إنّه "صراع البقاء". بهذه العبارة تمسّكت ليليان سعادة في حياتها، وعلى كرسيّها المدولب حاولت أن تتماشى مع السنين، من دون أن تستسلم لإعاقتها الجسدية. تقود ثورتها الخاصة، وتخوض معاركها اليومية، لأنها تدرك تماماً أن "البقاء يكون للأقوى".
قوية النفس والروح. هكذا علّمتها الحياة أن تكون، فلا مجال للشكوى والتذمّر، وإنما للعمل والمثابرة. لم يُقصها الشلل فيُبقيها بين الجدران الأربعة، بل دفعها إلى الاجتهاد أكثر، متسلحةً بإيمانها وإرادتها الصلبة.
كانت رحلتها مع الحياة منذ البداية متعثرة. ووفق ما تقول في كتابها "حزام الإيمان"، "ولدت في نيسان 1969. وفيما كانت قدم الإنسان تطأ سطح القمر، كان المرض يضع لمساته الأولى على جسدي: شلل الأطفال". ومن سخرية القدر -وفق ما تشير- أن يأتي هذا المرض نتيجة تلقّيها لقاح شلل الأطفال. خطأ في الجرعة سيُكلّفها خسارة ساقيها، وجزءاً من حركة يديها، وسيجعلها أسيرة الكرسي المتحرّك.
لكن ليليان لا تحبّ التذمر، فهي تعرف جيداً أن ما تملكه سيكون كافياً للاحتفاظ بحريّتها. لن تسجن نفسها في المنزل، فالحياة بانتظارها، ولو كانت على كرسي مدولب!
لم تكن طفولتها ومراهقتها سهلة، فقد عاشت وحيدة، وبرفقتها المذياع والكتب التي وجدت فيها وسيلة سفرها إلى العالم. كانت غرفتها عالمَها، وضمن جدرانها اختبرت الألم والدموع والحزن والفرح والاكتشاف والحلم.
55 عاماً مرّت وليليان ما زالت تحارب بكلّ ما أوتيت من قوة؛ وعلى كرسيها المدولب تخرج إلى عملها في مؤسسة تُعنى بذوي الاحتياجات الخاصّة. تتحدث عن الصعوبات التي يواجهها المركز، وعن خطر إقفاله، فـ"هو مهدد بالإقفال الكليّ بعد أن أثرت جائحة كورونا، ثم الأزمة الاقتصادية على مساره. غياب التمويل وضعف الدولة زادا الوضع سوءًا".
تعمل ليليان 3 أيام في الأسبوع في المركز بسبب الظروف الصعبة التي يمرّ بها، ولا قدرة له على الصمود؛ والدولة لم تدفع بعد مستحقات العام 2022. ونتيجة هذا الواقع، قرّرت ليليان أن تجد بديلاً جديداً يكون لها سنداً حتى "لا تشحد" وفق ما تقول.
تشدد في حديثها على أنها ترفض الصورة النمطية التي ألصقت بذوي الاحتياجات الخاصة و"الشحادة" لتأمين متطلباتهم. برأيها، "طالما أن يدي بخير، وعقلي سليم، فلا شيء مستحيل. لذلك قرّرتُ أن أصنع الأساور الخرزية على بساطتها وجمال ألوانها لأبيعها من تعب جبيني".
سوار مقابل دولار واحد يشكّلان معادلة بسيطة، لكنها أساسية حتى تتمكن ليليان من تأمين ثمن الكرسي المدولب الذي يبلغ نحو 16 ألف دولار. قطعت أكثر من نصف الطريق، ومن تعبها وسهرها تمكّنت من إنشاء صفحة على إنستغرام لتبيع أساورها، وتدّخر المبلغ لاستيفاء ثمن الكرسي الكهربائي.
تعترف: "لم يذهب تعبي سدى، فأنا في وسط الطريق، وما زال أمامي نحو 5 آلاف دولار لتأمين تكلفة الكرسي. تعلّمتُ الصبر والانتظار، وسأتابع عملي حتى أصل إلى هدفي؛ فالكرسيّ بالنسبة لي هو وسيلتي الوحيدة للتنقّل، ولن أخسرها".
تعلّمت ليليان أن تحمل همومها وأحلامها وتمضي بكرسيها إلى المستقبل. لا تريد مناشدة الدولة الغائبة عن السمع، إلا أنها تتمنّى على الناس والسياسيين أن ينظروا إلى حال بعضهم البعض، وأن يساندوا الأشخاص الذين هم بحاجة حتى يعيشوا بكرامة ومن دون ذلّ.
هذه طريقتها في الحياة وإيمانها، والتي لا تتطلب الكثير سوى التشجيع. لذلك، ليس عليك سوى أن تشتري سواراً لتجعل درب ليليان سهلة ومستقيمة.
لمن يريد شراء سوار الاتصال على رقم ليليان: 76/189923