النهار

هل يجب أن نتجنب الأشخاص السلبيين في حياتنا؟
كارين اليان
المصدر: االنهار
هل يجب أن نتجنب الأشخاص السلبيين في حياتنا؟
تعبيرية
A+   A-

في ظلّ الضغوط الكثيرة في حياتنا، نبحث في أغلب الأحيان عن مصادر الإيجابية أينما وجدناها، ونحاول تجنّب الأشخاص السلبيّين البعيدين كلّ البعد من الإيجابية، وقد يبدو تجنّبهم هو الحلّ الأنسب للحدّ من أثرهم الذي يتركونه في دواخلنا.

فمَن هُم هؤلاء الأشخاص الذين يُمكن أن نصنّفهم فعلاً بالسلبيّين؟ وهل هناك وسائل أخرى للتعامل معهم من دون الاضطرار إلى تجنّبهم، خصوصاً إذا كانوا من المقرّبين، كما قد يحصل أحياناً؟

من هم الأشخاص الذين يتّسمون بالسلبيّة؟

بالدرجة الأولى، تشدّد الاختصاصيّة في علم النفس "شارلوت خليل" على أهميّة تحديد الأشخاص السلبيّين ليكون التعامل معهم أكثر سهولة. فثمّة مواصفات محدّدة لديهم لا بدّ من معرفتها:

- هم يَشكُون باستمرار، ويتذمّرون من مختلف الأمور بما في ذلك تلك الجميلة أو الإيجابية، بل يفتّشون عن تفاصيل سلبيّة فيها.

- تبدو أخبار هؤلاء الأشخاص وأحاديثهم بمجملها سلبيّة، وإذا مرّ خبرٌ إيجابيّ بحثوا له عن تفصيلٍ سلبيٍّ، ليصل بهم المطاف إلى تبديد الطاقة الإيجابيّة التي لدى المُحيطين، علماً بأنّ السلبيّة هي عادةً مُعدية، وفق "خليل".

مع الإشارة إلى أن كلّاً منّا قد يتذكّر أحياناً أموراً سلبيّة في حياتنا، لكنّنا نتخطّى الموضوع عادةً، وتقتصر الحالة على فترة بسيطة من الانزعاج.

  • يشعر الأشخاص السلبيّون بأنّهم ضحايا، وتلاحظ لديهم حساسية زائدة، إذ يشعرون بأن كلّ تعليق موجّه ضدهم.

 

هل من الأفضل تجنّب الأشخاص السلبيّين واستبعادهم من حياتنا؟

قد يكون من السّهل وضع حدود لبعض الأشخاص، إذا لم يكن بيننا وبينهم روابط قربى، إنّما قد يكون ذلك أكثر صعوبة مع الأقرباء.

 في الواقع، لا بدّ من التّذكير بأنّه من حقّ كلّ منّا أن يحمي نفسه ولسنا مرغمين على تقبّل كلّ شيء.

لذلك تنصح "خليل" بوضع حدودٍ عند الشعور بأنّ سلبيّة البعض بدأت بالتأثير علينا، وذلك من دون الشّعور بالذنب، خصوصاً في الأوقات الصعبة التي نمرّ بها، ونحتاج إلى كلّ الطاقة اللازمة لتخطّيها؛ فمن الممكن مثلاً الحدّ من اللقاءات مع الشخص السلبيّ ومن التواصل معه، بالإضافة إلى تذكير الذات بضرورة وضع مسافة داخليّة وحدوداً لنحمي أنفسنا.

قد يكون ممكناً أحياناً مساعدة الشخص السلبيّ والتعاطف معه وتشجيعه واقتراح الحلول لمشكلاته، لكنّ من الضروريّ أن ندرك الوقت المناسب للتوقّف عند الشعور بأنّ الطريق مسدودة. فعندما نعجز عن إحداث تغيير، أو عن تقديم المساعدة، فواجبنا التوقف قبل استنفاد طاقتنا، وقبل أن تتحوّل مشكلات الشخص السلبيّ لتكون مشكلاتنا الشخصيّة.

أما إذا كان الشخص السلبيّ من المقرّبين، فمن الضروريّ أن نحدّد له ما يزعجنا، وأن نوضح له أن السلبية التي لديه تزعج. فالحوار يعتبر الوسيلة الفضلى هنا للوصول إلى نتيجة من دون اتهامات وأحكام مسبقة.

وتُشدّد خليل على عدم التهاون في معالجة الأمور، خشية الوصول إلى مرحلة استنزاف الطاقة الذاتيّة وفقدان القدرة على السيطرة على النفس، عندما لا يعود من السّهل التحكّم بردّات الفعل؛ فمن المهمّ التعاطف مع الآخر وتفهّمه، لكن في المقابل يجب أيضاً حماية الذات. فعلى سبيل المثال: يُمكن مساعدة الشخص السلبيّ بتوجيهه إلى اختصاصيّ لمساعدته، مع ضرورة التوضيح بأنّ لسلبيّة هؤلاء الأشخاص أسباباً، وأنّ هذه السلبيّة التي لديهم تؤثر فيهم بالدرجة الأولى. لكن يجب أن يطلبوا هم المساعدة، وأن يحاولوا بذل جهود لتخطّي هذه الحالة، وليس على المحيطين بهم التحمّل.

ولا بدّ من التذكير بأنّنا في حياتنا يحصل التعارف بيننا وبين كثيرين، ونتواصل مع كثيرين على اختلاف شخصيّاتهم، إنّما يجب البدء دائماً بالتعاطف مع الذات، وبالاستماع إلى الذات، لتحديد ردّات أفعالنا في مواقف مختلفة لدى التواصل مع مختلف الأشخاص والتعرض لتأثيراتهم. وعلينا أيضاً أن نحرص على أن نُحيط أنفسنا بأشخاص إيجابيين قدر الإمكان لما يُمكن أن تتركه السلبيّة من أثر فينا.

اقرأ في النهار Premium