النهار

تخيّل مجتمعاً في العالم الافتراضي لشبكة الإنترنت، تتداخل فيه المناقشات الجوهرية حول الانتخابات وتغيّر المناخ وحروب الثقافة بهدوء، جنباً إلى جنب مع رسائل بسيطة تهمّ الجيران في الحيّ الذي تعيش فيه!

في عالم تهيمن فيه وعليه منصات التواصل الاجتماعي التي تعجّ بالتفاعلات السطحيّة والمحتوى السريع، تظهر شبكة اجتماعية تُعنى بإعادة تعريف تجربة التواصل عبر الإنترنت.

تُعدّ هذه الشبكة الاجتماعية الأكثر وديّة مكاناً مخصّصاً للمناقشات الجادّة والحوارات الهادفة، حيث تركّز على تعزيز التواصل الإنساني العميق والتفاعل البناء، بدلاً من الاكتفاء بالمشاركات السريعة والتعليقات العابرة. وتشجع هذه المنصة مستخدميها على تبادل الأفكار والآراء بطريقة متعمقة ومحترمة.

وتسعى الشبكة إلى خلق بيئة تفاعلية، تشجع على التفكير النقدي وتبادل المعرفة، مما يساهم في بناء مجتمع متماسك يدعم التعلم المستمر ويعزز الفهم المتبادل.

ماذا نعرف عن "فرونت بورش فوروم" Front Porch Forum؟

يضم تطبيق Front Porch Forum ما يقرب من نصف البالغين في ولاية فيرمونت كأعضاء نشطين (أكثر من الجمهور المحلي لـ"فايسبوك" أو الصحف المحلية) لأن التطبيق هو المكان الذي يذهب إليه سكان فيرمونت للتفاعل مع جيرانهم عبر الإنترنت، من دون التشهير ببعضهم البعض.

في وقت يشعر فيه عامة الناس بخيبة أمل متزايدة تجاه وسائل التواصل الاجتماعي، يحاول الباحثون دراسة ما الذي يجعل المجتمع عبر الإنترنت أكثر لطفًا، وما يمكن أن تتعلّمه شركات التكنولوجيا الكبرى من هذا التطبيق.

وجدت دراسة جديدة من منظمة "نيو - بابليك" New_ Public غير الربحيّة أن "فرونت بورش فوروم" مساحة على الإنترنت، تسمح لمستخدميها بمعرفة المزيد من المعلومات، مثل مواقع أخرى قليلة في أميركا، وينشط فيها مدنيون، لديهم المزيد من الارتباط بجيرانهم؛ ولهذه المساحة ميزة أن مستخدميها يحبّونها حقًا.

عبّر عن ذلك دون هايس من كاليه، الذي وصف المنصّة بأنها "الغراء الذي يربط مجتمعنا معًا". وأضاف "لا أستطيع أن أتخيّل الحياة في ريف فيرمونت من دون FPF".

سر نجاح "فرونت بورش فوروم"

في"Front Porch Forum" لا يوجد منشورات في الوقت الفعلي، ولا زر إعجاب، ولا خوارزمية توصية، ولا طريقة للوصول إلى الجماهير خارج مجتمعك المحلي. لا تقدم الشركة للمستخدمين أيّ مكافأة مقابل نشر شيء استفزازيّ أو مثير، بخلاف احتمال أن يرى جيرانك ذلك وربما يطرحونه في المرة التالية التي تقابلهم فيها في متجر البقالة.

في هذا السياق، صرّح مؤسّس تلك المنصّة ورئيسها التنفيذي مايكل وود لويس بأن الشركة "توجد في النهاية لتحفيز التفاعلات في العالم الحقيقي بين الجيران".

وأضاف "إنها لم توجد لتكون عالمًا افتراضيًا عبر الإنترنت. نحن لا نحاول جذب انتباه الناس عبر الإنترنت على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع. نحن نحب جذب انتباه الناس لمدة 10 دقائق يوميًا".

وفي التفاصيل، يقضي اثنا عشر من موظفي المنصة الثلاثين أيامهم بقراءة كل منشور للمستخدم قبل نشره، ويرفضون أي منشور ينتهك قواعدها ضد الهجمات الشخصية أو المعلومات المضلّلة أو البريد العشوائي.

العملية بطيئة وشاقة، لكنها تبدو ناجحة إذ إن Front Porch Forum هي المنصّة الأكثر توافقاً مع جمهورها على الإطلاق، وفقًا للمعايير التي وضعتها New_ Public، والتي تحاول قياس صحّة المجتمعات عبر الإنترنت.

كذلك، ذكر توم زيناتي، وهو متقاعد متخصص في رعاية الأطفال من شيلبورن بولاية فيرمونت، أن التطبيق "هو محور المشاركة المجتمعية في المدينة".

وأضاف زيناتي أنه "المكان الذي تذهب إليه للتعرف على الاجتماعات المقبلة وأنشطة المكتبة والأنشطة الترفيهية". وفي مدينة لا تصدر الصحيفة المحليّة فيها إلا مرّة واحدة في الأسبوع، أشار زيناتي إلى أن "Front Porch Forum" أيضًا مركز للمناقشات السياسية.