مرّ مرور الكرام خبر فتح تحقيق من قبل نقابة الصيادلة بعد وفاة مريض نتيجة إعطاء دواء خاطئ من قبل عامر الرز علم الدين المنتحل صفة صيدلاني في منطقة المنية. هذه الحادثة التي تفتح الباب واسعاً أمام التعديات والانتهاكات التي يُسجلها لبنان خصوصاً في القطاع الصحي تثير الخوف والقلق. صحيح أنها قد تندرج ضمن حادث فردي، إلا أنها قد تفتح الباب أمام ما هو أخطر وأكبر في ظل غياب الرقابة والفوضى.
لولا حالة الوفاة لما عرف الناس أن المدعو عامر الرز علم الدين منتحل صفة، وأن أرواح المرضى بين يديه على المحك. ما جرى مع المريض السوري سعيد العكاري ( 22 عاماً) درس كبير لمدى خطورة انتشار صيدليات غير شرعية أو لعاملين غير حائزين على شهادة الصيدلة.
منذ أسبوع، أعلنت نقابة الصيادلة في بيانٍ لها أن "تفتيش نقابة الصيادلة تحرّك في منطقة عكار لإقفال الصيدلية إثر الأخبار المتداولة عن المدعو عامر الرز علم الدين المنتحل صفة صيدلي الذي تسبب بمقتل أحد المرضى".
كما أكدت النقابة أنها ستقوم بكل التحقيقات اللازمة وإعلام وزارة الصحة بها، لإنقاذ حياة المواطنين ووفق عملية التعدي على مهنة الصيدلة من منتحلي الصفة والصيدليات غير الشرعية.
ولم يُخفِ نقيب الصيادلة جو سلوم تخوفه من هذه الظاهرة المنتشرة، إذ لفت إلى أن "الصيدليات غير الشرعية منتشرة في مختلف المناطق اللبنانية، منها ما هو غير شرعي وأُخرى تحمل طابعاً حزبياً، كما تنتشر صيدليات غير مرخصة تبيع أدوية غير مسجّلة في وزارة الصحة أو مُهربة، وهي تشكّل بطبيعة الحال خطورة على صحة المريض".
لكن ماذا بعد ذلك؟
وللغوص أكثر في هذه الحادثة المأسوية، كان لافتاً تخوف أهل المنطقة وترددهم في الحديث، كما كان واضحاً أنهم لا يريدون تزويدنا بأي معلومات.
وبعد محاولات عديدة، علمت "النهار" من مصدر متابع أن "عامر الرز علم الدين متوارٍ عن الأنظار، ويُقال إنه سافر إلى تركيا. وفي تفاصيل ما جرى، فقد عانى المريض سعيد، وهو متزوج وله طفلان، من حرارة وصداع، وبعد توجهه إلى الصيدلية المذكورة أعطاه عامر الرز علم الدين حقنة، إلا أنه لم يصل إلى منزله حيث توفي على الطريق قبل نقله إلى المستشفى".
ونتيجة ذلك، أبلغ المستشفى قوى الأمن الداخلي لأن الوفاة مرتبطة بخطأ في إدارة الدواء.
وداهمت شعبة المعلومات الصيدلية وأقفلتها. وباشرت القوى الأمنية والقضائية (من نقابة الصيادلة ومفوضية اللاجئين السوريين) بالتحقيقات في حين دُفن المريض السوري الذي توفي نهار الجمعة الفائت.
من جهتها، تتابع مفوضية اللاجئين السوريين الموضوع والتحقيقات، كما تتابع مع الأسرة لمعرفة الملابسات. وتعقيباً على هذه الحادثة، تؤكد مصادر المفوضية لـ"النهار" على "أهمية تشجيع اللاجئين على زيارة مراكز الرعاية الصحية الأولية المعتمدة من قبل وزارة الصحة العامة والتي تعدّ جزءًا من شبكة المفوضية والمتواجدة في جميع أنحاء البلاد، بالإضافة إلى المستشفيات الحكومية المتعاقدة معها لتلقي العلاج الطبي".
كما تسعى المفوضية إلى "تكثيف حملاتها المنتظمة لمكافحة الاحتيال التي تستهدف فئات اللاجئين،وبعض المخططات الاستغلالية التي تنفذها أطراف ثالثة".
قد تكون حملة نقابة الصيادلة في وجه كل الصيدليات والمستوصفات غير الشرعية ضرورية، إلا أن الأهم أن تبقى مستمرة ودائمة للحفاظ على صحّة المواطن.