أظهر الباحثان المشاركان الدكتور أحمد حصري والدكتور محمّد الحركة أنّ استبدال التعرّض لدخان السجائر القابلة للاحتراق (CS) بنسبة 50 في المئة بالسجائر الإلكترونيّة (ECIG) أو منتجات التبغ المسخّن (HTP)، لا يقلّل من تضرّر الرئتين في نموذج حيوانيّ. هذا البحث نُشر في 21 آذار 2023 في مجلة النيكوتين والتبغ للأبحاث من خلال مطبعة جامعة أكسفورد، وذلك في إطار التزام المركز الطبّي في الجامعة الأميركيّة في بيروت (AUBMC)، في تعزيز ونشر البحوث ذات الصلة بمجالات الرعاية الصحّية والعلاجات الطبية على المستوى المحلي والعالمي.
"إنّ الأشخاص الذين يستخدمون السجائر القابلة للاحتراق CS، ويحاولون استبدالها بالسجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخّن، يوصفون بأنّهم مستخدمون مزدوجون"، يقول الدكتور أحمد حصري الأستاذ المتفرّغ في مزاولة الطبّ الرئويّ والعناية المركّزة، في المركز الطبّيّ في الجامعة الأميركية في بيروت. إنّ هذه الدراسة التي أُجريت على فئران مخبريّة قيّمت التأثيرات الحادّة الناجمة عن استبدال استهلاك السجائر القابلة للاحتراق بالسجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخّن بطريقة تحاكي نهج المستخدمين المزدوجين. لم تجد هذه الدراسة أيّ دليل يشير إلى أنّ التدخين المزدوج أقلّ ضرراً بالمقارنة مع السجائر العادية القابلة للاحتراق.
قام الباحثان بتصنيف الفئران الى مجموعات مختلفة، شملت الحيوانات المخبرية التي تعرّضت للسجائر القابلة للاحتراق فقط والمجموعة التي تعرّضت لمزيج من السجائر القابلة للاحتراق والسجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخّن. بناءً على المجموعة المحدّدة، تعرّضت الحيوانات المخبرية لمدّة ثلاث ساعات في الصباح ولمدّة ثلاث ساعات بعد الظهر إمّا للهواء أو للسجائر القابلة للاحتراق أو السجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخّن، وذلك لمدّة سبعة أيام متتالية. وقد تمّ تقييم إصابة الرئتين من خلال فحص كمية السوائل والألبومين المتسرّبة إلى إليهما (الرئتين)، علامات المؤشرات الالتهابية، فحص أنسجة الرئة تحت المجهر، ووجود الموت الخلوي.
لقد أظهرت النتائج أنّ الألبومين تسرّب بشكل كبير في المجموعات التي تعرّضت للسجائر العادية القابلة للاحتراق أو المجموعات التي تعرّضت لمزيج من السجائر القابلة للاحتراق أو السجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخّن. كما لوحظت نتائج مماثلة في مؤشرات الالتهاب المسجلة والموت الخلويّ. كشف فحص الأنسجة عن تسلل الخلايا الالتهابية بشكل كبير، بالإضافة إلى ترسّبات الكولاجين في مجموعة الحيوانات التي تعرّضت للسجائر القابلة للاحتراق، وفي المجموعات التي جمعت بين السجائر القابلة للاحتراق والسجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخّن.
يقول الدكتور حصري "انّ هذا البحث هو فرصة للتركيز بشكل خاصّ على الحاجة إلى مساعدة المستخدمين المزدوجين على التخلّص من كلا المنتجين، وتصحيح سوء الفهم الخطير المحتمل الذي يرى أنّ استبدال استخدام السجائر بمنتجات التبغ المسخّن بصورة جزئية، سيؤدّي إلى تقليل المخاطر الصحية". يتابع الدكتور حصري ويقول "لقد أظهرت الدراسة أنّ التحوّل الكامل من تدخين السجائر العادية القابلة للاحتراق إلى كميات مماثلة من منتجات التبغ المسخّن التي تتمثل باستخدام جهاز أيكوس IQOS أو السجائر الإلكترونية سيؤدّي إلى انخفاض كبير في إصابة الرئتين ". تجدر الإشارة إلى أنّه وفقاً للدراسات التي أجرتها إدارة الغذاء والدواء الأميركيّة (FDA)، لم تتمّ الموافقة على أيّ نوع من السجائر الإلكترونية كأداة للإقلاع عن التدخين.
إنّ الباحثين يؤكّدون أنّه من غير الواضح النتائج المترتبة على استخدام المزيج من أنواع التدخين على المدى البعيد، وكيف يمكن أن تتفاعل أنماط هذا الاستخدام على المدخّن. بناءً على ذلك، تكمن الحاجة إلى دراسات حيوانية مخبرية وبشرية إضافية لفهم تأثير التركيبات والنسب المئوية المختلفة التي يتعرّض لها المدخّن من منتجات التبغ المسخّن أو السجائر الإلكترونية أو السجائر القابلة للاحتراق.
أشار البروفيسور الحصري إلى انّ الأبحاث الطبية تصف المستخدمين المزدوجين بأنّهم من جيل الشباب بشكل ملحوظ، ومن ذوي التعليم العالي. في البداية، يستهلك المستخدمون المزدوجون عدداً أقل من السجائر يومياً مقارنة مع المدخّنين العاديّين. مع مرور الزمن، تتحوّل نسبة كبيرة من هذه المجموعة إلى الاستخدام المزدوج للسجائر العادية والسجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ المسخّن، وصولاً إلى الانتقال إلى تدخين السجائر القابلة للاحتراق حصريّاً.
يقول الدكتور الحصري: "إنّ التدخين المزدوج لا يوفّر الحماية، كما أنّه يمكن أن يُشكّل مدخلاً إلى تدخين السجائر بصورة منتظمة وحصريّاً". ختاماً، يؤكّد البروفيسور الحصري في استنتاجه، أنّ الخيار الصحّي الوحيد، لتقليل تضرر الرئتين هو الإقلاع الكلّيّ عن التدخين.
تتماشى هذه الدراسة المشتركة، مع سعي العلماء والباحثين في الجامعة الأميركية في بيروت والمركز الطبّي في الجامعة الأميركية في بيروت، لإعداد تحقيق شامل يمكنهم من خلاله تعميق أبحاثهم، الأمر الذي من شأنه أن يؤدّي إلى نتائج مفيدة على جميع السكان في جميع أنحاء المنطقة والعالم. كما تُشكّل هذه الدراسة، مثالاً آخرَ على نهج متعدّد التخصّصات للمسائل المعقّدة المتعلّقة بوباء التدخين الذي لا يزال العالم يعاني منه.