تستعد شركتا "هواوي" و"أبل" لمواجهة حامية في سوق الهواتف الذكية. فقد كشفت الشركة الصينية العملاقة عن هاتف "ميت إكس تي" Mate XT، الذي يبلغ سعره 2800 دولار أميركي، بتصميم ثلاثي الطي، وذلك بعد ساعات قليلة من إطلاق "أبل" لهاتف " آيفون 16" iPhone. وعلى الرغم من أن الجهازين كليهما سيُطرحان في الأسواق في 20 أيلول (سبتمبر)، إلّا أنهما يمثلان نهجين مختلفين تمامًا في الابتكار، ما يجعل هذه المواجهة أكثر من مجرد مقارنة بسيطة.
خمس سنوات من العمل
هاتف "ميت إكس تي" من "هواوي" ليس هاتفًا عاديًا. فهو يُطوى ليس مرّة واحدة، بل مرّتين. يعني ذلك أنه يحتوي "قطعتين" تعلو كل واحدة منهما شاشة فكأنها خليوي مستقل، لكن يمكن طيّهما فوق "القطعة" الأساسية التي تتوسطهما. فتخيّل شاشة تمتد مثل الأكورديون لتصل إلى حجم 10.2 بوصة، ما يجعله أقرب إلى جهاز لوحي من دون الحاجة إلى حمل واحد. بسعر 2800 دولار، يعدّ هذا الهاتف قطعة فنية بقدر ما هو هاتف، ومع وجود أكثر من 4 ملايين طلب مسبق، من الواضح أن هناك جمهورًا لهذا النوع من الابتكار.
وذكر ريتشارد يو، المدير التنفيذي لـ"هواوي"، في حفل الإطلاق إن "ميت إكس تي" جاء نتيجة لطموح الشركة في تقديم منتج يمكن للجميع تخيّله، لكن لا يمكن لأحد صنعه. وفقًا ليو، استغرق فريق "هواوي" 5 سنوات لحل الشيفرة. الهاتف الثلاثي الطيّات يحتوي أيضًا على ميزات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل الترجمة النصيّة، وتوليد المحتوى السحابي، وتحرير الصور، وكلها مدعومة بشرائح "كيرين" Kirin الخاصة بـ"هواوي".
"أبل" تركّز على الذكاء التوليدي
من ناحية أخرى، لا تسعى "أبل" وراء الهواتف القابلة للطي، على الأقل ليس بعد. هاتف "آيفون 16"، الذي أُطلق في اليوم نفسه مع "ميت إكس تي"، يحتفظ بالشكل التقليدي لذلك النوع من الهواتف. ويتمثل جديده بأشياء داخله تشمل نظام "ذكاء أبل" Apple Intelligence المدعوم بالذكاء التوليدي والمُصمّم لجعل الهواتف أكثر ذكاءً وحياة المستخدمين أسهل.
تتضمن ترقيات "آيفون 16" تحسينات في التصوير الفوتوغرافي بالذكاء التوليدي ، وتلخيص النصوص في الوقت الفعلي، ومساعداً شخصياً يفهم السياق، وكلها مدعومة بشريحة A18 الجديدة من "أبل".
بالشكل قد لا يبدو "آيفون 16" مبتكرًا مثل "ميت إكس تي"، لكنه جهاز متقن. يتوفر بحجمين - 6.1 بوصة و 6.7 بوصة - ويبدأ سعره من 799 دولارًا، ما يجعله أكثر وصولًا من عرض "هواوي". تعرف "أبل" جمهورها، ومن المرجّح أن تلقى مجموعة التحسينات التدريجية وميزات الذكاء التوليدي في "آيفون 16" صدى لدى الملايين من المستخدمين، الذين قد لا يحتاجون إلى هاتف قابل للطي، ولكنهم يقدّرون هاتفًا ينهض بمهمّات جديدة نوعياً ولا يستلزم سوى أقل جهد.
مساران مختلفان لتطور الهواتف الذكية
يمثّل "ميت إكس تي" و "آيفون 16" مسارين مختلفين تمامًا في تطور الهواتف الذكية. يركّز رهان "هواوي" على الأجهزة لجهة التصميم، وثمة جرأة في تقديم هاتف ثلاثي قابل للطي، بل إن تلك الشاشات الثلاث يمكن أن تُمَدَّ وتتكامل، فتصبح كأنها جهاز لوحي بشاشة عرضها أكثر من 10 بوصات. بقول آخر، يعمل "ميت إكس تي" كخليوي قابل للتحول إلى "تابلت"، فيبدو كجهازين في واحد.
في المقابل، تتمحور قصة "أبل" حول التحسين. لا يحتاج "آيفون 16" إلى الطي لإبهار المستخدمين. بدلاً من ذلك، يحتوي على ميزات مدعومة بالذكاء التوليدي تتكامل بسلاسة في الاستخدام اليومي. رهان "أبل" هو أن الذكاء التوليدي سيشكّل مستقبل تطوير منتجاته وجذباً للمستخدمين. لا شكل مبهجاً، فقط برامج قوية تقوم بالعمل الشاق خلف الكواليس.
الأسعار تروي قصة أيضًا
بسعر 2800 دولار، بدا "ميت إكس تي" كأنه موجَّهٌ إلى سوق محدودة من المتحمسين للتكنولوجيا، والراغبين في اقتناء الأجد والأحدث وربما الأغرب. إنه هاتف يلفت الأنظار، لكنه ليس من المرجح أن يصل إلى أيدي المستخدمين العاديين. من ناحية أخرى، تبقي "أبل" جهازها الجديد في متناول جمهور أوسع، حيث يبدأ سعره من 799 دولارًا للطراز الأساسي و1199 دولارًا لـ iPhone 16 Pro Max..
يعكس الفرق في السعر استراتيجيات الشركتين. "هواوي" تصنع بيانًا بجهازها المطروح الجديد، تعرض تقدّمها التكنولوجي في الهواتف القابلة للطي. في المقابل، تركّز "أبل" على الجاذبية الواسعة، ما يجعل ميزات الذكاء التوليدي الخاصة بها متاحة للجماهير.
مستقبلان مختلفان
ترسم "هواوي" و "أبل" صورتين مختلفتين تمامًا لمستقبل سوق الهواتف الذكية. تراهن "هواوي" على الابتكار في الأجهزة، على أمل أن تصبح الهواتف القابلة للطي منتجًا سائدًا. وتركز "أبل" على تحسين برامجها، وتضمين الذكاء التوليدي بشكل أعمق في الوظائف اليومية.
بالنسبة لـ"هواوي"، يتعلق الأمر بإظهار إنجازها للعالم، وخصوصاً الصين، إنها لا تزال في اللعبة، سواء كانت هناك عقوبات أم لا. بالنسبة لـ "أبل"، يعدّ "آيفون 16" خطوة أخرى نحو مستقبل مدفوع بالذكاء التوليدي ، حيث لا يحتاج الجهاز إلى الطي أو الانحناء، بل يصبّ اهتمامه على العمل بذكاء أكبر.