النهار

مادة مستخرجة من القنب... "سي بي دي": هل هو دواء سحري حقاً؟
المصدر: "بي بي سي"
مادة مستخرجة من القنب... "سي بي دي": هل هو دواء سحري حقاً؟
"سي بي دي".
A+   A-
أعلن علماء في جامعة أوكسفورد البريطانية مؤخراً أنهم سيبدأون في إجراء تجربة موسعة على مستوى العالم للتحقق مما إذا كانت الأدوية التي تحتوي على مادة الكنابيديول المعروفة اختصارا بـ CBD "سي بي دي" من الممكن أن تساعد في علاج الأمراض العقلية والنفسية.

يأتي ذلك وسط رواج شهدته مبيعات منتجات تحتوي على سي بي دي في عدد من البلدان الغربية، وذلك بعد أن أشارت دراسات أجريت على نطاق صغير إلى أن تلك المادة لها آثار مفيدة في علاج بعض الحالات كالأرق والتوتر، وكذلك في تسكين الآلام، بل والمساعدة على التخلص من الإدمان.

ويصف الأطباء سي بي دي للمرضى الذين يعانون من عدد محدود من الحالات في الوقت الحالي. ففي المملكة المتحدة، على سبيل المثال، تشمل تلك الحالات الصرع الحاد، والقيء والدوار الناتجين عن العلاج الكيميائي الذي يخضع له مرضى السرطان.

وتباع هذه المادة حاليا في بلدان غربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا في هيئة زيت أو أقراص أو كريمات، بل وأصبحت تدخل في صناعة بعض مستحضرات العناية بالبشرة. وصار من الممكن شراؤها من دون وصفة طبية، وهي مطروحة للبيع في الصيدليات ومحال الأعشاب الطبية وعلى شبكة الإنترنت.

وقد تحدث بعض "المؤثرين" على وسائل التواصل الاجتماعي وبعض المشاهير عن تجربتهم معها، وكيف أنها ساعدتهم في النوم أو في تخفيف التوتر والقلق. فما هي هذه المادة؟ وهل هي آمنة؟ وهل لها تأثير مخدر كونها مستخرجة من نبات القنب؟ وهل هي دواء سحري كما يروج لها بعض منتجيها؟

ينبغي هنا التفريق بين زيت الكنابيديول "سي بي دي" وزيت القنب (cannabis oil)، إذ إن المسمى الأخير يشير إلى أي زيت مستخرج من نبات القنب أو الماريجوانا، والذي قد يحتوي على نسبة عالية من مادة تي.إتش.سي، ما يجعله محظوراً في الكثير من البلدان.

وبينما تحظر بلدان عديدة القنب، فإن مادة سي بي دي وحدها غير محظورة في كثير من البلدان الأوروبية، وفي الولايات الأميركية، وفي بلدان أخرى مثل كندا والأرجنتين وكولومبيا وأوروغواي وفي الولايات المتحدة، ذكرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على موقعها على الإنترنت أنها تعكف حاليا على صياغة بعض القواعد والإرشادات والضوابط بشأن منتجات سي بي دي لضمان تسويقها واستخدامها في شكل آمن.

وفي المملكة المتحدة، يشترط ألا تتخطى نسبة مادة تي إتش سي 0.2 في المئة في منتجات سي بي دي.

هناك العديد من الفوائد الصحية المزعومة لمادة سي بي دي، ولكن أقوى دليل علمي يشير إلى فوائدها في علاج بعض من أقسى الأعراض المصاحبة للإصابة بمرض الصرع في مرحلة الطفولة، كما يقول الدكتور بيتر غرينسبون المدرس بجامعة هارفرد والطبيب المتخصص في الرعاية الصحية الأولية بمستشفى ماساشوستس العام، وهو أيضا خبير في مجال الفوائد الطبية للقنب والماريجوانا.

يضيف غرينسبون: "لدينا الكثير من التجارب التي أجريت على الحيوانات، وعدد متزايد من التجارب على البشر، والتي تظهر أن لمادة سي بي دي فوائد في تخفيف التوتر والقلق، والأرق، بل والمساعدة على التخلص من الإدمان".

وفي ما يتعلق بمزاعم تخفيف الآلام المزمنة، يرى الدكتور غرينسبون أن ثمة حاجة للمزيد من الدراسات لإثبات تلك المزاعم.

يتحدث منتجو سي بي دي وبعض مؤيدي استخدامها عن تلك المادة بوصفها دواء سحرياً، يساعد في الكثير من المشكلات الصحية التي يعاني منها البشر حالياً من قلق وتوتر وأرق وآلام، ومن ثم يسهم في تحقيق نوع من التوازن في حياتهم.

وبالنظر إلى مواقع الشركات التي تبيع منتجات سي بي دي على الإنترنت، وإلى مواقع التواصل الاجتماعي التي تتناول "قصص نجاح سي بي دي"، تجد عشرات الشهادات التي تتحدث عن الفوائد الصحية التي تحققت لهم بعد استخدامها - من تخفيف آلام الدورة الشهرية إلى المساعدة على النوم الهادئ وعلى التخلص من حب الشباب والقلق والتوتر، إلخ. لكن غرينسبون يلفت إلى أن المزاعم الحالية المتعلقة بالفوائد الصحية لسي بي دي: "تجاوزت إلى حد ما الأدلة المتوفرة لدينا".

ويرى الكثير من المتخصصين الآخرين أن ثمة حاجة إلى المزيد من الدراسات لإثبات تلك الفوائد.


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium