ثمة دراسات متراكمة مع توصيات متبانية، حول الكمية الأنسب لشرب المياه يومياً. وكذلك بات معروفاً أن تلك الكمية تعتمد على مجموعة عوامل كالنشاط البدني، الوزن، المكان الذي يعيش فيه وحالته الصحية ونوع الطعام الذي يتناوله. ويُشكّل نحو 50 إلى 70 في المئة من وزن الجسم ويعتبر المكون الأساسي فيه، وبالتالي لا بدّ من الحفاظ عليه عبر شرب السوائل لضمان عمل الخلايا وتوازنها، خصوصاً في أيام الحر.
وبوضوح، تشير موجات الحر القاتلة التي نشهدها في جميع أنحاء العالم إلى أن مناخنا يرتفع إلى مستويات خطيرة. ووفقاً لصحيفة " فاينانشيال تايمز" حذر مستشار الأمم المتحدة الخاص المعني بتغير المناخ سيلوين هارت من أن "موجة درجات الحرارة المرتفعة الأخيرة كانت "مجرد علامة على أشياء قادمة" ووصفها "بالقاتل الصامت".
كوكب يعاني السخونة وأجساد يضربها الإجهاد
وخلال السنة الجارية، خلص تقرير صادر عن برنامج "كوبرنيكوس" الأوروبي لمراقبة الأرض و"المنظمة العالمية للأرصاد الجوية"، إلى أن الوفيات المرتبطة بالطقس الحار في أوروبا ارتفعت بـ30 في المئة على مدى العقدين الماضيين، وحذر أيضاً من التأثير العميق للإجهاد الحراري على الصحة العامة.
وبين التحذيرات العلمية والطبية من الارتفاع المقلق لدرجات الحرارة من جهة وبين تطلع الناس الى إطفاء ظمئهم وتبريد أجسادهم في الطقس الحار، تتسابق الشركات الغذائية على عرض مجموعة متنوعة من السوائل والمشروبات المنعشة التي تزعم أنها ترطّب الجسم وتحفاظ على المعادن والفيتامينات وتسهم في تفادي الجفاف.
احتياجات الجسم للمياه تقابلها احتياجات الشركات لتلبية ما يريده المستهلك. ومع ازدياد الطلب، تتنوع الخيارات بين "مرطب" و"منعش" و"بديل صحي عن المياه" وغيرها. إنه صراع "الحاجة" للتخفيف من تأثير الحر وتفاعل الجسم بطريقة صحية مع العطش وترطيب الجسم.
أسئلة عن الماء والجفاف
هل لا يزال الماء هو أفضل مشروب خلال موجة الحر؟ أم يجب على الناس أن يلجأوا إلى المشروبات الرياضية بدلاً من ذلك؟ ماذا عن المشروبات الغازية والقهوة والبيرة، هل يُنصح بالاستمرار في شرب هذه المشروبات أثناء الطقس الحار جداً؟
وتحتوي المشروبات الرياضية الماء مع معادن متنوعة تشمل الصوديوم، البوتاسيوم، الكالسيوم، والمغنيسيوم، والغرض الرئيسي منها هو تعويض ما يفقده الجسم مع التعرّق. ويحتوي بعضها سكريات مضافة مثل الفركتوز، الجلوكوز، والسكروز.
لا يحتاج معظم الناس إلى مشروبات أخرى غير الماء. وينطبق ذلك بشكل عام على البالغين ممن يمارسون نشاطًا بدنيًا خفيفًا إلى متوسط، والأطفال ممن ينخرطون في الألعاب المتنوعة، فيما تتولى الأطعمة العادية إمدادهم بالمعادن التي يحتاجون إليها.
وحتى من يمارسون الرياضة لمدة لا تقل عن ساعة في الهواء الطلق في الطقس الحار، قد لا يحتاجون إلى المشروبات الرياضية لأنهم يحصلون على المعادن اللازمة من الطعام بشكل طبيعي.
وتتنوع الخيارات التي تُطرح لمنافسة المياه، ومن بينها مشروبات الطاقة. ولكن يشدد خبراء التغذية على ضرورة استخدامها بحذر عند البالغين، وحظرها على الأطفال.
رأي علمي يشدد على تنوع الخيارات
تنطلق اختصاصية التغذية ملاك دلباني في حديثها لـ"النهار" مما أشارت إليه المنظمة العالمية للصحة والتغذية حول ضرورة "إمداد الجسم بالسوائل على نحو كاف خلال فصل الصيف لأن الجسم، في ظل درجات الحرارة الشديدة، يفقد الكثير من السوائل عبر العرق، ما يزيد من خطر الإصابة بالجفاف. ويمكن الاستدلال على حاجة الجسم إلى الماء من خلال بعض العلامات مثل جفاف الفم والصداع والتعب والغثيان وغيرها.
لذلك ينبغي شرب ما لا يقل عن 1.5 ليتر من المياه يومياً، مع الإشارة إلى أن المياه المعدنية تتميّز بغناها بالمعادن مثل الكالسيوم والمغنيسيوم".
وتوضح دلباني أن العصائر غير المحلاة تحتوي على كمية عالية من الفيتامينات والألياف، لكن يجب الحذر من الكمية المستهلكة التي لا يجب أن تتعدى الكوبين يومياً. كما يُفضل تناول الفاكهة الطبيعية لأنها تحتوي على نسبة سكر أقل من العصائر ونسبة ألياف أكثر، مثل البطيخ الذي يحتوي 90% من المياه.
وكذلك تذكر بمشروبات مهمة على غرار:
* ماء جوز الهند
* النعناع المضاف إلى الماء
* اللبن
وتشدد دلباني على أهمية تناول الخضروات الطازجة التي تساعد على تخفيض حرارة الجسم في الصيف مثل الخيار والخس. في المقابل، من المهم جداً الابتعاد عن المأكولات والمشروبات التي تساعد على احتباس الماء والملح مثل المكسرات المحلاة، المعلبات، المخللات، البيض، الكافيين، بالإضافة إلى الملح.
نصيحة أخيرة: إحذر المبالغة
تنصح "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" بعدم شرب أكثر من 1.5 لتر من الماء أو السوائل الأخرى في الساعة. والسبب أن تناول كمية كبيرة من السوائل دفعة واحدة يمكن أن يخفف تركيز الأملاح في الدم ويكون غير آمن.