النهار

هل تُعتمد علاجات سيماغلوتايد مدى الحياة لمكافحة السمنة؟
كارين اليان
المصدر: "النهار"
هل تُعتمد علاجات سيماغلوتايد مدى الحياة لمكافحة السمنة؟
علاجات سيماغلوتايد.
A+   A-
على الرغم من أن أوزمبيك ومنجارو وويغوفي وغيرها من علاجات سيماغلوتايد وجدت اولاً كعلاجات للسكري وحازت على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على هذا الأساس، سرعان ما تحوّلت إلى إحدى الحلول "السحرية"، كما يصفها البعض، لإنقاص الوزن.
 بدا وكأن النتائج الواعدة التي حققتها في هذا المجال جعلتها تتربع على عرش الوسائل العلاجية لخفض الوزن. على الرغم من ذلك، بقي الجدل حولها قائماً ما بين مدافعين عنها ومشيدين بفاعليتها لإنقاص الوزن، ومهاجمين لها نظراً لآثار جانبية معينة ظهرت ولا يمكن الاستهانة بها.هذا ما أدى إلى استمرار التساؤلات والشكوك بشأنها، خصوصاً في ظل طرح جديد يتم التداول فيه بشأن تناولها للمدى الطويل كعلاج لمرض السمنة التي تعتبر من الأمراض المزمنة، تماماً كالسكري وأمراض القلب التي تتطلب اتباع علاجات لمدى الحياة.
 
فاعلية عالية ولكن...
 
يشدد رئيس قسم أمراض الغدد الصم والسكري في المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية -مستشفى رزق الدكتور كمال حربلي على ضرورة إجراء عدد من الفحوص قبل اللجوء إلى أي من هذه العلاجات نظراً لاحتمال الإصابة بمشكلات صحية معينة في حال تناولها ويبدو الالتهاب الحاد في الكبد ونوع معين من سرطان الغدة الدرقية الأبرز بين هذه المشكلات التي يمكن التعرض لها. وقبل اللجوء إليها، لا بد من التأكد ما إذا كان المريض قد تعرض سابقاً إلى التهاب في البنكرياس لأن ذلك يشكل عائقاً ويمنع اتباع هذا العلاج. هذا، إضافة إلى فحوص الكبد التي تعتبر ضرورية قبل اتباع هذه العلاجات أو أي علاج آخر. 
أيضاً، على من يلجأ إلى هذه العلاجات أن يدرك أن اضطرابات الجهاز الهضمي تعتبر الأكثر شيوعاً بين الآثار الجانبية الناتجة عنها وأبرزها:
-الغثيان
-التقيؤ
-إحساس بمذاق مزعج في الفم
-الإسهال
 
لكن، يمكن الحد من هذه الآثار الجانبية عبر اتباع نظام غذائي معيّن والحد من تناول الدهون. كما أن تناولها وفق بروتوكول معيّن يقضي بالانتقال تدريجاً من جرعة إلى أخرى  شهرياً من العناصر التي تساعد على الحد من الآثار الجانبية. ويفضل حربلي عدم تخطي جرعة معينة تجنباً للآثار الجانبية الزائدة التي يمكن أن يتعرض لها المريض طالما أنه يستفيد، وإن كانت الدراسات تسمح بذلك. أما كل ما يصدر من أخبار تدين هذه العلاجات فلا أساس لها من الصحة، على حد قوله، فالآثار الجانبية معروفة وثمة أشخاص قد يعانون حساسية معينة وتكون ردود الفعل قوية على العلاج ولو بجرعات خفيفة منه، وهي استثناءات. مع الإشارة إلى أن التطور المستمر في هذا المجال سمح بتطويرها بوتيرة سريعة، حتى ظهور أحدث العلاجات والأكثر فاعلية في مواجهة السكري وإنقاص الوزن "مونجارو". وطبياً، هي توصف لمريض سكري يعاني زيادة في الوزن، علماً أن نسبة 80 في المئة من مرضى السكري تعاني زيادة في الوزن، وتظهر هذه الفاعلية  أيضاً بشكل خاص لمن هم عرضة لمشكلات القلب. 
 
علاج دائم لمرض مزمن
 
من المشكلات التي يواجهها معظم من يلجأون إلى هذه الحقن المخفضة للوزن أنهم يستعيدون الكيلوغرامات الزائدة التي تم التخلص منها بمجرد وقف العلاج، فتُفقد النتيجة التي تم التوصل إليها وتعود زيادة الوزن مع كل ما يرافقها من مخاطر. هو واقع لم يتمكن الأطباء حتى اليوم من مواجهته لاعتبار أن النسبة الكبرى من المرضى تستعيد الوزن بعد خسارته لدى وقف العلاج. فما قد يكون الجدوى من اللجوء إليها عندها لفترة محدودة إذا كان من الممكن التوصل إلى نتيجة مشابهة في حال اتباع حمية صارمة أو في حال اللجوء إلى وسائل أخرى تقليدية؟
في الواقع، يميل حربلي إلى البدء باعتماد العلاج للمدى البعيد لاعتبار أن هدفه معالجة السمنة التي تعتبر من الأمراض المزمنة تماماً كالسكري وأمراض القلب والكوليسترول التي توصف لها علاجات بعيدة المدى. فلا يرى مانعاً من الاعتماد على هذه العلاجات للمدى البعيد، خصوصاً بعد أن أصبح  علاج "أوزمبيك" متوافراً منذ فترة بشكل عقاقير بحيث يمكن تناول حبة منها بدلاً من الحقنة ما يجعلها عملية أكثر. حتى أنه تم تصغير حجم هذه الحبة مؤخراً. حالياً، توصف هذه العلاجات لفترات تتخطى السنة ولا موانع تحول دون ذلك، شرط إشراف الطبيب. لذلك، بدأ باعتماد هذه الطريقة مع بعض من مرضاه بشكل محدود. فأياً كانت وسيلة خفض الوزن، من الطبيعي استعادته وتقتصر النسبة التي تحافظ على النتيجة على 5 في المئة بعد وقف العلاج. مع الإشارة إلى أن أثر الحبوب قد يكون أقل إلى حد ما من الحقن لكن الآثار الجانبية هي أقل أيضاً، ويساعده العلاج على تجنب استعادة زيادة الوزن مع أثر مثبت على السكري مشابه لذاك الذي يمكن الحصول عليه بالحقن. لذلك، يمكن الانتقال إليه، لمن بلغ وزناً معيناً بأية وسيلة كانت. إلا أن العلاج الفموي لم يحصل بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الاميركية للاستخدام في حال السمنة وحدها دون الإصابة بالسكري.
 
فاعلية واضحة في الاستخدام المطوّل؟
 
ما أكده الطبيب الاختصاصي في أمراض الغدد الصم والسكري في مركز بلفو الطبي الدكتور جورج الحج أن هذه الأدوية مستخدمة من أكثر من 10 سنوات. وقد استُخدمت أولاً مرة في اليوم ثم مرة في الأسبوع وطالت الخبرة بها، وتم التأكد من فاعليتها في ضبط مستويات السكر وفي خفض الوزن وحماية القلب والكلى لمرضى السكري. 
 
وحالياً، بالفعل، ثمة اتجاه نحو استخدام هذه العلاجات للمدى البعيد في معالجة السمنة كمرض مزمن له تداعيات صحية عديدة. ويتوقع الحج أن يأتي الوقت الذي توصف فيه هذه العلاجات لمدى الحياة لضبط الوزن. فحالياً تركز الدراسات والأبحاث على أن يكون علاج السمنة بعيد المدى كمرض مزمن، تماماً كعلاجات السكري والضغط والكوليسترول التي لا يمكن وقفها في أي وقت من الأوقات. 
 
حتى اللحظة، يُنصح كل من يلجأ إلى هذه العلاجات باعتمادها لفترة طويلة غير محددة، وقد تختلف بين حالة وأخرى. لكن لا ينصح الحج باعتمادها لفترة تقل عن سنة ليعتاد الجسم على نمط الحياة الصحيح والحد من خطر زيادة الوزن. وفي كل الحالات المطلوب إحداث تغييرات معينة في نمط الحياة للاستفادة بشكل افضل من العلاج، خصوصاً أنه من الممكن أن تخف قدرة الدواء على خفض الوزن بعد فترة معينة ويعتبر نمط الحياة في غاية الأهمية للمساهمة في خفض الوزن أكثر.
 
كما أن الدراسات الحديثة تدعو إلى وقف العلاج تدريجاً للحد من خطر استعادة الوزن، بسبب العودة إلى نمط الحياة السابقة واستعادة الشهية. فبما أن هذه من المشكلات التي يواجهها من يلجأ إلى هذه العلاجات، يعتبر هذا من الحلول التي تساعد على تجنبها. أما الآثار الجانبية الأكثر شيوعاً المرتبطة بالجهاز الهضمي من غثيان وتقيؤ فمن المفترض أن تخف مع الوقت، بحسب الحج، وفيما يعتاد الجسم على العلاج. ومن الآثار الجانبية التي يشير إليها، الكسل في وظيفة الأمعاء، وصولاً في حالات قصوى إلى الفشل فيها بسبب العلاج، وهي من الآثار الجانبية التي ظهرت مؤخراً في ظل كثرة استخدام هذه العلاجات، لكنه يبقى نادراً ولا تتخطى 0,1 في المئة نسبة الإصابة به. علماً ان العلاج أصلاً يعتمد على إبطاء هذه الوظيفة لتأمين الشعور بالامتلاء والحد من الأكل لمن يعتمدها. كما يُنصح حالياً بوقف العلاج قبل أسبوع من الخضوع إلى جراحة، وإن كان هناك جدل في هذا المجال.
 
اما بالنسبة للأشخاص الذين لا يتجاوبون مع العلاج فهم موجودون، وقد لا يتمكنون من خفض أوزانهم بالفعل. لكن في كل الحالات، يحذر الحج من اتباع الدواء بطريقة عشوائية، كما يحصل حالياً، لأنه ثمة توصيات حول طرق استخدامه حيث يجب أن يتخطى مؤشر كتلة الجسم ال30 أو 27 في حال وجود مشكلات صحية يمكن أن تؤثر على القلب. ومن المفترض أن تجرى أولاً فحوص معينة مع معرفة تامة بالسجل الصحي للمريض للحد من خطر تعرضه لآثار جانبية خطيرة بعد اللجوء إلى العلاج.
الكلمات الدالة

اقرأ في النهار Premium