ميشال حلّاق
ليلة قاسية جدّاً عاشتها بلدة ببنين العكارية على وَقع ارتفاع عدد ضحايا مرض الكوليرا إلى 4 وفيات، 3 منهم لبنانيّون، في وقت ارتفع فيه عدد المصابين إلى أكثر من 60 حالة، بعضهم يعالجون في المنازل، والبعض الآخر في مستشفى الدكتور عبدالله الراسي الحكومي، ومستشفى الخير في المنية، والمستسفى الحكومي في طرابلس.
وأمام هذا الواقع، يُناشد الأهالي وزارة الصحة اللبنانية، ومنظمة الصحة العالمية، والـ"يونيسف"، ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تكثيف جهودهم، وإعلان حالة طوارئ صحيّة في ببنين وعكار، ورفع مستوى دعمهم للمستشفيات الحكومية والخاصة لتمكين المصابين من دخولها بشكل سريع.
الصور للزميل حسام شبارو من عكار:
وثمّة دعوات لوزارة الطاقة لتأمين الكهرباء لتشغيل مضخّات المياه وتزويد الأهالي بالمياه النظيفة بدل تلك التي لجأ إليها الأهالي من مصادر معروفة بتلوّثها، خاصّة نبع الفوار في ببنين، وقناة الريّ في النهر البارد.
وثمّة تأكيدات أنّ الأمور في بلدة ببنين قد خرجت عن السيطرة، والبيانات والتصريحات والاكتفاء بإحصاء المصابين أمور لم تعد تغني ولا تُثمن من جوع، فيما الجهات المعنية مطالبة الآن قبل الغد بالخروج من دائرة الانتظار والتحرّك بفاعلية أكبر على الأرض، قبل أن تستنفد طاقات وجهود الكوادر الاستشفائية والطبية والتمريضية؛ فالمستشفى الحكومي في حلبا بات مكتظّاً بالمرضى، وأجنحته وأقسامه، فضلاً عن أسرّة قسم الطوارئ، مشغولة بالكامل.
إلى ذلك، باتت سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر منهمكة أيضاً بنقل المصابين وفق الأولويات والمخاطر، وتوزيعهم على المستشفيات الحكومية وبعض المستشفيات الخاصة، التي تتهيّب حتى الآن استقبال المصابين المشتبه في إصابتهم بالكوليرا، وليس هناك حتى الآن أقسام خاصّة مجهّزة للتعاطي مع هذه الأزمة المستجدّة.
إذن، ببنين ليست بخير، ممّا يعني أنّ محافظة عكار بمجملها ليست بخير، لأنها كبرى بلدات عكار، ويعيش فيها أكثر من 50 ألف شخص بين لبنانيين ونازحين سوريّين.
وتشير المعطيات الى أنّ واقع مخيمات اللجوء في عكار، التي شكّلت بؤراً لانتشار عدوى الكوليرا إلى القرى والبلدات اللبنانية المضيفة، باتت بمثابة قنبلة موقوتة، مع تراجع الوضع المعيشيّ والصحيّ لدى شاغليها إلى أدنى مستوى، مع فقدان مياه الشرب والاستخدام المنزلي وانتشار فوضى الحفر الصحية في داخل هذه المخيمات المتروكة دون تنظيف وتعزيل، مع افتقارها لوسائل وأدوات التنظيف والتعقيم وغياب الإرشادات التوعوية.
كذلك تتكرّر المطالبات بوجه مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والمنظمات الشريكة المسؤولة عن هذه المخيمات، للإسراع في تلبية احتياجات سكانها بسرعة، ذلك أنّ فصل الشتاء على الأبواب، وله همومه ومشكلاته، التي من شأنها مفاقمة هذه الأزمة الصحيّة الحاصلة مع تفشّي مرض الكوليرا.