النهار

من التهاب الكبد "أ" إلى الكوليرا: الإهمال واحد!
المصدر: "النهار"
من التهاب الكبد "أ" إلى الكوليرا: الإهمال واحد!
أزمة المياه في لبنان.
A+   A-
منذ أكثر من عام، حذّرت منظمة "اليونيسف" من مخاطر انهيار البنية التحتية للمياه. دقّت ناقوس الخطر خوفاً من الوصول إلى مرحلة لا يحمد عقباها، وجاء انقطاع الكهرباء والأزمة الاقتصادية المتفاقمة ليزيد صعوبة الحصول على مياه آمنة. بدأت المخاطر تزداد أكثر وبات الخطر يهدّد حياة الكثيرين الذين يعيشون في مناطق سكنية مكتظّة وتفتقر إلى المقوّمات الأساسية.
 
التحدّي اليوم في اتّخاذ إجراءات عاجلة وسريعة لاحتواء المرض، لاسيّما عند الأطفال، وهم الأكثر تعرّضًا للإصابة بالكوليرا بنسبة 33 في المئة، وهي الأعلى في الفئات العمريّة. وقد أشارت اليونسيف إلى أنّ "الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية هم الأكثر عرضة للإصابة بمرض الكوليرا الشديد.
 
وما يعزّز انتشار الأمراض في البلدان الأشدّ تضرّراً، ضعف أنظمة المياه والصرف الصحّي، وسوء إدارة المياه، وزيادة الفقر والاعتماد على المياه غير الآمنة، ما يعرّض الناس إلى خطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عبر المياه".
 
عند بداية انتشار الكوليرا، أعاز الكثيرون سبب هذا الوضع الوبائيّ إلى تقلّص المساعدات التي كانت تقدّمها بعض المنظمات الدولية. ولكن ما حقيقة ذلك؟ وكيف تسعى اليونيسف إلى احتواء الكوليرا في لبنان؟ وهل هي متخوّفة من تفشّيها أكثر؟
 
تؤكّد نائبة ممثل اليونيسف في لبنان إيتي هيغينز لـ"النهار" أنّه "منذ تموز 2021، حذّرت منظمة اليونيسف من الوضع المحرج لإمدادات المياه في لبنان وما تحمله من مخاطر صحيّة، خصوصاً عند الفئات الأكثر هشاشة. وقد لعبت أزمة المحروقات دوراً في سرعة تدهور إمدادات وشبكات المياه الأساسية وخدمات الصرف الصحّي، ما أدّى إلى زيادة الخطر على المجتمع، وفرضت على الأسر اتّخاذ قرارات صعبة في شأن احتياجاتهم اليومية من المياه، من ناحية تعقيمها ونظافتها".
 
و"في تموز 2022، أطلقت اليونسيف تحذيراً جديداً، واصفة الوضع "بالسير نحو الهاوية" بسبب سوء حال شبكات المياه في لبنان. وللأسف بدأنا نشهد الآثار السلبية، المترتبة عن تلوّث المياه، على الصحّة، ومخاطر الإصابة بأمراض ناتجة عن هذا التلوّث، بدءاً من ظهور حالات التهاب الكبد -أ- وصولاً إلى الكوليرا".
 
 
 
وتشرح هيغينز أنّه نتيجة "انخفاض التمويل، اتُّخذ قرارٌ جماعيٌّ وبالتنسيق مع قطاع المياه بتقليل كمية المياه المؤمّنة والمخصّصة للمخيمات العشوائية إلى ما بين 7،5 ليترات و20 ليترًا للفرد الواحد في اليوم. هذا القرار بُدِئ تنفيذه في 15 أيلول في معظم المواقع، وفي 1 تشرين الأوّل في منطقة عرسال. ولكن بعد أسبوع، وفور الإعلان عن تسجيل أوّل حالة كوليرا في لبنان، رفعت اليونيسف كمية المياه إلى 35 ليترًا من المياه النظيفة. كما أمّنت مسلتزمات النظافة والمعقّمات في المناطق التي تشهد انتشاراً واسعاً للكوليرا".
 
ومع ذلك، "فهذه الخدمات ستؤدّي حتمًا إلى زيادة التكاليف مرّة أخرى، ولكن لن يكون في مقدور اليونيسف الحفاظ عليها حتى العام 2023، في حين سينتهي التمويل الحالي في كانون الأول 2022 في مسألة نقل المياه إلى المخيمات الموجودة في لبنان، وشفط الحفر الصحية لأكثر من 250 ألف شخص يعيشون في مخيمات النزوح".
 
وتشير هيغينز إلى أنّه "منذ إعلان تفشي الكوليرا في سوريا، تعمل اليونسيف مع وزارة الصحة اللبنانية ومنظمة الصحة العالمية استعداداً لأيّ تفشٍّ محتمل في لبنان في الأسابيع المقبلة. ومن بين هذه الخطوات الأساسية:
 
- شراء إمدادات صحية طارئة، بما في ذلك 150 ألف وحدة أملاح معالجة للجفاف عن طريق الفم (ORS)، و40 حزمة علاج كوليرا لدعم علاج 5 آلاف حالة لأعراض الكوليرا التي تتراوح بين الإسهال المعتدل إلى الإسهال الشديد.
- تخزين مسبق لمواد الكلور الإضافية.
- تطوير أدوات لتوعية الناس حول كيفية الوقاية من الكوليرا.

منذ الإعلان عن تسجيل أوّل حالة كوليرا في لبنان في 6 تشرين الأول 2022، تمّ تشكيل فريق عمل وطنيّ برئاسة وزارة الصحة، بدعم من منظمة اليونيسف والأمم المتحدة للاستجابة والتأهّب واتّخاذ التدابير الوقائية وتقديم العلاج والاستجابة الصحية للأسر والأطفال في لبنان".
 
 
وعليه، و"للحدّ من انتشار الكوليرا، تعمل اليونيسف بشكل أساسيّ على تقديم إمدادات وخدمات الصحة والمياه والنظافة والصرف الصحي المنقذة للحياة إلى المناطق المتضرّرة، لمساعدة العائلات على تحسين ممارسات النظافة". 
 
و"تحاول اليونيسف معالجة الأمور بالحلول السريعة لتفادي انتشار البكتيريا أكثر، فالحلول التي نحتاجها تتطلّب وقتاً طويلًا، ونحن لا نملك ترف الوقت. فكان الحلّ في توزيع 100 ألف ليتر من الوقود على محطّات ضخّ المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي في الشمال والبقاع، أي في المواقع التي سُجّلت فيها حالات كوليرا مؤكّدة ومشتبه بها.
كما تمّ، خلال الأسبوعين الماضيين، توفير أكثر من 15 طنًّا متريًّا من الكلور إلى جميع مؤسسات المياه، وتوزيع أكثر من 4،900 مجموعة نظافة شخصية وتعقيم للمجتمعات الأكثر ضعفاً".
 
ولكن ترى هيغينز أنّ "هذه الحلول السريعة تهدف إلى احتواء المرض، ولقد استجابت اليونيسف بالتعاون مع وزارة الصحة والمنظمات الأخرى بسرعة في محاولة منها للسيطرة على الحالات وضمان عدم تفشّيها في كلّ البلد. ولكن في حال لم تكن أنظمة المياه تعمل بشكل فعّال فنحن أمام خطر تفشّي الكوليرا أكثر".
اليوم تحتاج اليونسيف إلى 29 مليون دولار أميركيّ لتغطية هذه الاستجابة الخاصّة ضدّ الكوليرا في لبنان، ما زال نداؤها غير مموّل حتى الساعة، ويتواصل ارتفاع عدد الحالات الإيجابيّة وتشعّبها في مناطق أخرى. فهل يتكرّر سيناريو كورونا مع الكوليرا؟





الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium