ترافق ظهور مرض "جدري القردة" وانتشاره في عددٍ من البلدان مع تداول أفكار خاطئة بشأنه، خصوصاً أنّه تمّ الربط بينه وبين فيروس كورونا، بالنّظر إلى أنّ المرض ظهر في الفترة التي شهدنا فيها تراجعاً ملحوظاً في معدّلات انتشار فيروس كورونا في العالم.
لذلك، لا بدّ من التحذير من هذه الأفكار الخاطئة، التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منذ بداية ظهور مرض "جدري القردة"، وفق ما نُشر في Doctissimo.
أولاً: جدري القردة ليس الجدري المعروف سابقاً
ثمّة التباس واضح اليوم ما بين مرضين هما في الواقع مختلفان تماماً: الجدري وجدري القردة. فالجدري من الأمراض المعدية جداً والمسبّبة للوفيات، وقد تمّ التخلص منه في سبعينيّات القرن الماضي. وقد توقفت حملات التلقيح ضدّ الجدري في فرنسا في العام 1979، بعد أن كان لقاح الجدري من اللقاحات الإلزامية.
ومنذ بداية ظهور جدري القردة، ربط كثيرون ما بين جدري القردة والجدري الأوّل، ثم تمّ المزج بينهما.
في الواقع، النقاط المشتركة بين المرضين قليلة جداً. أمّا اسم "جدري القردة" فسببه أن المرض يُسبّب طفحاً جلديّاً، إلا أنّه لا يزيد خطورة عن الحصبة. وبالتالي، ما من داع للقلق حول ظهور إصابات في بعض دول العالم.
ثانياً: ظهور إصابات بـ"جدري القردة" لن يستدعي فرض الحجر
ثمّة خوف واضح في العالم من فرض الحجر مع ظهور إصابات بـ"جدري القردة" فيما النّاس عادوا يتنفّسون الصعداء مع تراجع معدّلات الإصابة بفيروس كورونا. في الواقع، ليست هناك أيّ دعوة إلى فرض الحجر من قبل أيّة جهة صحيّة رسميّة؛ فحتى اللحظة، ما من سبب يدعو إلى ذلك، خصوصاَ أن عدد الإصابات ليس كافياً للدّعوة إلى فرض الحجر.
يُضاف إلى ذلك أن جدري القردة ليس مرضاً يؤدّي إلى وفيات، وبالتالي ما من مبرّر لفرض الحجر المنزلي، كما حصل عند انتشار وباء كورونا. ولا بدّ من الإشارة أيضاً إلى أنّه لا علاقة لفيروس جدري القردة بفيروس كورونا.
فعندما فُرض الحجر مع انتشار وباء كورونا، كان هناك تخوّف من ازدياد الضغوط على النظام الصحي، وهذا لا ينطبق على ما يحصل مع ظهور إصابات بجدري القردة. حتى أنّ وجود هذا المرض لا يستدعي البدء بحملات تلقيح، ولا مبرّر لذلك حتى، وفق ما يؤكد الأطباء.
ثالثاً: لم يتم تصنيع فيروس جدري القردة في المختبرات
يتمّ التداول حالياً بأخبار حول تصنيع محتمل لفيروس جدري القدرة في المختبرات عن عمد لاستخدامه كسلاح بيولوجيّ. في الواقع، وبالاستناد إلى التسلسل الجيني، يبدو واضحاً أن أساس الفيروس وسلالة جدري القردة، الذي ظهر أولاً في أفريقيا الجنوبية، لم يتمّ تصنيع شيء من ذلك في المختبرات. فهو ليس من الفيروسات المستجدة، بل ظهرت حالات منه سابقاً.
أما في حال ظهور حالات من الجدري الذي تمّ التخلّص منه في السبعينيّات فقد يكون من الممكن التحدّث عن تسرّب من المختبرات أو عن تصنيع لسلاح بيولوجيّ متعمد.
رابعاً: لم يتمّ التخطيط للوباء
يكثر التداول عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنّه تمّ التخطيط للوباء، ويوجّه البعض أصابع الاتهام نحو بيل غيتس بالنظر إلى تحذيره من وباء جديد في المستقبل. من المؤكّد أنه لا أساس لهذا الخبر من الصحة، خصوصاً أن فيروس جدري القدرة ليس مستجدّاً بل سبق ظهوره في مرحلة سابقة.