيضاً في تقديم مساهماتها المالية الكاملة للهيئة.
ويمتلك أعضاء GIFCT البالغ عددهم 30 أو نحو ذلك قاعدة بيانات مشتركة لمحتوى الإرهاب الحالي، يحدّدونها جماعياً ويزيلونها تلقائياً. ويبدو أن "إكس" لا تساهم في قاعدة البيانات أو تزيل المحتوى المُصنّف بالإرهاب.
تزايد المحتوى المتطرّف
تمكن الباحثون في CST، في غضون 10 دقائق، من العثور على مقاطع فيديو دعائية على"إكس" من "حماس" و"حزب الله" و"الجهاد الإسلامي" الفلسطيني، وهي منظمات محظورة.
وكذلك كانت مقاطع فيديو اليمين المتطرّف متاحة، بما في ذلك إصدارات محرّرة من إطلاق النار في كرايستشيرش عام 2019، والذي أسفر عن مقتل 51 شخصاً في مسجد ومركز إسلامي.
وفقاً لما ذكره ممثل CST، فإن منصة "إكس" شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في "نشر المحتوى المتطرّف والمعادي" خلال العام الماضي. وأصبحت هذه المنصة بمثابة الوجهة الأولى للباحثين عن مقاطع الفيديو التي تعود لحركة "حماس"، وذلك عقب الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول (أكتوبر). ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل تعدّى إلى تفشي التحريض النازي الحديث والمعاداة الشديدة للسامية، فضلاً عن انتشار المعلومات المضللة والضارة. وقد ساهمت حسابات العلامة الزرقاء المدفوعة في تكثيف هذه الظواهر، ما أدّى إلى أضرار جسيمة لا يمكن تجاهلها.
إيلون ماسك وبريطانيا
يبدو أن رئيس الشركة إيلون ماسك يواجه الآن تحدّياً كبيراً في المملكة المتحدة، إذ يقترب من نقطة تحول حاسمة مع الهيئة التنظيمية Ofcom وفقاً للتشريعات الجديدة المتعلّقة بقانون السلامة عبر الإنترنت. ومن المتوقّع أن تتخذ الشركة خطوات فعّالة للتعرف على المحتوى الضار والمحتوى غير القانوني، مثل المواد الإرهابية، والعمل على إزالتها بشكل استباقي. هذا الإجراء يجب أن يتمّ قبل نهاية العام الجاري.
في حال تخلف "إكس" عن الوفاء بهذه المتطلبات، قد تواجه الشركة عواقب وخيمة تشمل فرض غرامة مالية تصل إلى 10% من إجمالي دخلها العالمي، وهو ما يمكن أن يمثل ضربة مالية كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، قد تتعرّض الشركة لحظر تشغيلي داخل المملكة المتحدة، ما يعني فقدان سوق مهمة. وليس هذا فحسب، بل قد يتمّ أيضاً ملاحقة المسؤولين التنفيذيين في الشركة قانونياً، ما يضعهم تحت ضغط كبير لضمان الامتثال للقوانين والتشريعات السارية.