من الطفولة إلى سنوات المراهقة ومنتصف العمر والشيخوخة، يزداد خطر الوفاة للفتيان والرجال أكثر منه لدى الفتيات والنساء، وفق تقرير لصحيفة "
واشنطن بوست" تحدث عن "الأزمة الصامتة" التي يعاني منها الرجال.
والنتيجة فجوة متزايدة في العمر المتوقع بين الرجال والنساء.
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، بلغ متوسط العمر المتوقع 79.1 عاما للنساء و73.2 عاما للرجال في عام 2021. وهذا الفرق البالغ 5.9 سنوات يمثل أكبر فجوة بين الجنسين في ربع قرن.
وتعد فجوة العمر ظاهرة عالمية، لكن الفروق بين الجنسين، والبيانات المتعلقة بالأعمار الأكثر عرضة للخطر تختلف في جميع أنحاء العالم، وتتأثر بالمعايير الثقافية والعوامل الجيوسياسية مثل الحرب وتغير المناخ والفقر.
وتشير بيانات "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" في وزارة الصحة الأميركية إلى أن الرجال في الولايات المتحدة أكثر عرضة لخطر الوفاة من كوفيد من النساء، وكذلك يرتفع معدل وفيات السرطان بين الرجال، ومعدلات الوفيات للفتيان والمراهقين تفوق بكثير معدلات الوفيات للفتيات، ومعدلات انتحار الرجال أعلى أربع مرات أكثر من النساء، وحتى في حوادث السيارات كان 72% من جميع ضحاياها من الذكور.
وتقول "واشنطن بوست" إن الأسباب الكامنة وراء الفجوة بين عمر الرجال والنساء غير مفهومة، لكن يبدو أن العوامل البيولوجية تلعب دورا قويا.
وعلى سبيل المثال، قد تكون المستويات المرتفعة من هرمون التستوستيرون لدى الرجال، التي يمكن أن تضعف الاستجابة المناعية، عاملا في سبب تعرض الرجال بشكل عام للعدوى الطفيلية.
وقد يكون الإستروجين وراء انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب لدى النساء.
وهناك أيضا التحيزات الثقافية بشأن الذكورة، التي تدفع الأطفال الذكور والرجال إلى إخفاء مشاعرهم وعدم الشكوى وهو ما يؤثر على صحتهم.
وقالت ماريان ليغاتو، الطبيبة ومؤسسة مؤسسة الطب النوعي في نيويورك: "الرجال مبرمجون اجتماعيا على عدم الشكوى".
وتتوقع المجتمعات من الرجال إظهار القدرة على التحمل، لذلك يتأخرون في الحصول على الرعاية الصحية من أمراض مثل السكري وأمراض القلب، ويتم تشخيصهم بالأمراض بوقت متأخر ما يسبب ضررا أكبر.
والرجال لا يزورون الأطباء بنفس معدل النساء. وتشير بيانات "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" إلى أن معدل زيارة النساء للطبيب، في عام 2018، كان أعلى بنسبة 40% تقريبا.
وحتى مع استبعاد زيارات الأطباء لمتابعة الحمل، تشير الأبحاث إلى أن احتمال قيام النساء بالفحوصات السنوية المنتظمة واستخدام الخدمات الوقائية يزيد بمقدار الضعف عن الرجال.
ويقول الأطباء إن الرجال يزورون الأطباء غالبا لتعرضهم لإصابات رياضية، أو من أجل الحصول على المنشطات الجنسية، وهو ما يدفع السلطات إلى تشجيع الأطباء الرياضيين وأطباء المسالك البولية على استغلال تلك الزيارات لفحص ضغط الدم والكوليسترول ومؤشرات الصحة العامة الأخرى.
ومن المعروف أيضا أن الرجال يمارسون سلوكيات أكثر خطورة بمعدل أعلى، مثل تعاطي المخدرات والكحول والتدخين والقيادة المتهورة، وهو ما يزيد فرص تعرضهم للوفاة.
ويقول المدافعون عن صحة الرجال إن أحد أكبر العوامل هو الافتقار إلى المؤسسات التي تدعم إجراء أبحاث تركز بشكل خاص على صحة الرجال.