من سنوات عديدة تكثفت جهود اختصاصيّي التغذية في لبنان لإنشاء نقابة تحفظ حقوق المنتسبين إليها. تجارب عديدة سابقة فشلت في مكان ما إلى أن اتّخذت المسار القانونيّ، ووقّع رئيس الجمهورية على مرسوم لإنشاء النقابة وإجراء انتخابات لمجلس أعضاء نقابة علم التغذية وتنظيم الوجبات. بعد إعلان الانتخابات وفتح باب الترشح عبر موقع وزارة الصحة العامة، ترشّح 17 من اختصاصيّي التغذية وتمّ استبعاد اثنين لم تستوفيا الشروط.
اليوم، تتنافس 15 مرشحة في انتخابات مجلس نقابة اختصاصيّي التغذية على أن يتمّ انتخاب 11 منهنّ لعضوية المجلس، وذلك بعد أن فازت الدكتورة نهلا حوّيلا بمنصب النقيبة بالتزكية.
اختصاصيّة التغذية جوال فرحة من المرشحات المستقلات الـ 3 في مقابل لائحة مكتملة تضمّ 12 اختصاصيّة تغذية، وتؤكّد في حديثها مع "النهار" على الدور الأساسيّ للنقابة التي لم تكن موجودة طوال السنوات السابقة لدعم المنتسبين إليها وضمان حقوقهم. "لم يكن لدينا نقابة تحمي حقوقنا وتوفّر الدعم لنا على الرغم من أهمية وجود نقابة، كما في كافة المهن الأخرى. أهم ما في هذه الخطوة أنّها ملزمة، أي أنّها ستضمّ كافة اختصاصيّي التغذية في لبنان، دون استثناء ما يمنع ممارسة المهنة من دون الانتساب إليها، وبالتالي تسمح إعطاء النقابة منحى رسمي لممارسة المهنة وتمنع الدخلاء فيها.
وعن برنامجها الانتخابي تشير فرحة إلى أنّه يتضمّن نقاط عدّة منها العمل على تأمين تغطية اجتماعية وطبية شاملة دون فرض شروط على المنتسبين، والعمل على تنظيم المهنة وتطبيق شروط مزاولتها وملاحقة المعتدين عليها، والعمل على إعداد برامج تعنى بالتغذية لدى الأطفال والأمّهات والمسنّين، وإنشاء لجان للتدخل في الحالات الطارئة بالتنسيق مع الجهات الرسمية، وإنشاء لجنة تعمل على توفير فرص عمل للمنتسبين إلى النقابة، والعمل على توعية الطلاب في المدارس في مجال التغذية وإنشاء صفحة إلكترونية خاصة بنقابة علم التغذية...
حول هذا اليوم الانتخابي "الراقي بامتياز" على حدّ قولها، تحدثت النقيبة الدكتورة نهلا حوّيلا مشيرة إلى أنّ إنشاء نقابة أخيراً هو إنجاز تاريخيّ لاختصاصيّي التغذية بعد مساعٍ طويلة من نحو 20 سنة لإنشائها. تتميز النقابة هنا، كما تؤّكد حوّيلا بأنّه لا طابع سياسيّاً أو طائفيّاً لها، وكذلك الانتخابات فيها، والتي تشهد على اندفاع واسع فيها، فهي راقية تشبه اختصاصيّي التغذية الذين تضمّهم وهم بأغلبيتهم من النساء، وتسود في ما بين المرشحات كافة روحاً تنافسية راقية.
"بعد هذه المعاناة الطويلة مع منتحلي الصفة والانتهاكات والدخلاء في مجال علم التغذية، أخيراً يمكن القول إنّ الامور تتّجه نحو الأفضل في تنظيم هذه المهنة ومنع الدخلاء عليها. والأهم أنّها ستضمّ كلّ من يعمل في هذا المجال دون استثناء حتى يتمكّن من مزاولة المهنة بطريقة رسمية، كما في نقابة الأطباء وغيرها من النقابات".
من أهمّ الخطوات التي من المفترض العمل عليها في النقابة تأمين معاش تقاعدي لاختصاصيّي التغذية وتنظيم المهنة على أساس هذه المرجعية الرسمية التي باتت موجودة بعد طول انتظار، كما توضح حوّيلا مشيرةً إلى انّ النقابة تبدأ اليوم من الصفر وفي ظلّ ظروف صعبة إلّا أنّه إنجاز سيكون من الممكن تحقيق الكثير في هذا المجال على أساسه.
اندفاع واضح وآمال تعلّق على النقابة
يبدو الاندفاع واضحاً وتعلّق آمال اختصاصيّي التغذية على هذه الخطوة المنتظرة بإنشاء نقابة تنظّم المهنة وتحفظ حقوق المنتسبين إليها. تعبّر اختصاصيّة التغذية نيفين بشير عن رأيها في هذه الخطوة بالقول: "كانت هناك مساعٍ كثيرة لإنشاء النقابة التي طالبنا بها طويلاً لتحفظ حقوقنا كما بالنسبة إلى باقي المهن وتمنع المعتدين عليها في ظلّ معاناة طويلة في هذا المجال، لكن كانت هناك عرقلة نجهل أسبابها".
أمّا اختصاصيّة التغذية مايا أبو جودة فقد اعتبرها خطوة إيجابية كان الكلّ يترقّبها، لأنّ هذه المهن كانت دوماً تحتاج إلى تنظيم ودعم يستفيد منهما اختصاصيّو التغذية والمرضى في الوقت نفسه. وقد اشارت إلى أنّ اختصاصيّي التغذية يحتاجون فعلاً إلى مرجع رسميّ لهم ما يترك أثراً مهماً عليهم وعلى عملهم، وعلى صعيد دولي لا ضمن لبنان فحسب.
"تعتبر هذه أيضاً فرصة مهمّة تتيح لاختصاصيّي التغذية التواصل وإقامة علاقات مع بعضهم البعض بطريقة إيجابية ما يفسح المجال لتطوير مشاريع، أو القيام بأبحاث بطرق جديدة تسمح بإبراز التعاون بينهم، إضافة إلى أهمية دور النقابة في حماية اختصاصيّي التغذية وما يؤمّنوه للمريض أيضاً من شعور بالثقة والأمان".