النهار

قتلها الفقر والسرطان... سلوى الحايك ضحيّة جديدة للأزمة
المصدر: "النهار"
قتلها الفقر والسرطان... سلوى الحايك ضحيّة جديدة للأزمة
مرضى في مستشفى الحريري (أرشيفية، نبيل اسماعيل).
A+   A-
لم تكُن السيدة سلوى الحايك (55 عاماً) تتوقع أن تستجدي حبّة دوائها لمحاربة السرطان الذي أصابَ ثديها، قبل أن ينتشر في عظامها؛ وذلك بعد أن كان دعاؤها أن يستر الله فقرها بالعافية، وهي التي تناضل منذ سنين طويلة لتأمين قوتها اليوميّ، إلا أنها وجدت نفسها وحيدة في وجه المرض والفقر.
 
هذه السيّدة المتواضعة، التي كانت تعمل في تنظيف البيوت لتعيش، غدرها السرطان منذ نحو 8 أشهر ليزيد من ثقل الهموم وتعب الحياة، إذ لم يكن بمقدور سلمى تأمين أبسط المصاريف لإجراء الفحوص الطبية، وكانت بحاجة إلى من يقف بجانبها لتجتاز هذه المرحلة الصّعبة التي انتهت بمأساة كبيرة.
 
لم يسمع أحد بسلوى إحدى مرضى السرطان الذين يبلغون المئات، ويعجزون عن تأمين المال للعلاج. لم يعرف كثيرون بوفاتها، لأنها تعيش في منطقة القبّة التي ينهشها الفقر، بالرغم من وجود 8 نواب في منطقة الشمال. لكن سلوى مواطنة عادية، توفّيت لأنّ الفقر كان أقوى من السرطان، فاستشريا في جسدها وفتكا بها.
 
يتحدّث علي قرحاني، الذي تابع قصتها، لـ"النهار"، فيؤكّد أن "سلوى اكتشفت إصابتها بسرطان الثدي منذ نحو 8 أشهر. لم يكن لديها ثمن تكاليف الخزعة والفحوص الطبيّة. وبعد مساعدات من فاعلي الخير، تمكّنت من إجراء الفحوص ودخول المستشفى. لكن حالتها ساءت بعد أشهر، وتبيّن لاحقاً أن السرطان انتقل من الثدي إلى يدها، حيث انتشر في عظامها وكانت تحتاج إلى جراحة مستعجلة".
 
من مراسم تشييع الفقيدة. 
 
لم يكن بوسع سلوى تأمين المبلغ المطلوب نتيجة وضعها المعيشيّ الهشّ، وكانت تكلفة الجراحة نحو 600 دولار و28 مليون ليرة لبنانية.
وبعد إعداد تقرير مصوّر بهدف تأمين المبلغ المطلوب، وبعد دخول سلوى إلى المستشفى، صارحها الطبيب بأنه لم يعد بمقدوره إجراء العملية، لأن العظم "فرط" بسبب المرض. لم يكن الوقت لصالح سلوى، وكان التأخير في تأمين المبلغ بمثابة الضربة القاضية لها.
 
اضطر ابنها إلى أن يبيع سيارته لدفع تكاليف المستشفى، بعد أن اضطرت سلوى إلى دخوله لتلقّي العلاج، قبل أن تعرف أنها ستحرم من الجراحة لأنها تأخّرت في تأمين المبلغ المطلوب.
 
صعوبة الحالة فرضت استبدال الجراحة بعلاج دوائيّ، فوصف لها الطبيب بعض الأدوية الخاصّة للتخفيف من الأعراض، لكننا "لم نتمكّن من تأمين تلك الأدوية بسبب تكلفتها العالية (1100 دولار)، ونجحنا فقط في تأمين نصف ظرف من أدويتها الكثيرة، بالإضافة إلى المورفين للتخفيف من آلامها. لكن حالتها ساءت لأنها لم تكن تملك ثمن أدويتها في ظلّ انتشار متواصل للخبيث في جسدها"، يؤكّد قرحاني.
 
أول من أمس، لفظت سلوى أنفاسها الأخيرة في المستشفى، لأن الفقر والمرض كانا أقوى منها، فحالتها الاقتصادية التعيسة حرمتها من حقّ العلاج، والسرطان لم يُمهلها الوقت فسرقها سريعاً.
 
توفيت سلوى فيما هناك مئات المرضى الذين قد يواجهون المصير نفسه في حال لم تتمّ مساعدتهم على تأمين الأدوية السرطانيّة.
 
وبينما يحاول وزير الصحة تتبع الأدوية تفادياً لتهريبها وضمان حقّ وصولها إلى المريض، حذّر رئيس لجنة الصحة النائب بلال عبدالله، في تصريح له بالأمس، من أن "هناك من يفكّر في رفع الدعم عن أدوية السرطان والأدوية المستعصية"، مشدّداً على أن "هذا الكلام مرفوض"، ومؤكّداً أن "وزير الصحة يشاطرنا الرأي"، بالرغم من اقتناعه بأن "هذا الكلام بدأ يأخذ طابعاً جدّياً. فثمة 30 ألف مريض سرطان يعانون اليوم من الأموال المرصودة التي لا تكفي لذلك".
 
وتمنّى عبد الله "على المؤسسات الاستشفائية والأطباء، خاصة أنّنا لسنا في بحبوحة، أن يأخذوا هذا الموضوع في الاعتبار، والعمل على عدم حرمان المريض اللبناني من الاستشفاء".
 
وأكد "أننا سننزل مع عائلات هؤلاء المرضى إلى الشارع، لتأتي الدولة وتقول لم أعد أتمكّن من تغطية أدوية الأمراض السرطانية"، مشدّداً على تحذيره بل رفضه "أن يقضى على مريض السرطان والأدوية المستعصية بالموت"، داعياً إلى "وجوب إبقاء الدعم على 1500 ليرة إلى حين إطلاق خطة التعافي الاقتصادي، وإيجاد حلّ؛ وعلينا أن نوقف التسرّب والتهريب، ولكن أن نتحجّج للذهاب إلى رفع الدعم فهذا غير مقبول".
 

الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium