النهار

الدكتورة نانسي فياض تحصد جائزة لوريال – اليونسكو "من أجل المرأة في العلم": فضولي يحملني إلى عالم آخر
ليلي جرجس
المصدر: "النهار"
الدكتورة نانسي فياض تحصد جائزة لوريال – اليونسكو "من أجل المرأة في العلم": فضولي يحملني إلى عالم آخر
الدكتورة نانسي فياض.
A+   A-
رغم ظروف لبنان الصعبة والتحديات الكبيرة التي تتوالى مع اشتداد الأزمات، يبقى الأمل موجوداً في التفاصيل الصغيرة، في الإنجازات العلمية التي تؤكد يوماً بعد يوم أن هذا الوطن الصغير يحضن مواهب وطاقات كبيرة تستحق تسليط الضوء عليها.
 
الإرادة قادرة على إحداث تغيير حقيقي، هذا ما يظهره الشباب اليوم، يؤمنون بهذا البلد برغم كل شيء، لديهم طموحاتهم وأحلامهم، ومعهم قد يتحقق ما نتمسك به من أن "الغد سيكون أفضل"، وأننا قادرون على رفع اسم لبنان والنهوض به.
 
تتمسك الدكتورة نانسي فياض (ابنة الـ29 عاماً) بحلمها كما تتمسك بأدواتها المخبرية التي تُمكّنها من الغوص أكثر في علم الأحياء الدقيقة، غارقة في هذا المجال بكل شغف والتزام، تعرف أن الطريق طويلة وشائكة خصوصاً في بلد يمرّ بظروف صعبة مثل لبنان، ومع ذلك تؤمن أنها ستصل إلى ما تصبو إليه وأن بحثها سيكون ثمرة هذا الجهد الكبير، لأنها تعرف قدرة العلم على إحداث التغييرات وصنع المعجزات.
 
 
الدكتورة نانسي فياض واحدة من 3 لبنانيات متميزات نجحنَ في الفوز بجوائز لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة في العلم"، مواهب أثبتت جدارتها وتميزها وقدرتها في مجال العلوم، واليوم سيكون لنا محطة معها للحديث أكثر عن أهمية هذه الجائزة وتفاصيل بحثها وأحلامها.
 
تعترف فياض في حديثها لـ"النهار" أن هذه الجائزة كانت بمثابة دافع قوي لاستكمال ما بدأته، فهي "أعطتني ثقة بالنفس للحلم أكثر وعدم الخوف من المواصلة حتى النهاية. إن مكافأة هذه المواهب الشابة في بداية مسيرتها المهنية تحثنا على مواصلة المعركة وعدم الاستسلام، خصوصاً أنه في علم الأحياء والعلوم قد لا تصل دائماً إلى نتائج واضحة في البحث وقد تذهب كل جهودك وتعبك سدى، لذلك تُشكّل هذه الالتفاتة دافعاً للمواصلة والمثابرة الدائمة".
 
تعرف فياض تماماً أن دعم الأهل كان محفزاً إضافياً لتتويج بداية مسيرتها بهذه الجائزة، برأيها أن "دعم والديّ وتشجيعي على مواصلة ما أحبه ساعدني في تكريس ساعات النهار الطويلة على إثبات نظرياتي العلمية ومقاربتها من زوايا مختلفة. وكان يكفيني أن أرى فرحة والديّ ومدى فخرهما حتى أتابع وأحارب حتى النهاية، لقد علماني أن أبحث دوماً عن مخرج وأن أنظر دائماً إلى الضوء في آخر النفق أو الانتقال إلى طورحات أخرى في حال فشلت في إثبات نظرية معينة، فالمهم أن لا أتوقف عن المحاولة".
 
 
في العام 2021، دخلت فياض إلى الجامعة اللبنانية الأميركية في مرحلة ما بعد الدكتوراه، وكانت تعمل على سلالات الكورونا في لبنان والتركيز على الجوانب الجينومية لسلالات وتطورها في لبنان. وانطلاقاً من هذا الواقع، قررت الغوص أكثر في الجهاز التنفسي في ظل تزايد الأبحاث التي تتناول البكيتريا والفطريات الجيدة الموجودة في الجهاز التنفسي والتي تساعد على محاربة المرض. تشير في حديثها إلى أن " أبحاثاً عديدة صدرت من أوروبا وأميركا وآسيا الشرقية حول هذه النظرية، والتي تناولت قدرة تغيير هذه البكتيريا وتأثرها مع عوامل أخرى مثل الجغرافيا ونمط الحياة. وبسبب غياب أي بيانات أو معلومات في منطقة الشرق الأوسط، قررتُ البدء بهذا البحث لتوثيق البيانات الموجودة في لبنان من خلال دراسة أنواع البكيتريا الموجودة في الجهاز التنفسي التي تساعدنا على محاربة المرض".
 
