أحدث خبر الاشتباه في حالتَي فيروس جدري القردة حال هلع في لبنان. تأويلات قابلها نفي من وزارة الصحة، وتحوّل الخبر كرة ثلج تكبر أكثر فأكثر. الأكيد أنّ لبنان ما زال في منأى عن العدوى حتى الساعة، وهذا لا يعني دحض أيّ احتمال في المستقبل من وصوله، خصوصاً أن لا توصيات حول اعتماد أيّ إجراءات خاصّة على المعابر الحدودية.
يؤكّد رئيس اللجنة الوطنية لإدارة لقاح كورونا الدكتور عبد الرحمن البزري لـ"النهار" أنّه لا وجود لأيّ حالة جديّة مشتبه فيها، وإنّما يتخوّف بعض الأطباء من بعض الحالات. ويضيف: "لقد وضعنا اليوم تعريفاً للحالة المشتبه فيها بناءً على تعريف منظمة الصحة العالمية، لتسهيل الكشف على هذه الحالات والإبلاغ عنها أو لتفادي سوء تبليغ مبالغ فيه".
ويتابع: "وبناءً على ذلك، وضعنا كلجنة تعريف الحالة المشتبه فيها وعمّمناها على الأطبّاء مقابل مباشرة وزارة الصحة في ترصّد أيّ حالة مرتقبة. ولكن لا داعي للقلق أو الخوف لأنّ الفيروس لا ينتشر بهذه السهولة كما هي الحال مع فيروس كورونا".
ويوضح البزري أنّ "هذا المرض مستوطن في جنوب أفريقيا، وقد سُجّلت حالات منه في دول أخرى لم تكن سابقاً تُسجّل فيها حالات بجدري القردة، وهي ظاهرة مستغربة بعض الشيء، لأنّنا نعلم أنّ هذه الفيروسات مستوطنة، ولم تسجّل أيّ انتشار خارج إطارها المعتاد. كما أنّه فيروس لا يشهد طفرات أو متحوّرات فيه، لذلك يدرس العلماء اليوم سبب انتشاره وتغيير طبيعية مساره خارج البلد المستوطن فيه، وهل يعود السبب إلى تعرّض الإنسان أكثر للفيروس أم تغيّر الفيروس بنفسه؟".
الشيء الإيجابيّ وفق البرزي أنّ "السلالة المنتشرة تعود إلى السلالة الغرب أفريقية، التي لا تتعدّى نسبة الوفيات فيها 1% مقارنة بالسلالة الأخرى (سلالة الكونغو) التي تُعدّ أشدَّ، وتصل نسبة الوفيات فيها إلى 10%. لذلك، إذا ثبت وجود أيّ حالة في لبنان، توجد مراكز للعزل بالإضافة إلى وجود توصيات عزل للمريض، كما ننتظر تسلّم الاختبارات الأساسية في الأسبوعين المقبلين حتى نتمكّن من إجراء التشخيص، وفي الوقت الراهن سنرسل أيّ حالة مشكوك فيها وتنطبق على حالة التعريف وفق منظمة الصحة العالمية، إلى مختبر "باستور" في فرنسا. لذلك يجب على الطبيب إبلاغ الوزارة حتى تُتابَع الحالات المخالطة وتُعزل".
"معلومات مغلوطة"
من جانبه، أكّد نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفسور شرف أبو شرف عدم وجود حالات جدري القردة حتى الآن في لبنان، نافياً ما ذكره طبيب أدلى بما اعتبره "معلومات مغلوطة". ولفت إلى أنّ النقابة قد حاولت الاتّصال بالطبيب لاستيفاء المعلومات التي نقلها عن الموضوع، لكن "تبيّن أنّه ارتكز فقط على وسائل الإعلام لنشر ما لديه من معلومات".
وأشار أبو شرف إلى أنّ "هذا الطبيب غير مسجّل في النقابة، وبالتالي لا يحقّ له العمل في لبنان"، مطالباً الوسائل الإعلامية جميعها "استضافة الاختصاصيّين الرسميّين من نقابة الأطباء أو من وزارة الصحة العامة فقط للتحدّث عن هذا الموضوع، لأنّ لدى الوزارة المعلومات والمستجدّات المتعلّقة به كافّة. وهي التي يقع على عاتقها نشرها والقيام بالتوعية حول التدابير والإجراءات الوقائية، بالتعاون مع النقابة".
وطلب من الأطباء عدم التحدّث عن الموضوع "إلّا بعد الحصول على إذن مسبق من النقابة، وإلّا سوف يتعرّضون للملاحقة التأديبية".
وشدّد أبو شرف على أنّ "الأشخاص الذين ولدوا قبل العام 1977 قد تلقّوا اللقاح ضدّ الجدري وهم بالتالي محصّنون، وتشمل التدابير الوقائية عدم الاقتراب من المصاب بالدرجة الأولى، إضافة إلى غسل اليدين"، داعياً إلى "عدم الخوف والهلع، لأنّ هذا الجدري يختلف كثيراً عن فيروس كورونا".