النهار

الطفل المعجزة: توقَّع الأطباء أن يعيش يوماً... والآن يحتفل بعامه الأول
المصدر: "النهار"
الطفل المعجزة: توقَّع الأطباء أن يعيش يوماً... والآن يحتفل بعامه الأول
الطفل الذي صارع للبقاء على قيد الحياة بعد ولادة مبكرة جداً.
A+   A-
عندما أنجبت ماري كلير تولي ابنها هيكتور في وقتٍ مبكر جداً، في الأسبوع الـ23 من الحمل، صارحها الأطباء بأن طفلها لن يعيش أكثر من يوم واحد، وكان على ماري كلير - بالتالي - أن تودّع ابنها الذي أنجبته بسرعة، لأنه لم يكن يملك فرصة كبيرة للبقاء على قيد الحياة، وكانت حظوظه في العيش ضئيلة، لولا أن الحكمة الإلهيّة شاءت أن تكون الحكاية بطريقة أخرى.
 
تحدّى هيكتور الصعاب، فتخطّى كلّ التوقعات، وتحتفل اليوم ماري كلير بعامه الأول. إنه "طفل المعجزة" كما يقولون. لم تكن الشهور الـ12 سهلة على العائلة، ولكنها كانت بالنسبة إلى والدته أسعد سنة في حياتها. لقد قضت 259 ليلة في المستشفى بعد مضاعفات الولادة المبكرة، وإنجابها طفلاً خديجاً، وفق ما نشر موقع BBC.
 
يعاني هيكتور من الاستسقاء الدماغي أي تراكم السائل الشوكي في التجاويف (البُطينات) الموجودة في عمق الدماغ، ممّا يعني أن السائل لا يتدفّق إلى الجسم بسبب النزيف الدماغيّ. كذلك يعاني من أمراض الرئة المزمنة، ومن اعتلال الشبكيّة، ومن انقطاع النفس أثناء النوم، فضلاً عن وضع أنبوب للتغذية.
 
تشرح والدته ماري كلير (41 عاماً) بأنّ حالته نادرة جداً، بالنظر إلى أنّه يعاني من مضاعفات أخرى نتيجة الولادة المبكرة، كما أنّ التحويلة في داخل رأسه تستمرّ في الانسداد".
 
 
وُلد هيكتور في 12 تشرين الثاني في العام 2021 في ظلّ القيود الصحيّة المشدّدة، وبقي معزولاً إلى أن جاءت نتيجة اختباره سلبيّة من فيروس كورونا. والأصعب كان حرمان والديه (ماري كلير وزوجها أنجوس) من رؤيته خلال الأربعين ساعة الأولى من حياته. كان الفريق الطبيّ يُرسل للوالدين صورة ابنهما بشكل يوميّ، وهو يكافح من أجل الحياة.
 
تقول ماري كلير لـBBC "شاهدتُه بعد ولادته مباشرة، وأعطيته قبلة، ثم تمّت تغطيته بالبلاستيك لإبقائه دافئاً، ونُقل بسرعة إلى قسم الإنعاش. كنتُ مدمّرة لعدم رؤيتي له أكثر واحتضانه. شعرتُ بالحزن لأننا لن نتمكّن من البقاء معه في تلك اللحظات الصعبة. لكن بعد يومين، سُمح لنا بزيارة قصيرة لرؤيته، وبعد مرور 5 أيام أصبح بإمكاننا البقاء معه طوال الوقت".
 
صارع هيكتور خلال أيامه الأولى للبقاء على قيد الحياة، وبعد مرور 42 يوماً نزع الأطباء جهاز التنفّس الاصطناعيّ، وقالوا لنا إنه سيعيش. تستعيد ماري كلير تلك اللحظات بالقول "عندما سمعت الطبيب يُبشّرنا بالخبر السعيد أطلقت صرخة من قلبي. يصعب أن أصف شعوري، لكنه كان أعظم شعور في العالم. صحيح أن الطريق أمامنا ما زالت في بدايتها، وأمامنا مسار طويل إلا أن فكرة نجاته كانت الفرحة الكبرى".
 
 
في نيسان 2022، عاد هيكتور إلى منزله للمرة الأولى، بعد 5 أشهر على ولادته. خضع هذا الطفل الصغير إلى 15 عملية جراحية، ونُقل إلى قسم الطوارىء أكثر من 25 مرة، ومع ذلك هو اليوم يحتفل بعامه الأول بالرغم من كلّ الصعوبات. ما زال يذهب بشكل منتظم إلى مستشفى the Royal Hospital for Children and Young People نتيجة المضاعفات والولادة المبكرة التي تسبّبت بمشكلات صحيّة عديدة.
 
قد يُسبّب الضرر الذي أصاب الدماغ الناتج من الاستسقاء الدماغيّ عوارض عديدة، أبرزها الصداع، وأن يبقى مريضاً، مع عدم وضوح الرؤية والصّعوبة في المشي.
 
مع ذلك، تؤكّد والدته "أشعر بأنني أكثر شخص محظوظ، فهو يضفي الكثير من المرح والسعادة. أنا فخورة جداً به، إنه معجزة".
 
في اسكتلندا، يولد نحو 4000 طفل خديج سنوياً، لكن نسبة صغيرة منهم تولد قبل الأسبوع الـ28. صحيح أن التقدّم الطبيّ يساعد على إنقاذ الخُدَّج الذين يولدون في الأسبوع الـ22 إلا أن الإحصاءات تُشير إلى أن 4 من أصل 10 أطفال خدّج يولدون في الأسبوع الـ23 وتُكتب لهم النجاة.
 
 
تتابع ماري كلير "كنّا نحرص على إحاطته بالحبّ والأمل وأن يشعر بأنه محبوب، ورافقتنا صلوات الكثيرين. كنّا نسعى إلى أن نجعل من كلّ يوم بمثابة يوم عظيم له. وكان لدينا عائلة كبيرة من أطباء وممرّضين وعاملين في المستشفى الذين ساعدوا هيكتور على استكمال معركته من أجل الحياة".
 
مرّت العائلة بأيّام صعبة جداً، ولكنّها بفضل العناية الرائعة في المستشفى استطاعت تجاوز كلّ شيء. باختصار إن هيكتور بطل بكلّ ما للكلمة من معنى.
 
 
لقد خسرت ماري كلير وزوجها جنيناً منذ 3 سنوات، لذلك كان الحمل بهيكتور محفوفاً بالمخاطر. وتقول ماري كلير "عندما ذهبت إلى المستشفى نتيجة آلام حادّة، قال لي الطبيب إنني في المخاض. رفضتُ ذلك، وحاولتُ إخفاء آلام المخاض لأنني لم أكن أريد أن يولد في مرحلة مبكرة جداً".
 
أطلع الأطباء ماري كلير على أن هناك فرصة ضيئلة للنجاة في حال الولادة في الأسبوع الـ23 من الحمل. ولا تخفي ماري كلير أنها نظرت إلى ساعتها، وقالت لهم "بعد دقيقة واحدة أي بعد منتصف الليل سأكون قد دخلتُ في الأسبوع الـ23. وبالفعل ولد بعد ساعة و14 دقيقة". لقد فعلها، وصارع من أجل الحياة، وهو يستحقّ ذلك، ونحن محظوظون بوجوده في حياتنا".

اقرأ في النهار Premium