هي صرخة تُشبه صرخات باقي المرضى في لبنان، صرخة وجع واستغاثة لما آلت إليه الأمور في لبنان، بعد أن أصبح كلّ شيء أشبه برحلة ذلّ لا تنتهي. علت منذ فترة صرخات الأمّهات والأهالي بعد أن نفذت كمّية الحليب الموزّعة على الصيدليات، والتي لم تكن تكفي حاجة السوق كلّه، واليوم تُضاف صرخة جديدة لأمّهات مرضى الـMSUD الأطفال الذين وجدوا أنفسهم منذ سنة أمام خيار قاسٍ بسبب عدم قدرة وزارة الصحة تحمّل تكاليف إضافية.
منذ سنة بلّغ أحد الموظّفين في وزارة الصحّة إحدى أمّهات مرضى الـMSUD أنّ الوزارة عاجزة عن تحمّل تكاليف تأمين هذا الحليب المخصّص لهذه الحالة، وبالتالي يتوجّب على العائلات دفع ثمنه والحصول عليه من الصيدليات.
المشكلة الأولى هي كلفة ثمن العلبة الواحدة من هذا الحليب، والتي تصل إلى مليون ليرة تقريباً، ويحتاج الطفل إلى نحو 9 علب شهريّاً، أي ما يوازي 9 ملايين ليرة، بعد أن كانت وزارة الصحة تؤمّنها مجّاناً للمرضى.
تتحدّث رباب كريك في رسالة عبر "النهار" أنّ "حاجة كلّ طفل إلى نحو 9 علب من هذا الحليب شهرياً، وتبلغ كلفة العلبة الزرقاء منه نحو مليون و100 ألف ليرة لبنانية (900 ألف ليرة حسب سعر الصرف)، في حين تبلغ علبة الحليب الزهراء منه نحو 350 ألف ليرة لبنانية".
وتناشد كريك وزير الصحة "التحرّك وإعادة تأمين العلب مجاناً كما كانت سابقاً، لأنّ الجمعيات تحاول المساعدة ولكن نحن بحاجة إلى حلّ جذريّ لأنّ الحليب هو العلاج الدائم لهؤلاء الأطفال. وبما أنّ تمويل الجمعيات بات خجولاً، والمبادرات الفرديّة أيضاً في ظلّ هذه الظروف الاقتصادية الصعبة، نحن بحاجة إلى إيجاد حلّ مستدام وجذريّ من الوزارة، لأنّ الوضع أصبح صعباً جدّاً".
وتشير كريك إلى أنّ "هناك من وصلت به الأمور إلى البحث عن حليب منتهي الصلاحية لإعطائه إلى طفله لأنّ الوضع صعب، ونأمل أن يصل صوتنا إلى وزير الصحة ويقوم بواجبه".
في حين أن الوضع بالنسبة إلى حليب الأطفال العادي ليس أفضل حالاً، فمنذ فترة انقطع حليب الأطفال من عمر يوم إلى سنة في الأسواق، والسبب كالعادة تأخّر مصرف لبنان في تمويل عملية الاستيراد. وبرغم من أنّ حليب الأطفال لهذه الفئة العمرية ما زال يحظى بدعم جزئيّ من مصرف لبنان، في حين يُسدّد النصف الآخر وفق سعر المؤشر الذي تصدره وزارة الصحة، ما يؤدّي إلى هذه الحالة المتشابكة بين متوفّر ومقطوع.
وهذا ما دفع نقيب الصيادلة جو سلوم منذ أيام إلى الإشارة إلى أنّ "كمية حليب الأطفال التي تلقّاها الصيادلة منذ فترة لا تكفي حاجة السوق.
تأخير في تسيير أمور الشركات المستوردة لحليب الأطفال يدفع ثمنه الأطفال وحدهم الذين لا يملكون أيّ سبل ترف في البحث عن بديل، لأنّه قوتهم اليومي. تحاول بعض العائلات البحث خارج إطار هذا النطاق المحلي الجغرافيّ، في حين أنّ الكارثة الكبرى تكمن عند الأطفال الذين يعانون من حالات مرضية تفرض عليهم شراء دواء خاص لهم. وهذا ما يجري اليوم، وربما صرخة رباب أكبر دليل على ما تعانيه هذه الفئة في ظلّ تلكّؤ المعنيين واستغلال بعض التجار هذه الفوضى.