النهار

الخليج يبتكر في عالم الزراعة... تقنيات واعدة وذكاء توليدي
المصدر: النهار
الخليج يبتكر في عالم الزراعة... تقنيات واعدة وذكاء توليدي
الامارات: زيادة إنتاج المحاصيل تشير إلى النمو المطرد في الزراعة
A+   A-

تواجه منطقة الخليج تحدّيات كبيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة، ندرة المياه، والتربة المالحة. ومع ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة بمعدل أسرع مرتين من المتوسط العالمي، أصبحت الظروف أكثر صعوبة. وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، ارتفعت درجات الحرارة بمعدل 0.46 درجة مئوية لكل عقد بين 1980 و2022. في بعض المناطق، أصبحت الأمطار أقل انتظاماً وأصعب في التوقع. ويضاف إلى ذلك أن تغيّر المناخ يزيد أيضاً من حوادث الفيضانات الشديدة. ومع تزايد عدد سكان العالم، يتوقّع تقرير "معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى" أن يرتفع عدد سكان دول مجلس التعاون الخليجي من حوالي 59 مليوناً في 2022 إلى 84 مليوناً في 2100. هذا النمو السكاني يزيد من الضغط على الموارد الطبيعية ويعزز الحاجة إلى حلول مبتكرة لمواجهة التحديات البيئية.

 

استراتيجيات الأمن الغذائي

نجحت الإمارات العربية المتحدة ودول الخليج الأخرى، مثل المملكة العربية السعودية وقطر، في تأمين الأراضي الزراعية في الخارج لحماية أمنها الغذائي. هذه الاستثمارات الخارجية تضمن تدفقاً مستمراً للمنتجات الزراعية إلى المنطقة، ما يقلّل من الاعتماد على الواردات من الأسواق العالمية المتقلبة. وفي الداخل، استثمرت هذه الدول في تقنيات مثل الزراعة المائية والزراعة العمودية، حيث تزرع النباتات في ظروف اصطناعية مثالية لتقليل استخدام المياه وتعظيم العائدات. هذه التقنيات تسمح بزراعة المحاصيل على مدار العام بغض النظر عن الظروف المناخية الخارجية، ما يعزز من استدامة الإنتاج الزراعي.

 

الابتكارات الزراعية

توفر تقنية "سكوند سكاي"  SecondSky، التي طُوّرت في "جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية" (كاوست) في المملكة العربية السعودية، للمزارعين فرصة الحصول على دفيئات تسمح بمرور الضوء اللازم لعملية التمثيل الضوئي، ولكنها تحجب بعض الحرارة. يجري تحقيق ذلك من خلال وضع شريط بلاستيكي مصنوع خصوصاً للتعامل مع أسطح الدفيئات والمرافق المماثلة. هذه التقنية تساعد في تقليل الحاجة إلى التبريد الاصطناعي، ما يوفر الطاقة ويقلل من تكاليف التشغيل. وقد حصلت شركة "آيريس" الناشئة في مجال التكنولوجيا الزراعية، والتي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة مقراً لها، على براءة اختراع لهذه التقنية، ما يعزّز من مكانتها في السوق العالمية.

 

تحسين المحاصيل

تعمل شركات مثل "باير"  Bayer على تحسين جينات المحاصيل بحيث تصبح أكثر قدرة على التعامل مع الطقس القاسي في منطقة الخليج بالشراكة مع شركة "سلال" Silal ، وهي شركة إماراتية تعمل في مجال التكنولوجيا الزراعية، تجري "باير" تجارب بذور لأكثر من 40 نوعاً من الطماطم (البندورة) والخيار والبطيخ والباذنجان والفلفل الأحمر في البيوت الزجاجية والحقول المفتوحة. قد تنتج أصناف محاصيل محسنة من تقنيات التربية التقليدية أو الهندسة الوراثية.

 

دور الذكاء التوليدي

نهج آخر لاستخدام التكنولوجيا الرقمية لتحسين العمليات الزراعية يتمثل في دور الذكاء التوليدي. تقدم شركة "فارم إرب"FarmERP، التي تتّخذ من الهند مقراً لها، هذه التكنولوجيا في أكثر من 30 دولة، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة. على غرار شركة باير، تعمل FarmERP مع شركة "سلال".

بفضل أدوات الذكاء التوليدي والتعلم الآلي، يمكن تحسين القدرات في أعمال المزارع. تساعد تلك التقنيات مثل تطبيق الهاتف المحمول المتوفر باللغة العربية، المزارعين على تحسين كفاءة الزراعة. يمكن للمعلومات الاستشارية المخصصة التي ابتُكرت باستخدام الذكاء التوليدي، أن تتوقع متطلبات المياه والتغذية المثلى للمحاصيل بناءً على عوامل مثل الطقس. هذه الأدوات تساعد المزارعين على اتخاذ قرارات مستنيرة تزيد من إنتاجية المحاصيل وتقلل من الهدر.

 

تقليل الأثر البيئي

بالإضافة إلى زيادة الغلة المحتملة، والتمكن من التعامل مع الظروف المناخية القاسية، يمكن للتكنولوجيا أن تقلل من مساهمة المزارع في تغير المناخ. يمكنها حساب مقدار الكربون المعزول من خلال ممارسات مثل الزراعة الحراجية، على غرار خلط المحاصيل بالأشجار، بالمقارنة مع الكمية المنبعثة من المواد الكيميائية والأسمدة والوقود.

هذه الممارسات المستدامة تساعد في الحفاظ على التوازن البيئي وتقليل البصمة الكربونية للزراعة. من خلال تبني هذه التقنيات والممارسات، يمكن لدول الخليج أن تلعب دوراً رائداً في تطوير نظم زراعية مستدامة تتكيف مع التغيرات المناخية وتساهم في الأمن الغذائي العالمي.

اقرأ في النهار Premium