في خطوة جديدة نحو عالم الانجازات الطبية، وبرغم من الأزمات التي تعصف في لبنان والصعوبات التي تقف حاجزاً عن تحقيق بعض الأحلام والنجاحات، إلا أن الأمل يبقى موجوداً في القطاع الصحي بأطبائه الذين يواصلون طبع بصماتهم في عالم الطب والجراحة.
في الجامعة الأميركية في بيروت موعد آخر مع انجاز جديد هو الأول من نوعه في لبنان والمنطقة يتمثل بإجراء طبي لإعادة بناء الصمام ثلاثي الشُرف عبر القسطرة (TriClip)، والتي تعتبر خطوة مهمة وباردة في برنامج امراض القلب الهيكلية.
ويُشكّل هذا الإجراء الطبي تقدماً رائداً في مجال الإجراءات التداخلية لأمراض القلب الهيكلية وخياراً علاجياً منخفض الخطورة عبر تقنيات طفيفة التوغل، وعلاج غير جراحي للمرضى الذين يعانون من أعراض قلس الصمام ثلاثي الشُرَف (TR) الحادة، والمعرضين لخطر كبير في حال خضوعهم لعملية جراحية، والذين لم يحققوا تحسناً بعد تلقي العلاج الطبي وحده.
ونجح الفريق المتخصص في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، بقيادة الدكتور فادي صوايا، مدير برنامج أمراض القلب الهيكلية، والدكتور وليد غرزالدين، مدير مختبر القلب غير الجراحي، في تنفيذ هذا الإجراء الطبي المتطور والأول من نوعه على مستوى المنطقة.
تفاصيل الحالة الطبية
وفي التفاصيل، خضعت سيدة تبلغ من العمر 60 عامًا، تعاني من مرض الصمام التاجي وعدد من الأمراض الأخرى، لأول إجراء لإعادة بناء الصمام ثلاثي الشُرَف عبر القسطرة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت. وكانت هذه السيدة تعاني من حالات دخول متكررة إلى المستشفى بسبب ضيق التنفس عند القيام بأي حد أدنى من المجهود، إلى جانب التورم المستمر في الارجل.
بعد التشخيص الأخير لإصابتها بمرض قلس الصمام ثلاثي الشُرَف الحاد (TR)، تم إعطاء المريضة نظامًا دوائيًا، من دون تسجيل تحسن كبير على مستوى الأعراض. وبعد تقييم دقيق، تقرر تنفيذ هذا الإجراء الطبي لها والذي سيساهم في تعزيز نوعية حياتها بشكلٍ كبير. وبالتالي، شرع الفريق المختص في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت الى تحضير المريضة للخضوع لهذا الإجراء ذات التكنولوجيا المتطورة. وتأتي هذه الخطوة كرسالة أمل وفرصة جديدة للمرضى الذين يعانون من أمراض القلب المماثلة.
يُعتبر قلس الصمام ثلاثي الشُرَف TR الحاد، سواء مع أعراض أو بدونها، بمثابة إنذار بضعف احتمالية البقاء على قيد الحياة إذا لم يتلق المريض العلاج المناسب.
ويتميز العلاج الطبي، الذي يتكوّن في الغالب من الأدوية المدرة للبول، بفعالية محدودة. ويشكّل إجراء إعادة بناء الصمام ثلاثي الشُرَف عبر القسطرة، البديل الجديد للعلاج الطبي والجراحة للتعامل مع المرضى الذين يعانون من أعراض قلس الصمام ثلاثي الشُرَف الحادة. ويتم وصل الجهاز إلى القلب من خلال الوريد الفخذي في الساق ويعمل عن طريق شبك جزء من منشورات الصمام ثلاثي الشُرَف لخفض تدفق الدم.
ويَعِد هذا النهج المبتكر بتحسين النتائج وتعزيز نوعية الحياة للمرضى الذين واجهوا سابقًا خيارات محدودة لمعالجة حالتهم. ومن خلال تقديم حل علاجي غير جراحي، يواصل المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت بتقديم رعاية شاملة للأفراد الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية، الأمر الذي يساهم في تعزيز مكانته كمركز رائد في مجال الإجراءات التداخلية لأمراض القلب المتقدمة في المنطقة.
الدكتور فادي صوايا.
رسالة أمل
وفي هذا الصدد، أكد الدكتور فادي صوايا أن " هذا الإجراء الطبي يعتبر بمثابة رسالة أمل للمرضى الذين يعانون من مرض قلس الصمام ثلاثي الشُرَف الحاد، والذين لا يمكنهم الخضوع للتدخل الجراحي نظراً لخطورته على حياتهم. ويحقق هذا الإجراء نتائج تفوق نتائج العلاج الطبي وحده. والأهم من ذلك، تأثيره الإيجابي الكبير على نوعية حياة المرضى. نحن فخورون جدًا بهذا النجاح الجديد للمركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على مستوى تحقيق الريادة في مجال رعاية المرضى".
ورأى أن إنجاز أول إجراء طبي لإعادة بناء الصمام ثلاثي الشُرَف عبر القسطرة في لبنان ودول المنطقة في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت، يمثل قفزة نوعية في مجال الإجراءات التداخلية لأمراض القلب الهيكلية. كذلك يعتبر هذا الإجراء الطبي دلالة واضحة على القدرات الاستثنائية وتفاني أطباء المركز والمتخصصين في الرعاية الصحية".