بعد صرخات مئات المرضى الذين يستغيثون لتأمين "المورفين"، حصلت الشركة المستوردة لهذا الدواء على موافقة وزارة الصحّة لاستيراد الشحنة. في المرة السابقة، استغرق وصول الشحنة المطلوبة ما بين 3 و4 أشهر، لأن الكمية المرصودة للبنان تم بيعها إلى دولة أخرى وكان على لبنان الانتظار بضعة أشهر لاستلام الشحنة الجديدة.
هذه الشحنة المنتظرة اليوم يُقابلها آلام مئات المرضى الذين لا يملكون ترف الوقت أو ترف المال لتسكين آلامهم. لا قدرة لجميع المرضى على معالجة أوجاعهم في ظلّ انقطاع أدوية المورفين على شكل حبوب في الصيدليات، ما دفع ببعضهم إلى البحث عن أدوية وعلاجات بديلة، وآخرها استخدام زيت الحشيش أو سيجارة الحشيشة للتخفيف من هذا الوجع.
ولكن "هذا الحلّ ليس ناجعاً ولا يمكن أن يحل مكان المورفين" هذا ما يشدد عليه الاختصاصي في أمراض الدم والأورام البروفسور فادي نصر لـ"النهار". برأيه "أن زيت الحشيش يساعد في تخفيف الغثيان والتقيّؤ وفتح الشهية عند المريض، وقد أثبت فعاليته في تحسين نفسية المريض ولكنه لا يحلّ مكان المورفين الذي يعطى للتخفيف من آلام المرضى".
وفي ظلّ انقطاع أدوية المورفين، ما هي الحلول التي تقدّم لمريض السرطان؟ يؤكد نصر أنّ "الحل يكون في إدخال المريض إلى المستشفى لإعطائه المورفين في الوريد، أو البحث عن دواء المورفين من ضمن مجموعة المرضى الذين لم يعودوا بحاجة إليه، أو من عائلات مرضى توفي مريضهم، أو بعض المؤسسات الخارجية التي ترسل كمية منه إلى لبنان. منذ أسبوع وصلت إلى لبنان كمية من دواء المورفين عيار 30mg.
نحن أمام كارثة حقيقية، وعلى الدولة إيجاد حلّ سريع للموضوع لأنّه لا يمكن لمريض السرطان أن يعيش من دون مورفين. الوجع كارثي واستهلاك المورفين الطبي كبير في لبنان، ونحن بحاجة إلى استيراد الكميات اللازمة وفتح الاعتمادات لمعالجة هذه الأزمة. مريض السرطان لا يمكنه الانتظار ولا يمكنه تحمل الآلام، أضف أنّ بعض الأدوية السرطانية التي يشتريها المريض مزوّرة وهو لا يعرف ذلك، لذا فالحل سياسيّ، ويجب معالجة مشكلة البلد حتى تتحلحل الأزمات الأخرى."
في حين يؤكد نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون لـ"النهار" أن "لا مشكلة في جرعات المورفين التي تُعطى عبر الأمصال في المستشفيات وهي متوافرة بشكل طبيعي، وتعمل شركة Minipharm على تأمين حقن المورفين للقطاع الاستشفائي في حين تؤمّن شركة Mersaco أدوية المورفين على شكل الحبوب إلى الصيدليات".
وعن كلفة علاج المريض في المستشفى، لا يُخفي هارون أنّ العملية باتت مكلفة في ظلّ هذه الظروف، الأمر الذي يجعل المريض يستعين بأدوية المورفين لتناولها في المنزل عوض المجيء إلى المستشفى. فكلفة المورفين عبر المصل تبلغ 200 ألف، أضف إليها سعر المصل الذي يقارب الـ 150 ألف ليرة. ناهيك عن كلفة أجرة الطبيب التي توازي المليون ليرة لبنانية، في حين تبلغ كلفة السرير لليوم الواحد مليوني ليرة. وبالتالي تصل كلفة الليلة الواحدة نحو 3 ملايين ونصف المليون ليرة لبنانية، وهذه الكلفة يصعب على الكثيرين تكبّدها في هذه الأزمة الراهنة.
هذه المأساة التي خرجت إلى العلن منذ فترة دفعت بمنسقة الشؤون الانسانية في الأمم المتحدة إلى الطلب من الجهات المانحة مبلغ 163 مليون دولار لتوفير الحاجات الضرورية للبنانيين، خصوصاً للفئات الأكثر إلحاحاً.
ما يشهده لبنان من أزمات متكررة كانقطاع الأدوية ولاسيّما السرطانية منها يتواصل مع استمرار الأزمة الاقتصادية، وحتى الكمية التي تتوفر في السوق تعتبر محدودة ولا تكفي حاجة كل المرضى. والأسوأ أن بعض المرضى محرومون منذ نحو الـ 7 أشهر من الحصول على أدويتهم السرطانية، ما أدّى إلى تدهور حالتهم الصحية.
ولكن حتى الوجع أصبح مكلفاً وباهظاً في لبنان لأنه يوجب المريض على دخول المستشفى لشراء راحة موقتة من دون ألم، فغالبية أدوية المورفين من عيارات 10 و60 و100 مقطوعة، في حين أن دواء المورفين من عيار 30mg تأمّن منذ أسبوعين وإنّما بكمية محدودة.
ويكشف رئيس جمعية "بربرا نصّار لدعم مرضى السرطان" هاني نصّار أنّ بعض المرضى لجأوا إلى علاج بديل من خلال استخدام زيت الحشيش أو سيجارة الحشيشة للتخفيف من آلامهم، في انتظار إيجاد حلول جذرية ومستدامة لهذه الأزمة"، ويتساءل نصّار "هل هذا هو العلاج اليوم لهؤلاء المرضى الذين يصرخون من الوجع".