منذ الـ28 من آذار الفائت، دخلت الدكتورة أولفت محمود (63 عاماً) لاستئصال ورم حميد في الدماغ، لكنها خرجت بأضرار كبيرة، ولم تستيقظ بشكل كامل من غيبوبتها. 4 أشهر، وما زالت والدة الكاتب شاكر خزعل على حالها، لا تقوى سوى على فتح عينيها من دون أيّ حركة أخرى.
يعرف ابنها أن الخطأ وارد، لكن التنصّل من المسؤولية هو ما دفعه إلى رفع الصوت عالياً وتسليط الضوء على ما يحدث في أروقة المستشفى. بقيت أولفت تُصارع المضاعفات الطبية منذ اليوم الأول للعملية، وفق ما يؤكد خزعل، "فنحن لم نكن على دراية بمخاطر العملية، ولم يُطلعنا الطبيب على حقيقة ما قد نواجهه نتيجة هذه الجراحة".
مع ذلك، سلّمنا بالأمر الواقع في انتظار أن تعود كما كانت، و"محنة ورح نقطعها". لكن إهمال المستشفى لحالة والدتي، ومحاولة التنصّل من مسؤوليتها، وتراجع حالتها بهذه الطريقة، جعلني أتّخذ قراراً حاسماً برفع دعوى بحق المستشفى، من أجل والدتي وكلّ المرضى الذين قد يواجهون المصير نفسه.
والدة شاكر خزعل.
ويستشهد خزعل بحادثة مشابهة لشابة تبلغ من العمر 28 عاماً، خضعت للعملية نفسها، ومع الطبيب ذاته، وتوفيت، من دون أن يتحدّث عنها أحدٌ. وفق توصيف الطبيب "هذه العملية أشبه بعملية الزائدة"، أي تعتبر سهلة وغير مؤذية أو خطرة، إلا أن الواقع كان مختلفاً تماماً. قد تكون حادثة استثنائية أو فردية، ولا يجب التعميم، كما أنّ خطأ طبيب لا يعني أن كلّ الأطباء يُخطئون. ونتيجة ذلك، سيشارك خزعل تجربته الشخصيّة، فضلاً عن كونه في صدد تحضير كلّ الملف الطبيّ وتقديمه لوزير الصحة فراس الأبيض بعد اجتماعه به.
بقيت أولفت على حالها من دون تحسّن، وأدخلت بسرعة بعد الجراحة إلى العناية الفائقة. كانت حالتها غير مستقرّة. وبعد شهر، تلقّى خزعل اتصالاً قلب كلّ المقاييس. الوالدة مصابة ببكتيريا، انتقلت إليها في داخل المستشفى، وتكون عادة نتيجة قلّة النظافة، فأدخلت إلى العناية من جديد.
يروي خزعل أنه "في 27 نيسان كان عليّ أن أتعامل مع واقع طبي جديد طارىء، حين أطلعني أحد الممرّضين في المستشفى بأننا لا نتّخذ الإجراءات اللازمة في مسألة النظافة، وهذا ما تسبّب بالتقاط والدتك لهذه البكتيريا. ولم يُطلعني المستشفى على كيفيّة التعامل مع هذه البكتيريا، ممّا أدّى إلى انتقال العدوى إليها".
هذا ليس كلّ شيء، إذ كشف الممرض وفق رواية خزعل عن أنه لم "يتم تغيير القسطرة البوليّة لأكثر من شهر. واعترف بإهمال فريق التمريض للرعاية في المستشفى".
يتابع خزعل: "نتيجة ما سمعته، طلبتُ موعداً من الإدارة بعد أن شرحت الوضع والمسؤولية المترتبة على المستشفى، لأكتشف أن المستشفى يحاول التنصّل من مسؤوليته. وتلقيتُ تسجيلاً صوتيّاً يفضح طريقة التفكير والقول بالحرف الواحد "نحنا عنّا صلاحيات نخبّي، ونحنا كمستشفى إذا غلطانين كمان رح نجي نخبّي غلطنا بطريقة ما".
قرّر خزعل إخراج والدته، وعرض المستشفى حسم قيمة من الفاتورة الاستشفائية، إلا أنّ خزعل رفض، لأنّ الخطأ الذي حصل قضى على حياة والدته التي تصارع، بعد أن كانت تضجّ حياة، وتدرس في الجامعة العربية. من دكتورة في الجامعة إلى مريضة لا تقوى سوى على فتح عينيها. "لقد انقلبت حياة والدتي رأساً على عقب"، وفق توصيف ابنها.
نتيجة ذلك، اجتمع خزعل بوزير الصحة، وهو في صدد تحضير الملف الطبي لفتح تحقيق طبيّ بما حصل حقيقة في أحد المستشفيات في بيروت.
اليوم قضيّة والدة خزعل في عهدة وزير الصحة، وما يجري في داخل المستشفيات يستوجب تحرّكاً سريعاً وضروريّاً لتفادي تكرار هذه المأساة مع عائلة أخرى.