ساهمت جائزة لوريال في إطلاق البحث. واليوم تعمل فياض على تطوير البحث والمباشرة في أخذ العينات من شرائح مختلفة من اللبنانيين لتطبيق تقنية جينومية معينة لمعرفة أنواع البكتيريا الجيدة الموجودة عند الشعب اللبناني.
 
تعود فياض إلى طفولتها، إلى تلك المرحلة التي اكتشفت فيها فضولها في البحث عن أجوبة لكل شيء ومعرفة السبب وراء كل نتيجة، أتذكر جيداً كيف "كنت أراقب كيفية تكوّن الأشياء، وبدأت أطور هذا الحماس خلال دراستي المدرسية ومن ثم الجامعية من خلال اختياري لمجال الكيمياء الحيوية في جامعة القديس يوسف. خضتُ تجارب عديدة واكتشافات لهذا المجال الكبير ولكنني أعترف أنني عشقتُ علم الأحياء الدقيقة حيث تخرجت بشهادة الماجستير قبل أن استكمل دراسة الدكتوراه في اختصاصيين: البيولوجيا والهندسة البيولوجية".
 
كانت فياض تقضي ساعات وساعات في المختبر، لا تشعر كما تقول "بالوقت عندما تعمل هناك، هذا المكان الذي أنتمي إليه وما زالتُ انجذب إليه بشدة. يدفعني الفضول الدائم إلى اكتشاف المزيد والمزيد، حتى لو لم نصل دائماً إلى نتيجة معينة في البحث وما يترتب عليه من خيبات وجهود تذهب سدى، إلا أن مواصلة الاكتشافات والاصرار على المتابعة كفيل بإزالة كل الصعوبات والتحديات التي تواجه الباحث في مسيرته المهنية والعلمية".
 
 
تتذكر فياض جيداً محاولاتها الحثيثة التي استمرت لمدة عامين في مواصلة بحث لم تصل به إلى نتيجة، وهي حقيقة علمية متوقعة، وبرغم من مشاعر الخيبة والتعب تواصل الحلم والمثابرة، والانتقال إلى خطط بديلة وطروحات أخرى كفيلة في تحقيق ما تصبو إليه، ولقد نجحت بالفعل في انطلاقتها من خلال حصدها جائزة لوريال - اليونسكو "من أجل المرأة في العلم".
 
إلى جانب الصعوبات العلمية التي تواجه الباحث في التوصل إلى نتيجته وإثبات نظريته، تشدد فياض على صعوبات أخرى أبرزها "العائق المادي لتأمين تمويل هذا البحث وما يتطلبه من نفقات ومتابعة مستمرة وطويلة".
 
لدى فياض قناعاتها ومبادئها التي تتمسك بها في حياتها الشخصية كما العملية، حافزها الأول وفق قولها "لا أقبل سماع كلمة لا، سأحقق ما أسعى إليه وسأترجم حلمي إلى حقيقة، سأعمل على إنهاء المشروع الذي بدأته ولن أرضى التوقف. أبحث دائماً عن وسيلة للخروج وبصيص نور للاستمرار في مسيرتي مهما كانت المعوقات والعراقيل".
 
تحلم فياض أن تصبح "أستاذة مساعدة وأن تخطو خطوة إلى الأمام للتحكم أكثر في مشروعها وبحثها وزيادة مسؤولية التعليم أكثر. أطمح للتقدم في مسيرتي المهنية ونقل خبرتي ومعرفتي إلى الطلاب، بالإضافة إلى انجاز بحثي حول الكائنات الدقيقة في الجهاز التنفسي ليكون لدينا بياناتنا الخاصة الكفيلة في ايجاد علاج خاص بسكان لبنان وخصائصه".


الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium