ولدت هذه الطفلة الغزاوية قبل أوانها في الـ7 من تشرين الثاني، ولم يزد وزنها عن 2.75 باوند. أمضت حياتها الصغيرة في حاضنة أطفال في مستشفى ناصر في جنوب قطاع غزة.
كان جناح الأطفال المخصص للاعتناء بها مليءٌ بصرخات الأطفال حديثي الولادة وصفير الآلات الطبية التي تُبقيهم على قيد الحياة وأصوات الضربات الجوية الإسرائيلية القريبة.
أحلام هي واحدة من 180 طفلاً يولدون كل يوم في غزة، وفق منظمة الصحة العالمية. هناك نحو 50 ألف حامل في غزة، هؤلاء الأمهات حملن بأطفالهن في وقت السلم النسبي إلا أنهن يلدن اليوم وسط فوضى الحرب.
تصف اختصاصية الأطفال حديثي الولادة في غزة الدكتورة شيرين عيد الوضع "بالمرعب، لا يوجد إنسانية" في حديثها إلى NBC News.
وتضيف قائلة "نتوقع أن يموت الجميع لأنهم لا يملكون الماء لإعداد الحليب لهم. وليس لديهم كهرباء لتزويدهم بالدفء”.
كادت هند شملخ أن تلد طفلتها تحت الركام. أصلها من غزة، ولكنها اضطرت إلى التوجه جنوباً إلى دير البلح للهروب من القصف والقتال. تقول "كنا نعيش في منزل غريب عندما تمّ تفجيره في غارة إسرائيلية. تمّ انتشالنا مع ابني الصغير من تحت الركام، ونُقلنا إلى ملجأ قريب. وهناك بدأتُ أشعر بألم حادّ".
تبيّن أن هند تعاني من ضغط الدم نتيحة تعرضها للقصف، وقد تسبّب لها هواء القنابل بأضرار كثيرة. اضطر الأطباء أيضاً إلى إجراء ولادة قيصرية في الـ29 من تشرين الأول حيث أعطت الحياة إلى طفلتها شام، التي ولدت وهي تعاني من كسر في رجلها بسبب الغارة الإسرائيلية.
تقول هند في حديثها "أحمد الله أن كلّ شيء مرّ بسلام، ولكن طفلتي جاءت إلى هذا العالم مكسورة".
تعتبر الأمهات كأطفالهن حديثي الولادة في مستشفى ناصر محظوظين نسبياً مقارنة بأولئك الذين يقعون على بعد 14 ميلاً شمالاً في مستشفى الشفاء، المستشفى الرئيسي في قطاع غزة الذي يشهد عمليات قتالية عنيفة في الشوارع المحيطة به.
من جهة ثانية، أعلنت منظمة الصحة العالمية يوم الأحد أنه "لم يعد يعمل كمستشفى" بسبب نقص الكهرباء والمياه الجارية والغذاء. كذلك أوضح مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير أنه لم يتبق الآن سوى مستشفى واحد عامل في شمال غزة.
مع عدم توفر الطاقة اللازمة للحاضنات، لجأ الأطباء إلى لفّ الأطفال الخدّج في مستشفى الشفاء بشكل فردي في بطانيات قبل أن يتمّ تجميعهم معًا في محاولة يائسة لإبقائهم دافئين. وقد توفي ثلاثة على الأقل بالفعل، وفقاً للمستشفى.
ما زال لدى مستشفى ناصر في خان يونس المياه والكهرباء، إلا أن العاملين فيه يؤكدون أنهم يعانون من نقص في الإمدادات الطبية، بالإضافة إلى أعداد المرضى الجدد الذين يصلون إلى المستشفى بعد هربهم من مدينة غزة.
من جهته، يوضح الاختصاصي في التوليد الطبيب ماهر الخميس سيروانة أن فريقه يقوم بتوليد ضعف ما كان سابقاً، حيث سًجّلت ولادة 800 طفل في المستشفى منذ الـ7 من تشرين الأول. علماً أنه في الأيام العادية كانت الولادات لا تتخطى الـ400 في الشهر.
ويشير الخبراء إلى أن المستويات المرتفعة من التوتر أثناء الحمل يمكن أن تؤدي إلى حالات طبية خطرة مثل ارتفاع ضغط الدم والولادة المبكرة.
ويؤكد سيروانة أن "هذه الحرب تسببت بالعديد من الحالات إلى أن تلد النساء فيها قبل أوانها، أي في الشهر السابع أو الثامن من الحمل. والأصعب أنه ليس لدينا غرف كافية، لأنه ببساطة ليس لدينا ما يكفي من الأوكسجين".
رازان غزالي وطفلتها المولودة حديثاً إلى جانبها.
اضطرت رازان غزالي إلى أن تمشي أميالاً طويلة للهرب من مدينة غزة. تقول "لقد رأيت الدبابات الإسرائيلية. كنت مرعوبة ومتعبة. وأدّى ذلك إلى إنجاب طفلتي قبل أوانها. ومع ذلك، أشكر الله أنني وطفلتي بصحة جيّدة".
وتضيف: "كنت متحمّسة جداً لإنجاب طفلتي الأولى، واشتريت لها الكثير من الملابس. ولكنني اضطررت لترك كل شيء والهرب مع عائلتي. اليوم كلّ ما يهمّني هو تأمين الطعام والدفء لها".