النهار

مخاوف من تفشّي اليرقان في لبنان وغياب اللقاح يزيد الطين بلّة... هل يجب حقاً إعلان حال الطوارئ؟
المصدر: النهار
مخاوف من تفشّي اليرقان في لبنان وغياب اللقاح يزيد الطين بلّة... هل يجب حقاً إعلان حال الطوارئ؟
زيادة حالات التهاب الكبد الفيروسي في طرابلس
A+   A-
 لم تكن مدينة طرابلس وجوارها تتوقّع أن تشهد على تفشٍّ صامت لفيروس اليرقان داخل أحيائها، الخبر الذي استحوذ بداية على اهتمام الكثيرين سرعان ما تمّ تناسيه، وبقيت طرابلس وسكّانها يصارعون هذه الحالة الصحّية الطارئة بالموجود، وبغياب اهتمام الجهات المعنيّة كما يجب. أكثر من 174 حالة مصابة باليرقان في طرابلس والجوار، والخوف من تمدّد التفشّي أكثر وأكثر في ظلّ غياب اللقاح المدعوم، والمناشدة في تأمينه بأسرع وقت، في حين يدعو نقيب الصيادلة إلى إعلان حالة طوارئ صحّية في المنطقة.
 
هل حقّاً نحن أمام حالة طوارئ صحّية؟ برأي نقيب الصيادلة جو سلّوم أنّ "تفشّي اليرقان قد يتعدّى طرابلس إلى المناطق المجاورة في ظلّ غياب اللقاح والتوعية، والحالات المصابة بالمئات، ونشدّد على أهميّة التوعية لعدم انتقال الفيروس داخل البيت الواحد".
 
الخطوة الأهمّ تبقى في فحص المياه والخضار بطريقة مستمرّة ودوريّة، وفق سلوم "أظهرت الفحوص أنّ المياه نظيفة مقابل تلوّث الخضر بالفيروس، ولكن يبقى اللقاح الوسيلة الفضلى لمعالجة هذه الحالات، والحدّ من تفشّيها سواء عند كبار السنّ والصغار، لذلك نناشد بتأمين لقاح Hepatite A المقطوع منذ سنة تقريباً، لأنّه مدعوم ولا تتخطّى كلفته الـ50 ألف ليرة لبنانيّة".
 
ونتيجة هذا الواقع، وفي ظلّ انقطاع أدوية ولقاحات مختلفة، يطلب النقيب "فتح اعتمادات خاصّة لأنّ غالبية اللقاحات مفقودة، وهناك تأخّر كبير في استيرادها".
 
في المقابل، لدى وزارة الصحّة أرقام مختلفة عن تلك التي أعلنها نقيب الأطباء (250 حالة)، صحيح أنّ الاثنين يتوافقان على أنّ العدد يتخطّى الـ170، إلّا أنّ نداء النقيب يثير مخاوف عدّة، في حين أنّ وزارة الصحّة تحاول عن كثب تتبّع الموضوع لمعرفة المصدر الرئيسيّ لهذا الفيروس، والذي ما زال مجهولاً حتّى الساعة.
تشهد مستشفيات طرابلس زيادة حالات المصابة باليرقان، وقد استدعى بعضها إلى دخول المستشفى لتلقّي العلاج، هي أشبه بكرة نار تكبر يوماً بعد يوم، ولا حلول حاسمة في انتظار أن تلبّي الشركات نداء المسؤولين في استيراد اللقاح، وفتح اعتمادات خاصّة تفادياً لأيّ تفشٍّ فيروسيّ محليّ.
 
 
 
 
استقبل مستشفى المنية الحكومي حالات عدّة مصابة بفيروس اليرقان، بعضها عولج وغادر المستشفى في حين استدعت بعض الحالات إلى الاستشفاء والبقاء 3 إلى 4 أيام قبل عودتها إلى المنزل. وكان لافتاً أنّ معظمها تتراوح أعماره بين 15 إلى 35 عاماُ، وبعضها اضطرّت إلى الدخول لتلقّي العلاج في المستشفى نتيجة مضاعفات صحّية بعد التهاب شديد في الكبد. لكن لم يُسجّل أيّ حالة خطيرة نتيجة الإصابة وجميعها عاد إلى منزلها من دون مشكلة صحّية.
 
مصدر الفيروس ما زال مجهولاً

شرح مدير العناية الطبية في وزارة الصحّة الدكتور جوزف الحلو لـ"النهار" أنّ هناك 174 حالة مؤكّدة بفيروس اليرقان في طرابلس، وقد أظهرت الفحوص المخبرية سلامة ونظافة المياه، وهي صالحة للشرب، وبالتالي من المرجّح أن تكون الخضار هي مصدر التلوّث، ولكن لا شيءَ مؤكّدٌ، وهو مجرّد فرضية من فرضيّات عدّة، وعليه نحتاج إلى تضافر جهود بعض الوزارات ومنها الأشغال والداخليّة والبلديّات والطاقة للتثبّت من مصدر هذا الفيروس".
 
ويؤكّد الحلو أنّه منذ 3 أيام لم يُسجّل دخول أيّ حالة إلى المستشفى. وبعد الاستماع إلى شهادات الأهالي، يبدو أنّ حالات اليرقان بدأت بالظهور في أوّل عيد الفطر (2 أيار). وبما أنّ مدّة حضانة الفيروس تتراوح بين 7 و50 يوماً، قد نكون على مشارف انتهاء هذه الموجة التي تفشّت في طرابلس، ومن المتوقّع أن تكون الحالات اليوم الأخيرة قياساً إلى فترة الحضانة.
 
ويعوّل الحلو على الجهود المبذولة من فرق الترصّد الوبائيّ واليونيسف وغيرها لتكثيف حملات التوعية، والتي سترتكز على توعية الأهالي حول سبل الوقاية وأهمية النظافة وغسل اليدين وطرق تنظيف الخضار وحتّى المياه قبل استخدامها كإجراء وقائيّ منعاً لأيّ عدوى جديدة.
 
 
من جهته، حذّر نقيب الأطباء البروفسور يوسف بخّاش في بيان، من سرعة انتشار مرض التهاب الكبد الفيروسيّ الألفيّ، وهو مرض شديد العدوى يؤدّي في حالات استثنائيّة الى تقصير في عمل الكبد.

وعزا أسباب انتشاره بهذه السرعة الى "نقص المياه الصالحة للشرب وسوء الصرف الصحّي والنظافة العامة. والأسوأ أنّ فترة حضانته تمتدّ من 15 الى 50 يوماً".

وأثنى بخّاش على عمل وزارة الصحّة وتعاونها مع الجهات المختصّة، والتحرّي عن سبب التلوّث والكشف أنّ شبكة المياه لا تلوّث فيها بحسب التحاليل، وتوقّف عند سرعة انتشار الإصابات حيث وصل الى 118 حالة خلال أقلّ من أسبوع.

ونصح نقيب الأطبّاء بضرورة الوقاية والنظافة الشخصيّة في المنزل من ناحية غسل اليدين جيّداً بعد استخدام المرحاض وقبل تحضير الطعام أو تناوله، واستخدام المياه الموثوقة للشرب ولنظافة الخضار والفاكهة، والعمل على توفير اللقاح المضاد، ومن ثمّ إجراء حملة تلقيح استباقيّة للوقاية من المرض للمجتمعات المعرّضة، على أن تبدأ بكبار السنّ ومن يعاني من مشاكل صحّية وأمراض مزمنة.

وأكّد أنّ الكشف المبكر للمرض هو من الأولويّات على اعتبار أنّه يؤدّي إلى عزل المصابين وحصر تفشّي العدوى والقضاء على الوباء.
 
الوقاية والعوارض

تبرز هنا بالدرجة الأولى، أهمية نشر الوعي بين المواطنين حول أهمية الحفاظ على النظافة والتقيد بشروطها تجنباً لالتقاط العدوى التي تنقل عادةً من شخص إلى آخر أو عبر تناول أطعمة غير مطهوة جيداً وملوثة بالفيروس ومنها الخضروات أو شرب المياه الملوثة أو أحياناً على أثر استخدام المرحاض والتعرض للفيروس وعدم غسل اليدين جيداً.

انطلاقاً من ذلك، تكمن أهمية غسل اليدين جيداً بعد استخدام المرحاض وقبل تحضير الطعام أو تناوله وبعده تجنباً لالتقاط العدوى.
أما الأعراض التي يمكن التعرض لها نتيجة الإصابة بالتهاب الكبد الفيروسي A فهي التقيؤ وارتفاع الحرارة والإرهاق.
وما يميزه بشكل خاص هو ميل البشرة إلى الاصفرار نتيجة الإصابة باليرقان.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium