لم يكن أوين مونرو ابن الـ18 يوماً يعرف أنه سيدخل التاريخ كأول شخص في العالم يخضع لعملية زرع قلب جزئي.
ونجحت الجراحة الاستثنائية التي خضع لها في العام 2022 في جذب انتباه كتّاب السيناريو في هوليوود الذين حولوا قصته إلى حلقة مصورة من الدراما الطبية Grey’s Anatomy.
في دراسة نُشرت يوم الثلاثاء في مجلة JAMA الطبية كان أطباؤه يوثّقون إنجازاً آخر، لأول مرة ينمو النسيج المستخدم لإصلاح قلب أوين، وهو حلم طال انتظاره لتحقيقه في التدخّلات الجراحية، وفق ما نشر موقع CNN.
علم نيك وتايلر مونرو، والدا أوين، أنه يعاني من عيب خطير في القلب عندما أجريا له فحصًا متعمقًا بالموجات فوق الصوتية في الأسبوع العشرين من نموه. كان لدى أوين عيب خلقي نادر يُطلق عليه اسم "الجذع الشرياني".
اعتقد الطبيب الذي شاهد أول فحص بالموجات فوق الصوتية بعد الولادة أن أوين سيحتاج إلى عملية زرع قلب كاملة، لكن في اليوم التالي، قدم توريك لوالدي أوين حلًا بديلاً: لقد كان يمارس تقنية جديدة يمكنها استبدال الأجزاء المعيبة من قلب أوين بأوعية وصمامات حية من متبرع متوفى في الآونة الأخيرة.
كانت العملية الأولى التي خضع لها الطفل أوين أشبه بالمعجزة، إذ كان قلبه بحجم حبة الفراولة، أما اليوم فأصبح قلبه وهو في عمر الـ20 شهراً بحجم حبة المشمش. وقد واكبت الصمامات والأوعية الدموية الجديدة نموّه، ما يعني أنه بخلاف غالبية الأطفال الذين يولدون ويعانون من العيب عينه، قد لا يحتاج إلى عمليات قلب أكثر خطورة خلال حياته.
وعادة ما يتم استخدام الصمامات غير الحية والتي لا تنمو جنباً إلى جنب مع الطفل في مثل هذه الحالات، ما يتطلب استبدالاً متكرراً، ويستلزم إجراءات جراحية تؤدي إلى معدل وفيات يصل إلى 50 في المئة.
في حين أن الطريقة الجديدة المستخدمة أثناء عملية زرع القلب الجزئي أدت إلى زرع صمامين وشرايين تعمل بشكل جيد وتنمو مع الطفل كما لو كانت عائدة له.
وفي هذا الصدد، رأت رئيسة قسم التقنيات المتقدمة والجراحة في المعهد الوطني للقلب والدم الدكتورة كاثلين فينتون أن "هذه الخطوة مهمة جداً وتعتبر تقدماً هائلاً. وقد كتبت مقالاً افتتاحياً تناول إمكانية إجراء عمليات زرع القلب الجزئي".
صحيح أننا نتحدث عن طفل واحد، لكن هذا يحثنا على إجراء الأبحاث ومتابعة هؤلاء الأطفال على المدى الطويل لمعرفة ما قد يحدث.
هذا التدخل الجراحي أخذ ينتشر بسرعة. فمنذ الجراحة التي خضع لها أوين، أُجريت 12 عملية زرع قلب جزئي أخرى للأطفال، تسعة منها في مستشفى ديوك هيلث، المستشفى الذي أجرى العملية. وقد مهّد هذا الابتكار الطريق أمام عملية زرع قلب "الدومينو"، حيث يستطيع قلب واحد إنقاذ حياة مريضين.
وخلال عملية زرع قلب "الدومينو"، يتلقى المريض الأول الذي لديه صمامات صحية ولكنه يحتاج إلى عضلة قلب أقوى، قلباً كاملاً من متبرع، بينما يحصل الطفل الثاني على الأوعية الدموية والصمامات السليمة من الرضيع الأول، ما يخلق "تأثير الدومينو".
من جهة أخرى، استغرقت جراحة رزع القلب الجزئي لأوين ثماني ساعات. ولكن بعد 28 يوماً على الإجراء الطبي، استطاع الطفل العودة إلى المنزل. واليوم، يرجح الأطباء بأنه لن يحتاج إلى جراحة إضافية في المستقبل.
أما بالنسبة إلى هذا الإنجاز الطبي، فقد أوضح الدكتور جوزيف توريك، رئيس قسم جراحة قلب الأطفال في مستشفى "ديوك هيلث"، والجرّاح الذي ابتكر عملية زرع القلب الجزئي، يعتقد أنها يمكن أن تساعد مئات الأطفال سنويًا في الولايات المتحدة.
وأضاف توريك أننا "نُجري 500 عملية زرع قلب للأطفال سنويًا في هذا البلد، وبالتالي فإنّ غالبية هؤلاء الأطفال الذين يحصلون على قلب، ستكون قلوبهم القديمة متاحة. يمكننا استخدام صماماتهم. لذلك أعتقد وآمل أن هذا قد يساعد أكثر من ألف طفل سنويًا".